لعل ظهور حقيقة أزمة الماء بالمغرب دفعت جميع المهتمين بدق ناقوس الخطر، وطرحت معه أسئلة عدة تتمحور حول الماء والجفاف وأزمة الغذاء، سيما وان التحولات المناخية التي يعرفها العالم جعل كل الأقطار من مختلف القارات تتجمع في لقاءات تشاورية دولية لتشخيص الحالة المائية وتأثرها بالتحولات المناخية وتأثيرها السلبي على الفرشة المائية، وكدا ما هي الحلول الواجب اتخاذها في هذا الجانب.
وإذا كان آخر لقاء ل”مجموعة 7 ” حول العديد من القضايا وعلى رأسها معضلة الماء ، فان المغرب هو الآخر معني بذلك ، إذ عمد في العديد من المناسبات إلى اتخاذ إجراءات موسمية لا تحل أزمة الماء، التي كانت ولا زالت مستمرة إلى حدود 2022 ، حيث بدأت الحكومة مجبرة على تقاسم هذا الإشكال، مع باقي الفعاليات سواء منها الأكاديمية والمدنية أو الحقوقية نهاية بالقطاعات الوزارية المعنية، و التي يفترض أن تكون قد أعدت إستراتجية، تصب في معالجة هذه الآفة، والبحث عن حلول انية بتدبير وتوزيع مجالي ترابي، يضمن فيه للمواطنين الماء والغذاء.
وفي هذا الباب وتخليدا لليوم العالمي للبيئة ومكافحة التصحر والجفاف ، نظمت الجمعية المغربية للسياسات العمومية ومنتدى المواطنة ومختبر دينامية المجالات والمجتمعات بشراكة مع كلية العلوم والآداب والعلوم الإنسانية بالمحمدية ووزارة التجهيز والماء، يوما دراسيا حول السياسة والحكامة العمومية للماء ” شروط ومسؤوليات تنمية الحق في الماء وضمان الامن المائي” وذلك ” من اجل ميثاق وطني للحقوق المائية والغذائية”.
وتميز هذا اللقاء العلمي الذي قص شريطه كلمات افتتاحية لكل المؤسسات المنظمة لهذا اليوم الدراسي، كما تخللته تدخلات من خيرة الأساتذة المهتمين بالمجال وتبادل للأفكار بمعية نقاش عليم رصين و أسئلة قيمة، من طرف الطلبة والأساتذة الباحثين والفعاليات المدنية.
وفي هذا السياق تم طرح أسئلة حقيقية حول أزمة الماء بالمغرب، أي ان السياسة المائية بالمغرب اليوم، تحتاج الى تشخيص وتقييم حقيقي يدخل في صلب الفعل العمومي، وتسخير كل الإمكانات الثابتة والمتحركة لتجاوز معضلة حقيقة يعرفها المغرب حاليا وكدا مستقبلا.
كما ان الوضع الحالي لمعضلة الماء في المغرب هي نتيجة اضطراب مناخي تحول من مناخ متوسطي في مفهومه التقليدي الى مناخ صحراوي، الذي بحسب الدراسات العلمية انه صار هو الأصل فيما التساقطات هي الاستثناء، وبذلك هناك حاجة مسالة إلى السعي وراء تعزيز وتطوير الحوار الوطني، والنقاش العمومي حول شروط ومسؤوليات حماية حقوق الماء وضمان الامن المائي والغذائي، ومواصلة مختلف الفاعلين في صيانة وتدبير الموارد المائية واستعمالها واستدامتها.
وعرفت الجلسة الاولى التي تراسها الدكتور والعميد السابق ورئيس الجمعية المغربية للسياسات العمومية “جمال حطابي” مداخلات صبت كلها في “المرتكزات والالتزامات ثم الإمكانات والاكراهات وكدا المسؤوليات والآليات بمعية المكتسبات والتعثرات.
وعلق المتدخلون كذلك على ان اليوم سياسة الانتظارية المتعلقة بالتساقطات هي كلاسكية، بل ان الحلول الواقعية هي تفرض نفسها بالقيام بديبلوماسية مائية واستغلال دول الجوار في تحقيق الاكتفاء الذاتي لكل الدول التي هي في حاجة ماسة الى الماء. وهو ما تم الحديث عنه في المحور الثاني من هذا اليوم الدراسي.
اما الجزء الثاني من هذا التجمع العلمي الصرف، والذي ساهمت مكونات البحث العلمي في الرفع من منسوب النقاش الحقيقي لمعضلة الماء، تم هو الآخر تحت إشراف الدكتور جمال حطابي، والذي كان فيها المتدخلين يراهنون على استحضار “الشروط والمسؤوليات والآليات”
وركزت مواضيعالمحور الثانيمن اليوم الدراسي على العديد من النقاط الهامة المتعلقة أساسا بالشق القانوني كشرط أساسي لتدبير القطاع، أي وضع قوانين ملزمة للجميع تحدد فيها المسؤوليات كشرط للممارسة والمساءلة معا ، مرورا بتحقيق شروط العيش الكريم للمواطن باليات تكتسي طابع الشفافية والنزاهة، انتهاء بتنزيل حكامة مائية وسياسة قطاعية توفر الحد الأدنى من الحق في الماء.
ولعل شروط تدبير إشكالية المتغيرات المناخية وتموقع المغرب ضمن خريطة الدول التي تعيش على عتبة الفقر المائي،تجعل الدولة تضع في حسبانها البحث عن حلول آنية وفتح نقاش عمومي، بحيث كانت هناك تساؤلات حقيقية حول جدوى القوانين المنظمة لهذه المادة الحيوية، وهل بالفعل تحميها من الاستنزاف، علما أن كل الدول التي توجد ضمن خريطة الدول المهدد بالجفاف والتصحر.
ووضعت هذه الدول في حسبانها كيفية التغلب على أزمة الماء، وبالتالي القوانين الدولية للماء تعرف الواقع الحالي وتتجمع في مؤتمرات وقمم دولية للخروج من أزمة تلوح في الأفق. ويبقى أهم رهان في هذا الباب هو القيام بدبلوماسية مائية” استغلال الثروات المائية ببعض الدول الافريقية” كحل أساسي ودائم، في إطار وضعية المغرب الحالية في أفريقيا ، ولما لا القيام ببناء أنبوب مائي يجاور أنبوب الغاز الطبيعي القادم من نيجيريا، بحيث هذا الأجراء يقتضي إرادة سياسية قادرة على توفير الميزانية التي سيتطلبها هذا المشروع.