ألعاب المتوسط بوهران نجحت في تأجيل فتح التحقيق في حكم العسكر
كانت المخاوف من فشل تنظيمي تعذب أعلى السلطات في البلاد، عشية افتتاح الدورة التاسعة عشرة لألعاب البحر الأبيض المتوسط ، التي تقام في مدينة وهران الجزائرية في الفترة من 25 يونيو إلى 5 يوليوز. ويراهن كثيرًا العسكر الجزائري المتحكم في قصر المرادية على هذا الحدث الرياضي الدولي الكبير ،وهو الأول من نوعه الذي يتم تنظيمه في الجزائر منذ عقود. أولاً لاستعادة صورة البلاد التي شوهتها سلسلة من الانتكاسات السياسية والاقتصادية التي أعقبت الانتفاضة الشعبية في 22 فبراير 2019، ولكن أيضًا لمحاولة تشتيت انتباه شباب الجزائر الذي لا يرحم منذ إقصاء المنتخب الوطني لكرة القدم من المشاركة في كأس العالم 2022.
وفرضت على اللجنة المنظمة للألعاب أن تفعل كل ما في وسعها “لإنجاحها”، وأعلنت الدولة أنها لن تتسامح مع أية اختلالات وظيفية جديدة على أي مستوى، لأن مصداقية الدولة ومكانتها على المحك، حيث تبدأ خروجًا بطيئًا ومضنيًا من عزلتها الدولية، وهو ما تعهد به الرئيس شخصيًا في أبريل، حينما ترأس اجتماعاً لتقييم الاستعدادات النهائية، وحبن استقباله لرئيس اللجنة المنظمة. وللقيام بذلك، قامت الحكومة بإنشاء بنى تحتية رياضية جديدة في وهران تم النفخ في ميزانياتها وتطوير العديد من المواقع السياحية في عاصمة غرب الجزائر، بهدف استقبال أكثر من 5000 مشارك، بينهم 3434 رياضيًا، يهيمن عليهم الإيطاليون (565)، يليهم الفرنسيون (496). وقامت عدة دول بالاتصال باللجنة المنظمة لهذه الألعاب، بحسب أصداء الصحافة الجزائرية الحرة غير التابعة للعسكر الجزائري وأجهزته، للتأكد من ظروف الإقامة والأمن. خاصة وأن وجود شبكات قوية في الغرب الجزائري تبيع لحوم الحمير والقطط على صلة بالسلطات العليا، يثير مخاوف بشأن صحة الرياضيين.
فضيحة الترجمة تُطيح بصحافي معروف
حدث الفشل الأول للنسخة الجزائرية للألعاب الألمبية، بعد إقالة المسؤول الإعلامي للألعاب، الصحفي الرياضي السابق بالتلفزة الجزائرية مراد بوطاجين، في 3 يونيو بسبب ما قيل عن عدم توفيره مترجمين لمرافقة الوفود الأجنبية التي جاءت لحضور عملية سحب القرعة. وبدا أن مراد بوطاجين دفع ثمن فضيحة لا علاقة له بها، حينما لم ترد السلطات الرسمية على ما نشرته شبكات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، حول الملصق الرسمي للنسخة العشرين من ألعاب البحر الأبيض المتوسط، والذي تم تقديمه في 23 ماي للصحافة وتبين أنه مجرد انتحال ضعيف. وبالفعل، ووفقًا للضيوف الحاضرين في عملية سحب القرعة، الذين قدموا من بلدان متوسطية مختلفة، فإن “المنظمين الجزائريين لا يتحدثون أي لغة أخرى غير العربية. وهو ما سبب مشكلة اتصال حقيقية للوفود الأجنبية”. ولم تتوقف الفضيحة عند هذا الحد، وفقًا للمصدر نفسه، بل حتى الترجمة الفورية أثناء كانت “غير مفهومة”، ولا يتقن المترجمون الفرنسية أو الإنجليزية.
وصمة عار على الإنسانية والألعاب الأولمبية
تتابعت ردود الأفعال الغاضبة داخل عدة وفود رياضية، عشية افتتاح دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي تحتضنها وهران الجزائرية. وتأثر المؤرخ والخبير السياسي الإسباني، بيدرو ألتاميرانو، بطريقة خاصة مع الصور التي وصلته من الجزائر، حول ظروف الإقامة والتدرب بالنسبة للوفد الإسباني المشارك في دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط “وهران 2022″، والمتمثل في “276 رياضي”.
ونشر ألتاميرانو ردًا على “أكاذيب المنظمين”: “اللجنة الأولمبية الإسبانية ووزارتي الرياضة والخارجية على علم بالظروف الرديئة التي يُقيم فيها الرياضيون الإسبان الذين يشاركون في دورة وهران 2022 بالجزائر. إنه عار لا يُطاق”.
وأضاف “أيها الكاذبون. أنتم وصمة عار على الإنسانية والألعاب الأولمبية. سأكشف أكاذيبكم حتى تختفي داخل النظام العسكري”.
ونقل عن أحد الرياضيين الإسبان حول ظروف الإقامة بوهران: “اللجنة الأولمبية الإسبانية نصحتنا بعدم الخروج إلى المدينة من أجل سلامتنا”.
هوس التواصل يجلب “بي إن سبور” القطرية و”هواوي” الصينية
كان الهوس الحقيقي للسلطات الجزائرية هو التواصل. وإدراكًا منها لقلة الخبرة، في تغطية أفضل، ولا سيما إعادة إرسال الأحداث المختلفة لهذه الألعاب. انجذب الجزائريون إلى براعة القطريين خلال كأس العرب الأخيرة، التي نظمت في الدوحة في نونبر ودجنبر 2021، وفاز بها المنتخب الجزائري. تم توقيع اتفاقية في الجزائر العاصمة في 18 فبراير 2022 للمصادقة على تعاون دائم مع الشبكة الإعلامية القطرية قناة “بي إن سبور” التي قاطعتها الجزائر منذ فترة طويلة. ودعت الحكومة الجزائرية في هذه العملية أيضًا، خدمات شركة الهاتف المحمول الصينية العملاقة “هواوي”، التي تم توقيع اتفاقية شراكة معها في 10 يونيو، لا سيما لتوريد المعدات التكنولوجية لألعاب البحر الأبيض المتوسط. كما شاركت شركة الهاتف العمومية الجزائرية “موبيليس”، من خلال إنشاء مركز تقني مسؤول عن مراقبة جودة شبكة الهاتف المحمول خلال هذه الألعاب.
تسمم غذائي في ألعاب البحر الأبيض المتوسط بالجزائر
تعرض رياضيون في فضيحة جديدة بالجزائر، لتسمم غذائي ما حرمهم من المشاركة في مبارياتهم الإقصائية ضمن ألعاب البحر الأبيض المتوسط.
وبعد تشكي الرياضيين المشاركين في الدورة 19 لالعاب البحر الابيض المتوسط بالجزائر من الاقامة التي لاتليق تعرض الملاكم الكرواتي بيتر كنيزيفتش 19 عاما إلى تسمم غذائي في وهران الشىء الذي اجبره التخلي عن مبارة ثمن نهائي فئة وزن 75 كلغ.
وأصيبت الملاكمة الكرواتية نيكولينا تشاتشيتش بتسمم غذائي ومن غير المستبعد حسب اعلام بلدها أن لاتخوض نزال ربع النهائي في فئة 54 كغ ضد بطلة الجبل الأسود بوجانا جويكوفيتش الثلاثاء المنصرم.
معركة سياسية بين العسكر والمعارضة الشعبية
تنظيم هذا الحدث الرياضي في الجزائر عرف نشاطا كبيرا على الصعيد السياسي لجميع المدونين والمؤثرين المعارضين للسلطة، وعلى رأسهم الدبلوماسي السابق الذي لجأ إلى لندن العربي زيتوت، الذي قام في تسجيل فيديو صدر يوم 5 يونيو يدعو صراحة إلى إفشال هذه الألعاب. وبحسب قوله، فإن السلطة تنوي استخدام الحدث للقول أن ” كل شيء على ما يرام ” في الجزائر، “بينما لا شيء يسير على ما يرام! “، على حد قوله. وخطط العربي زيتوت، القيادي في حركة رشاد الإسلامية المصنفة من قبل الجزائر على أنها منظمة إرهابية، لمقاطعة عدة وفود أجنبية.
واشتبهت كعادتها الحكومة الجزائرية في أن يكون المغرب مرة أخرى وراء مؤامرة كبيرة تهدف إلى إفشال هذا الحدث الكبير الذي تنظمه، واتهم المبعوث الخاص المكلف بمسألة الصحراء المغربية ودول المغرب العربي في بيان بتاريخ 8 يونيو بتشويه صورة الجزائر ومحاولة الإضرار بعملها الدولي. بينما الحقيقة الساطعة قدمها الأكاديمي الهواري عدي في تحليله الأكثر دقة ونقدًا، عندما أوضح أن “النظام الجزائري يريد استعادة صورته في الخارج بعد أن لطخها الحراك الشعبي واعتقال مخالفيه السياسين.. فإذا نجح في تنظيم الألعاب، فمن المؤكد أنه سينمو منها، في الداخل والخارج. ولكن إذا كان الفشل ذريعًا، فسوف تتدحرج الرؤوس”.
وكانت ألعاب البحر الأبيض المتوسط في وهران قد اهتزت بفضيحة ضخمة حتى قبل بدايتها، خلال افتتاح أحد الملاعب التي كانت ستستضيف مباريات المسابقة، حيث تسبب مشهد غير مألوف في فضيحة كبيرة، حين عرض في مواقع التواصل الإجتماعي شريط فيديو عرف تفاعلا جد كبير لإقتحام عدد كثير من الناس لأرضية الملعب.
الملصق الجزائري للألعاب مسروق من ملصق فرنسي
“لم يكسروا رؤوسهم” بمعنى لم يُشغلوا أدمغتهم، هذا ما كتبه المخرج الجزائري بشير إدريس على صفحته في “فيسبوك” الأربعاء 25 ماي، معلقا على الانتحال الفاضح لملصق ألعاب البحر الأبيض المتوسط في وهران. في الواقع ، تبين أن هذا الأخير مجرد نسخة مبتذلة من ملصق ترويجي للرياضة في غيانا الفرنسية.
وكان من الممكن لمثل هذا الحدث المهم، فتح المجال لصالح المصممين الشباب أو مصممي الجرافيك أو غيرهم لتشجيع الموهوبين منهم، كتبت الصحافية الجزائرية منى بكيس، وأضافت أن “هذا دون الأخذ بعين الاعتبار الرداءة الشهيرة للمسؤولين في مناصبهم وفي جميع مجالات الإدارة في البلاد”، كما تم منع أي أثر للغة الأمازيغية من هذا الملصق المكتوب بالكامل بالعربية، مما دل على رغبة حقيقية في إنكار هذه اللغة، والتي رغم ذلك مدرجة في الدستور الجزائري كلغة وطنية.
حجب خريطة المغرب في حفل افتتاح دورة وهران 2022
حجبت اللجنة المنظمة الجزائرية لدورة ألعاب البحر المتوسط خريطة المغرب في حفل افتتاح الدورة مساء اليوم السبت 25 يونيو، وذلك عند عرض خريطة ضخمة على الملعب الأولمبي لدول حوض البحر المتوسط لم تشمل المغرب.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورة تم التقاطها من أعلى الملعب الأولمبي بمدينة وهران خلال الحفل الافتتاحي للدورة، شهدت غياب خريطة المغرب، حيث حل الظلام على الجزء الغربي من الخريطة.
وظهرت في الخريطة دول مثل مصر وفلسطين ولبنان وإيطاليا واليونان وتركيا ومالطا وفرنسا وتونس وليبيا وقبرص. وحاولت اللجنة المنظمة تبرير موقفها بعدم وجود مساحة كافية لعرض الخريطة كاملة بواسطة تقنية الهولجرام، الأمر الذي أدى إلى غياب خريطة إسبانيا والبرتغال بالاضافة إلى المغرب.