العراقيون حينما يندبون حظهم لأنهم سيئو الحظ يقولون ( حظيظان ) ، وأحيانا يلعنون حظهم حينما لاتتحقق أمانيهم باستمرار فيرددون ( هذا حظيظان ، …..بحظيظان ، آني مثل حظيظان ، شبيك ياحظيظان ، حظك مثل حظيظان ).
أما قصة حظيظان كما تتناقل فتتحدث عن صياد سمك لم يفلح أبدا بصيد نوعي أو كمي على خلاف أقرانه ، حتى شاعت أخباره وأصبح مضربا للأمثال في سوء الحظ والنحس. وذات يوم سمع الملك من وزيره بهذا الرجل فطلب احضاره وهناك قال له : سأمنع الصيد غدا وتكون الوحيد الذي يصطاد وأي شيء تتمكن من صيده حتى ولوكان غير سمك ساعطيك ماوزنه ذهب وسترى .
بالفعل تجمهر الناس وحراس الملك في الوقت المحدد وهم يراقبون ( حظيظان ) وكان في كل مرة لايتمكن من اصطياد أي شيء حتى حل المساء فحاول الحراس اقتياده للقصر لكنه توسل بهم أملا في منحه فرصة ، ثم استطاع أخيرا من اخراج خشبة كبيرة الحجم ثقيلة الوزن مثقوبة من وسطها بواسطة سنارة صيده ،فتم اقتياده الى الملك . وهناك نظر الأخير إليه مليا وقال : انا وعدتك بأن أعطيك ماوزنه ذهبا فهاتوا له الذهب ، وبعد احضاره فوجئوا أنهم كلما يقومون بكيل الذهب يشير المكيال الى طلب المزيد حتى نضبت خزانة القصر، في حين يصر ويفصح ( حظيظان) عن رغبته في الكثير. التفت الملك الى وزيره وقال له لقد ورطتني بهذا الرجل الطماع وعليك ان تخرجني من هذا المأزق. ولم تفلح محاولات الوزير مع الصياد فاضطر الى الاستعانة باحد الحكماء الذي حضر وتمعن في الخشبة ثم قال : هذه العظم نصف جمجمة انسان والثقب الكبير فيها هوعين انسان ولاتملأ الا بالتراب . فرح الملك والوزير واستعادوا كل الذهب ، بينما نظرالحكيم الى المغرور مؤنبا اياه بالقول : جاءك الحظ مرة واحدة وحصلت مالم يحصل عليه بشر قط من الذهب ، لكن طمعك أضاع عليك كل شيء فخذ ( تراباتك ) وامض . وهكذا خرج ( حظيظان ) بخفي حنين نادما بعد ان أضاع ( الصاية والصرماية )!!.
بعض ساستنا من الحاكمين والمتنفذين يذكروننا بـ ( حظيظان ) من حيث الجشع و الطمع ، مع فارق انهم ملأوا بطونهم بالسحت الحرام حتى بانت كروشهم . فطيلة عقدين من السنين ماإنفكوا ينهبون و(يلهفون) بما تجود به أرض العراق في باطنها وخارجها ومع ذلك كأنهم في اليوم الأول من (الفرهود )، الذي أخذ أشكالا مختلفة، بل وأدخلوا الرقمنة عليها وأصبحت تطبق التحول الرقمي في سرعة وطريقة ( الشفط ) ، في حين ماتزال أحوال البلاد تراوح في مكانها.
خذ مثلا قبل بضعة أيام طالعتنا الأخبار ” وزارة التخطيط العراقية تعلن إحصائية القوى العاملة : 16.5 نسبة البطالة في البلاد”!ّ!. بربكم عشرون عاما تحكمون ونسبة البطالة بهذه النسبة المرتفعة!!. أين مشاريعكم ، اين مصانعكم ، أين استثماراتكم ، أين وأين ؟!.
وحينما تدير المذياع أو تراقب أحد القنوات الفضائية عراقية أو عربية تحزنك العناوين: ( اغتيال فلان ، قتل أمه وأبوه ، ذبحت ابن شقيقها نكاية بأمه ، خطف ابن شقيقته وقتله طمعا بالمال ، تزوجها الخميس وطلقها الجمعة ، ابتزاز ، ادخال مخدرات ، تهريب حنطة وسيارات ، نفوق أسماك في أحواضها بالكامل ، حرق محاصيل زراعيةً، غسيل أموال وطيحان حظ، سفسطة ولغوة وحوار طرشان واتفاق على عدم الاتفاق ، لص من دولة أجنبية يسرق 90 هاتفا خلويا – على أساس احنه ناقصين حرامية ، أبوفرهود سافر لأداء الحج لتبييض أمواله ..أقصد لتبييض ذنوبه ، ، عواصف ، غبار ورمال ، شح مياه وتصحر وجفاف ، فيضان ، هزة أرضية ، هزة شرقية ، انقطاع تام للتيارالكهربائي ، قطع طرق ، ادخال مخدرات ، مثليين ، زنا محارم، كورونا ، جدري القرود، حمى النزفية ، حمى الطراكيع، حامض حلو ، أزبري، عالوجة ..الخ ).
اللهم ارفع غضبك ومقتك عنا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا .. اللهم نرجوك ونتضرع اليك كما ناشدك موسى عليه الصلاة والسلام “أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ”. ربنا مسنا الضر وأنت أرحم الراحمين.