المغرب يعد قانونا لتنظيم تداول العملات المشفرة
عاد موضوع تداول العملات المشفرة وبقوة إلى الساحة المحلية، لا سيما بعد قرار المنع الصادر عن مكتب الصرف وتوالي المتابعات القضائية للأشخاص الذين تبث تعاملهم بهذه العملات الافتراضية، غير أن السياق العالمي وأزمة كورونا فرضا على الساهرين على الشأن الاقتصادي بالمغرب ضرورة التعاطي مع هذا الموضوع، ووضع إطار قانوني ينظم ويحمي مصالح الفاعلين فيه.
وأفرز النقاش الدائر توجهين، الأول يعارض بشدة تضييق مجال العمل واستثمار الأموال على المنصات الإلكترونية، أولا لأن الحرية كمبدأ عام في الرأسمالية تفرض ذلك، ثانيا لأنه وإذا كان قرار منع تداول هذه العملات استند إلى مكافحة جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، فإن الوسيلة الأولى لارتكاب هذه الجرائم هي العملات التقليدية، ومع ذلك لم يتم منعها.
ويقر التوجه الثاني بـ”أهمية وراهنية تداول العملات المشفرة، لكنه بالمقابل يراعي حساسية الموضوع وخطورته على الاقتصاد الوطني، فعلى الذي يريد التعامل مع هذا الموضوع أن يستحضر أن له علاقة مباشرة مع قوانين أساسية، وعلى سبيل المثال قانون 12.103 المتعلق بمؤسسات الائتمان، وقانون حماية المستهلك، والمدونة العامة للضرائب، ومدونة الجمارك والضرائب غير المباشرة، وقانون الالتزامات والعقود، والقانون الجنائي، وبالتالي ليس من السهل بتاتا التعامل مع الموضوع ويجب أن يأخذ كل الزمن الذي ينبغي لمناقشته.
وينبغي القول من الجانب التشريعي بخصوص تداول العملات المشفرة، أن قانون الالتزامات والعقود وضع المبادئ العامة، ومن جهة أخرى فالمبدأ العام هو أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، وأن الأصل في الأشياء الإباحة، فضلا عن أن الفصل 339 من القانون الجنائي لا يتعلق بالعملات الافتراضية، أولا لأنه حينما وضع هذا الفصل لم يكن للعملات الافتراضية وجود، ثم إن سياق الفصول السابقة واللاحقة تؤكد بشكل قاطع أن المقصود هو العملات الحقيقية لا الافتراضية.
وكان بنك المغرب ووزارة الاقتصاد والمالية والهيئة المغربية لسوق الرساميل، قد أثارت انتباه المواطنين إلى المخاطر المرتبطة باستخدام العملات الافتراضية، لا سيما وسط غياب أي حماية للمستهلك وتقلبات أسعار صرف هذه العملات مقابل عملة قانونية، بالإضافة إلى استخدامها لأغراض غير مشروعة أو إجرامية، لا سيما غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأعلن في نفس السياق، والي بنك المغرب عبد اللطيف الجواهري، أن مشروع قانون بشأن تنظيم استعمال العملات المشفرة سيرى النور قريبا، بعدما ظل استعمالها محظورا ومخالفا للقوانين المحلية.
وصرح والي بنك المغرب أنه “سيتم أخذ العديد من الجوانب بعين الاعتبار عند صياغة هذا القانون، لا سيما التجارب العالمية في هذا المجال”، مشيرا إلى “أعمال مقارنة جارية مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لإجراء المشاورات اللازمة بهذا الشأن”.
وجاء قرار بنك المغرب ليضع حدا لتحذيرات متوالية من مؤسسات حكومية من هذه العملات، التي يصعب تحديد قيمتها وتتبع مسارها.
وكان مكتب الصرف المغربي التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، أن أصدر في فبراير 2021، دورية تمنع التعامل بالعملات الرقمية لخطورتها، و”لأن ذلك يشكل مخالفة للقوانين الجاري بها العمل، ويعرض مرتكبيها للعقوبات والغرامات”.
ويُشار إلى أن عملة “بتكوين” وهي الأكثر شهرة من بين العملات المشفرة، تتأرجح بالقرب من المستوى الرئيسي البالغ 20 ألف دولار.
وانخفض البيتكوين، الذي فقد 57 بالمئة من قيمته هذا العام، و37 بالمئة في يونيو الماضي وحده، إلى أقل من 20 ألف دولار بداية يوليوز، للمرة الأولى منذ دجنبر 2020.
ويأتي هذا التراجع في أعقاب الصعوبات التي يواجهها العديد من الفاعلين الرئيسيين في الصناعة، في حين أن المزيد من الانخفاضات قد يكون لها تأثير كبير، حيث يضطر بعض مستثمري العملات المشفرة إلى بيع ممتلكاتهم لتلبية طلبات الهامش وتغطية الخسائر.