العطش يهدد المغرب والحل في تحلية مياه البحر
أعلن المغرب عن إطلاق حملة تواصلية واسعة النطاق للتوعية بضرورة الحد من تبذير الماء، بالنظر لحساسية الوضع الحالي، خاصة مع موجة الجفاف الأشد التي يشهدها المغرب منذ ثلاثة عقود.
وجاءت هذه الحملة بالتزامن مع إعلان وزارة التجهيز والماء المغربية حالة “الطوارئ المائية” في مواجهة موجة الجفاف غير المسبوقة التي يعرفها المغرب، والتي بدأت تثير المخاوف من نقص حاد في المياه خصوصا خلال صيف هذا العام.
وذكرت الوزارة أنه في الوقت الذي تتناقص فيه الموارد المائية على مستوى المملكة، يعرف منحى استهلاك المياه ارتفاعا متزايدا، داعية المواطنين للإحجام عن ممارسة أي شكل من أشكال التبذير حفاظا على الموارد الحالية من المياه وضمانا للتوزيع العادل لهذه المادة الحيوية.
وكانت آثار الجفاف تقتصر عموما على المناطق القروية وتترك انعكاسات على القطاع الزراعي، غير أن موجة الجفاف التي شهدها المغرب هذا العام امتدت إلى معظم المناطق والجهات، مما بات ينذر بمواجهة “شبح العطش” في فترة الصيف.
وعرفت نسبة ملئ السدود تراجعا ملحوظا مقارنة مع السنوات الماضية، حيث بلغت إلى غاية شهر مايو 34.4 في المائة، بينما قدرت بـ 51.2 في المائة خلال نفس الفترة من العام الماضي.
ندرة الماء وترشيد استهلاكه
وتهدف الحملة التي أطلقها المغرب للتوعية بأهمية ترشيد استهلاك الماء بين مختلف شرائح المجتمع، سواء في المدن أو القرى، وشملت أيضا الفلاحين، عبر فقرات توعوية يتم عرضها في القنوات العمومية وشبكات التواصل الاجتماعي.
وتقوم الحملة المتواصلة على مدى شهرين، بعرض شهادات لمواطنين مغاربة تلخص حجم معاناتهم في مواجهة معضلة نقص الماء، وما لذلك من انعكاس على حياتهم اليومية.
وصرح فاعل جمعوي في منطقة طاطا التي تعتبر من المناطق الأكثر تضررا من موجة الجفاف، أن عدد من المناطق في طاطا تعاني من نقص حاد في المياه مقارنة بالسنوات الماضية، وهو ما ينعكس جليا على حياة السكان.
وترجع الأسباب وراء شح المياه، إلى تضاءل كميات التساقطات المطرية وتوالي أعوام الجفاف، إلى جانب انتشار بعض الزراعات الدخيلة على المنطقة، كالبطيخ الأحمر الذي يستنزف على حد قوله كميات كبيرة من مياه السقي والتي باتت تضعف الفرشة المائية في المنطقة.
وتم التشديد على الأهمية التي تكتسيها الحملات التي تندرج في إطار معالجة إشكالية ندرة الماء وترشيد استهلاكه واستعمالاته المنزلية أو الفلاحية، سواء تعلق الأمر بالحملات التي تطلقها الحكومة أو تلك التي تقودها فعاليات المجتمع المدني.
وضعية مقلقة بسبب ندرة الماء في الصيف
وحذر العديد من المختصين في المجال البيئي من المخاطر الناجمة عن ندرة المياه والإجهاد المائي الذي تعيشه المملكة، بسبب التغيرات المناخية.
ويعتبر خبير في مجال التنمية المستدامة والمناخ، أن إعلان المغرب عن حالة الطوارئ الصحية يؤكد حساسية الوضع الحالي، في الإشارة إلى نسبة ملئ السدود بلغت حوالي 34 في المائة وهو رقم متدني يدعو للقلق.
وجفت العديد من الآبار المملوكة لمواطنين في مناطق نائية مختلفة في المملكة، مما أثر بشكل واضح على عملية التزود بالماء الصالح للشرب خلال الفترة الصيفية التي يصل فيها استهلاك المياه ذروته.
ولاحتواء الآثار الوخيمة للجفاف على المغرب وفي ظل المؤشرات السلبية المرتبطة بندرة المياه خلال الموسم الحالي، شدد الخبير البيئي، على ضرورة تظافر الجهود من قبل الجميع لتخطى هذه الظرفية الصعبة.
ولفت إلى أهمية الحملة الواسعة التي أطلقها المغرب لتوعية المواطنات والمواطنين بضرورة الحفاظ على الماء في ظل الوضعية المقلقة الناجمة عن ندرة الماء بالتزامن مع الفترة
الصيفية والتي يزداد فيها الاستهلاك والطلب على هذه المادة.
كما لفت إلى حجم الأضرار التي تطال قطاعات اقتصادية حيوية بفضل الوضع الحالي، والتي تأتي على رأسها الفلاحة وإنتاج الطاقة الكهربائية الموجهة للمنشآت الصناعية في المملكة.
الحل تحلية مياه البحر
وتعتبر تحلية مياه البحر من بين الحلول التي يطرحها المغرب في مواجهة إشكال ندرة المياه، في ظل التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف وما يشكله ذلك من تهديد لأمنه المائي.
ويضم المغرب الذي يتوفر على 3500 كيلومتر من الواجهة البحرية، عدد من محطات تحلية المياه موزعة على مدن عديدة من بينها العيون وبوجدور وطانطان ومركز أخنفير، إلى جانب محطة أكادير التي تعتبر من ضمن أكبر المشاريع في إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، بسعة 275 ألف متر مكعب في اليوم في مرحلة أولى.
كما أعلن المغرب عن مشروع لإنجاز محطة تحلية المياه بمدينة الدار البيضاء، هي الأكبر على مستوى القارة الإفريقية، حيث يتوقع أن تصل طاقة هذه المحطة إلى 300 مليون متر مكعب في اليوم.
ويرتقب أن تتجاوز مشاريع إنجاز محطات تحلية المياه 20 محطة، تشتغل أيضا على بناء السدود لتجميع كميات أكبر من المياه خلال فترة التساقطات المطرية، وذلك في إطار البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027.