أسباب وتداعيات تراجع اليورو مقابل الدولار
ولَّد تراجع العملة الأوروبية الموحدة مقابل العملة الأمريكية انعكاسات خطيرة وارتدادات عديدة على الاقتصاد الأوروبي وعلى التضخم والقدرة الشرائية للمواطن، حيث تراجعت قيمة اليورو مؤخرًا لتبلغ ما يعادل دولارًا واحدًا في مستوى لم يسجل منذ طرحت العملة الموحدة في التداول قبل 20 عامًا.
فقد تراجع سعر صرف اليورو بنسبة تفوق 0,7%، في وقت تعزز فيه سعر الدولار بسبب وضعيته باعتباره ملاذًا آمنًا مع رفع أسعار الفائدة الأميركية، ووفقًا لبيانات موقع “بلومبيرغ”.
ولعب الهجوم الروسي على أوكرانيا وما أججه من ارتفاع حاد في أسعار الطاقة والمحروقات المرتبطة بالدولار دورًا رئيسيًا في هذا التراجع القياسي لليورو مقابل الدولار، خاصة في ظل الانكماش الاقتصادي وارتفاع نسبة التضخم في منطقة اليورو إلى أكثر من 5%، مع بداية العام الحالي وهي أعلى نسبة في القارة الأوروبية منذ 30 عامًا.
وتزايدت المخاوف من تطور الانكماش والركود الاقتصادي في ظل ارتفاع التضخم وتزايد عدم اليقين بشأن استمرار إمدادات الغاز الروسي، وأصبح الوضع دقيقًا جدًا للدول الأوروبية باعتبار أن قرابة 50% من واردات هذه الدول مقومة بالدولار.
وذكر خبراء اقتصاد، أن من بين أسباب تراجع اليورو هو التباطؤ الاقتصادي، والوضع الاقتصادي السيئ الذي تعيشه منطقة اليورو في الآونة الأخيرة، لافتين إلى أنه من المتوقع أن يتراجع النمو الاقتصادي إلى 2,7% هذا العام من 4% متوقعة في بداية العام. كما أن المشاكل السياسية التي تعاني منها الدول الأوروبية على غرار إيطاليا وفرنسا وإسبانيا أدت أيضًا إلى تراجع اليورو، كما أن المشكلات السياسية في بريطانيا أثرت أيضًا على معدل صرف الجنيه الإسترليني. وكذلك وضع الدولار الأميركي عالميًا كملاذ آمن للاستثمارات في حالة وجود عدم اليقين الذي وصل إلى مستويات مرتفعة جدًا في أوروبا جرّاء الحرب في أوكرانيا.
ويعتبر الوضع الاقتصادي في أوروبا سيئ جدًا، وأن تراجع اليورو يعني ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والسلع الأخرى، مما يرفع من مستوى التضخم، كما ستشهد السندات المطروحة بالدولار الأميركي ارتفاعًا كبيرًا، بالإضافة إلى مشكلة ديون ستواجهها الدول الأوربية في المستقبل، فضلًا عن مواجهة العديد من اقتصادات دول العالم عجزًا تجاريًا أعمق مع الدول الأوروبية.
ويتواجد البنك المركزي الأوروبي في مأزق، كما أنه مضطر للاستجابة لزيادة معدلات الفائدة، ومن المتوقع أن يقوم بهذه الخطوة في أواخر يوليوز الحالي من خلال رفع الفائدة بحوالي نصف نقطة مئوية.