يعرف العالم بأسره مشاكل اقتصادية جمة، من تداعيات أزمة الظاهرة الفيروسية إلى الحرب الروسية الأوكرانية مرورا بمشاكل اقتصادية تعصف بالإقتصادات العالمية. والمغرب لا يشكل استثناء حيث تضرر اقتصاده بشكل كبير جراء ارتفاع أسعار المحروقات في السوق العالمي، مما نتج عنه غلاء المواد الأساسية، الأمر الذي أتقل كاهل المواطنين، وخصوصا الطبقات المتوسطة والهشة.
إلا أن غلاء الأسعار واكبه صمت حكومي رهيب، كما يرى المراقبون، ولم تقم الحكومة لحد الآن بأي إجراء يخفف من غلاء أسعار المواد الأساسية خصوصا مع انخفاض أسعار المحروقات في السوق العالمي إلى أقل من 95 دولار للبرميل.
في هذا السياق يرى هشام برجاوي أستاذ القانون بمراكش “أن تزامن تنصيب الأغلبية الحكومية الجديدة مع تحولات دولية مؤثرة وغائرة، من أبرزها النزاع المسلح الدائر بين روسيا وأوكرانيا وتداعيات وباء “كوفيد 19″ وكذا التحول المناخي، وهي أزمات أنتجت ارتدادات اقتصادية واجتماعية ثقيلة، لم تسلم منها حتى أعتى المنظومات الاقتصادية (الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد الأوروبي) حيث بلغت معدلات التضخم مستويات قياسية.”
فالمشكل ليس وطنيا ولا إقليميا، بل أزمة اقتصادية عالمية، وجب معها التعامل بشكل عقلاني ودكي من طرف الأغلبية الحكومية، حتى لا يستمر هذا الاحتقان الاجتماعي الذي يدعو إلى ضرورة التخفيف من تبعات الأزمة على الحالة المعيشية للمواطن البسيط الذي تضرر بشكل كبير.
وأمام هذا الوضع الحرج، يرى الأستاذ برجاوي “أن الحاجة أصبحت ملحة لتفعيل دور الدولة في توزيع الثروة، والتخفيف من ارتفاع أسعار المنتوجات الاستهلاكية الأساسية، ومواصلة أجرأة شعار “الدولة الاجتماعية” الذي يعتبر العمود الفقري للبرنامج الحكومي، خصوصا بعد مخرجات الحوار الاجتماعي المنجز مع النقابات خلال أبريل 2022 ومراجعة منظومة التغطية الصحية والمنظومة الضريبية.”
صمت الحكومة وعدم تجاوبها مع مطالب المجتمع يطرح أكثر من سؤال، خصوصا مع انخفاض سعر البترول، وعدم انخفاضه في محطات الوقود التي وصل بها لأكثر من 16 درهم للتر الواحد، في حين يناشد المجتمع من خلال حملات على مواقع التواصل الاجتماعي بأن ينخفض ثمن اللتر الواحد إلى 8 دراهم للتر كما كان قبل الجائحة، حين كان ثمن البرميل 95 دولارا.
في خضم هذا السجال الطويل بين مطالب المجتمع والحكومة، تغيب المعارضة، ولا نسمع عنها إلا خرجات وشعارات وانتقادات للأداء الحكومي دون طرح حلول، تغيب عن دورها الحقيقي، في ممارسة حقها الدستوري والضغط على الحكومة، وطرح بدائل وإيجاد حلول للمشاكل التي يتخبط فيها المجتمع اليوم.
أكيد هناك تساؤلات وتدخلات فرق برلمانية ونقاشات بقبة البرلمان، لكنها تضل قاصرة عن الوصول لحلول واقعية تنهي معاناة الطبقات الفقيرة، وأيضا الطبقات المتوسطة التي تضررت بدورها من جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وردا على سؤال عن دور المعارضة يضيف أستاذ القانون، ” أن الحاجة ضرورية لمعارضة برلمانية مؤهلة لأداء دورها الدستوري في النقد والرقابة دون مزايدات قد تساهم في خلق خطاب سياسي انفعالي وغير منتج، وفي إضعاف مؤسسات الوساطة الاجتماعية.”