يُعد الانفتاح على المغرب في صلب تجديد الآلية الاستشرافية للتحالفات العسكرية التي تعتمدها إسرائيل في الآونة الأخيرة. وبالنسبة للمغرب فالمصلحة العليا تبقى للوطن، وأي تحالف استراتيجي يعتمد مقاربة السبق، دون إغفال أهمية استيعاب التغيرات التي تطرأ على السياسة الدولية.وإسرائيل هي من تبحث عن المغرب كحليف استراتيجي، دون أن ننسى مدى القوة والتطور العسكري الإسرائيلي الذي سيدفع بتبادل الخبرات بين الجيش المغربي والجيش الإسرائيلي.
ووصل رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، 18 يوليوز إلى المغرب، في زيارة هي الأولى له للمملكة تستمر لثلاثة أيام، وصفها الجيش الإسرائيلي والصحافة الإسرائيلية بالتاريخية.
ويرافق كوخافي، خلال الزيارة رئيس شعبة العلاقات الخارجية العميد إفي دفرين ورئيس قسم البحوث العميد أميت سار نائب رئيس الأركان اللواء رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، إذ ينتظر أن يلتقيا كبار مسؤولي المؤسسة العسكرية والأمنية المغربية.
استهل رئيس الأركان الجنرال أفيف كوخافي زيارته الرسمية الى المملكة المغربية ببزيارة ضريح الملك محمد الخامس وقبر الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراهما، ووضع إكليلا من الزهور نيابة عن جيش الدفاع ودولة إسرائيل وكتب في كتاب الزوار.
واستقبل حرس الشرف رئيس الأركان العامة للجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي في مقر قيادة القوات المسلحة الملكية في الرباط. وقاد حرس الشرف المفتش العام للقوات المسلحة الملكية وعدد من كبار المسؤولين العسكريين المغاربة.
وبدأ كوخافي أنشطته الرسمية باجتماعات مع المفتش العام للقوات المسلحة الملكية، قائد المنطقة الجنوبية الجنرال الفاروق بلخير، والوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني عبد اللطيف لوديي.
وكان رئيس المكتب الإسرائيلي لدى المغرب، ديفيد غوفرين، أعلن، في تغريدة على “تويتر” أن زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي تشكل “خطوة إضافية، وذلك بعد زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي في نونبر الماضي”.
ووقَّع حينذاك بني غانتس اتفاقيات أمنية في الرباط مع الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع المغربي، يحدد التعاون الأمني بين البلدين “بمختلف أشكاله”، في مواجهة “التهديدات والتحديات التي تعرفها المنطقة”. وفي حفل التوقيع، أعرب وزير الدفاع الإسرائيلي عن شكره لملك المغرب محمد السادس، ووزير الدفاع على جهودهما في تعزيز وتوسيع العلاقات بين البلدين. كما أكد وزير الدفاع على أهمية تسريع التعاون واستقرار المنطقة وازدهارها، معربًا عن أمله في أن يكون منفتحًا على مزيد من التوسع في اتفاقيات التطبيع.
ويتيح الاتفاق للمغرب اقتناء معدات أمنية إسرائيلية عالية التكنولوجيا بسهولة، إضافة إلى التعاون في التخطيط العملياتي والبحث والتطوير.
وزارت خلال يونيو المنصرم لجنة عسكرية مشتركة إسرائيل، إذ اتّفِق على خطة العمل لعامَي 2022 و2023، فيما قام قبل ذلك في مارس كل من رئيس هيئة الاستراتيجية والدائرة الثالثة، وقائد لواء العلاقات الخارجية، وقائد لواء التفعيل في هيئة الاستخبارات، بزيارة عمل إلى المغرب.
وتعتبر زيارة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إلى المغرب، ليست زيارة رمزية فقط، بل هي تكملة لما توصل إليه الطرفان طيلة الأسابيع والأشهر السابقة.
زيارة المسؤول في جيش الدولة العبرية شملت اجتماعات بالمسؤولين العسكريين المغاربة، ويُرجّح أن تتعلق بتصنيع طائرات درون، وإمكانية الحصول على أنظمة دفاعية، إضافة إلى نقاط أخرى تهم المجال الإستخباراتي، بحكم أن رئيس الأركان يرافقه لواء مسؤول عن الوحدة الإستخباراتية الإسرائيلية..ومسائل تهم التدريب وتبادل المعلومات الأمنية الإستخباراتية، مما قد يثير مخاوف الجزائر التي تنظر بتوجس إلى أوجه التعاون العسكري بين المغرب وإسرائيل.
وتبرز على مستوى آخر، تحركات الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل في سبيل تشكيل حلف ضد إيران؛ إذ ستعى الزيارة كذلك إلى تدعيم التحالف الاستراتيجي الأمريكي- الإسرائيلي مع المغرب؛ مما يعكس أن هذه الزيارة تندرج ضمن هذا التحالف.
يعتبر المغرب ذا قوة سياسية ودبلوماسية وعقدية، لمواجهة التوغل الإيراني في شمال إفريقيا الذي يعتمد المقاربات الثلاث، وهو ما انتبه له المغرب منذ أعوام وعمد إلى تدبيره بحكمة وتبصر دوليين وهو ما ساعده على حماية أمنه الروحي، وعمقه السياسي.
وتأتي زيارة كوخافي للمغرب ، في إطار تعزيز التعاون العسكري والأمني بين البلدين ، والذي بدأ يتشكل في أبريل 2020 وسيصل إلى ذروته هذا الأسبوع، إضافة إلى الاجتماعات والتعاونات الأخيرة مع تجديد العلاقات بين البلدين، بدأ التعاون الأمني أيضًا في التبلور، وشارك المغرب في يوليوز 2021، في تدريب دولي لقوات خاصة من ثماني دول، بما في ذلك إسرائيل. كما تم التوقيع في 16 يوليوز 2021 على اتفاقية تعاون في مجال الحماية الإلكترونية. وبحسب مصادر أمنية، فإن إقامة علاقات أمنية مع المغرب لها قيمة استراتيجية وليست مجرد زيارة رمزية.
وسبق للمتحدث باسم جيش إسرائيل، قد صرح في مقابلة أجرتها معه الأحد المنصرم الإذاعة العبرية الرسمية، أن زيارة أفيف كوخافي للمغرب تأتي في إطار السعي إلى “توثيق التعاون الأمني والعسكري مع المغرب”، وأنه “منذ استئناف العلاقات مع المغرب في دجنبر 2020، تم التوقيع على اتفاقيات عسكرية بين الطرفين، وشارك الجيشان المغربي والإسرائيلي في تدريبات ومناورات مشتركة، وزار ممثلون عن الجيش المغربي إسرائيل”، ولفت إلى أن جيش الاحتلال يقيم “علاقات عسكرية مباشرة مع المغاربة، حول قضايا التدريبات، والمناورات، وتبادل الخبرات، وربما تطوير الأسلحة”، على حد تعبيره. وشدد على أن زيارة كوخافي الأولى لرئيس أركان إسرائيلي إلى المغرب تكتسب أهمية كبيرة لمجرد حدوثها.
وللإشارة، يضطلع قسم الأبحاث التابع لـ”أمان” بدور كبير في التأثير على عملية صنع القرار في تل أبيب، على اعتبار أن هذا القسم مسؤول عن إعداد “بنوك الأهداف” التي تقترح المؤسسة العسكرية على المستوى السياسي أن يتم ضربها في أية مواجهة أو حرب ضد طرف آخر، فضلاً عن أنه مسؤول عن صياغة التقديرات الاستراتيجية للمستوى السياسي.