محمد فوزي الكركري لإيصال العباد لتحقيق مقام الإحسان
يرتدون أزياء ملونة بالأحمر والأصفر والأخضر وغيرها، ترمز إلى الدفء والمحبة الروحية. ويُسمون مرتدو هذا النوع من الثياب بمتّبعي الطريقة الكركرية، وهي إحدى الطرق الصوفية التي ظهرت حديثاً في دول شمال إفريقيا، ويسمي أتباع هذه الطريقة أنفسهم بـ “فقراء” الكركرية. ويجتمعون على شكل حلقات في زاوية مخصصة للتعبد وممارسة طقوسهم الدينية، للحضرة كما تسمى لدى الصوفيين، حيث يؤدون الذكر والابتهالات.
تُعرّف أهداف الطريقة الكركرية بكونها الوصول إلى الله تعالى والتحقق من معرفته المعرفة القلبية على بساط الشهود والمشاهدة، كما تهدف إلى نشر المحبة والسلام بين الخلق. وهي دعوة تصالح مع الخالق والمخلوق وبين الذات والغير، وتهدف إلى تخليص المُريد من قيود الهوى والنفس، حتى يكون حراً مما سوى الله تعالى. ولكي يصل إلى مبتغاه، عليه أن يتحقق بالقاعدة الكبرى في الطريقة وهي استحقر نفسك وعظم غيرك فمن نظر إلى نفسه بعين النقص وإلى غيره بعين الكمال قلَّت عيوبه وكثرت حسناته وعظم نوره.
وظهرت الزاوية بداية في مدينة العروي، ويعود اسمها أساساً إلى جبل كركر في جماعة أفسو القروية. وأول شيوخها هو أحمد العلوي المستغانمي، والثاني هو الشيخ الطاهري الكركري. وظهر شيوخ لتلك الطريقة ليتبعها مريدوها وآخرهم محمد فوزي الكركري شيخ الزاوية اليوم.
وتعتبر الكركرية طريقة صوفية وفق منهج الكتاب والسنة لا تشوبها البدع. أما ما يظهر من اختصاصها بالقيام بأعمال تميّزها عن الطرق الأخرى كالقيام بالحضرة ولباس المرقعة بألوان متعدّدة ووضع السبحة في العنق والخروج في الساحات فهو أمر كان قد درج عليه مشايخ الصوفية منذ أحقاب طويلة. وبعد الاطلاع على مؤلفاته ودواوينه وحكمه وأوراده ومذاكراته والاستماع إليه ولشهادات مريديه وأتباعه والحضور إليه، تبيّن أنّ الشيخ محمد فوزي كركري صاحب همة عالية وله قدم راسخة في مجال الحقيقة الربانية والعلوم الإلهية.
وتهدف الطريقة الكركرية إلى إيصال العباد لتحقيق مقام الإحسان حتى يتمكنوا من الجمع بين العبادة والشهود وبين السلوك والمعرفة، لتكون حياتهم كلها لله رب العالمين.
وتدعو لذلك أتباعها إلى الإلتزام بالكتاب والسنة في كل أحوالهم لأنها تؤمن أن وراء كل فعل من أفعال الشريعة المطهرة سر ملكوتي وقبضة نورانية تجمع العبد مع مولاه وتنسيه كل ما سواه، ولا يتم ذلك إلا من خلال اتباع منهاج الشيخ المربي الذي يصف الدواء المناسب لكل سالك.
لا يتبع تلك الطريقة الرجال فقط، بل حتى النساء ويطلق عليهن اسم “كركريات”. ويرتدين اللباس نفسه أي العباءة الطويلة التي تسمى لديهم بـ “المرقعة” ملونة قد يتجاوز عدد ألوانها العشرة. ويرتدين أيضا السبحة في رقابهنّ، يحضرن الزاوية خلال الحضرة من دون الاختلاط بالرجال، يسمعن الذكر والتلاوة ويرددنها. وتقول إحدى المريدات أن الطريقة الكركرية “طريقة صوفية لا تختلف كثيراً عن بقية الطرق الصوفية التي تعتمد على الاتصال الروحي بين الناس في ما بينهم من جهة، وبينهم وبين الله من جهة أخرى. لكن تختلف طريقتا لبسهم وحضرتهم. وقد يجتمعون في الساحات والمناطق المفتوحة البعيدة عن التجمعات السكانية. يجلسون على شكل حلقات ويتبادلن الذكر كما يفعل الرجال. يذكرون الله ورسوله وكلّ القيم الإنسانية”.
ويُعد لباسهم الذي يُسمى “المرقعة”، ب”ثوب عبارة عن رقاع كثيرة ملونة أو غير ملونة من صوف أو شعر أو جلد، وهي اصطلاح لمظهر التستر بالجمال الذاتي الباطن في فرق الأسماء، المتجلي بألوان حضرة القوس العلوي، وإعلان مبايعة النفس للروح للدخول والترقي في مراتبها”.