أخبارالحكومة

المغرب يتعرض لموجة جفاف تعد الأسوأ منذ نحو أربعين عام

يعرف المغرب موجة جفاف تعد الأسوأ منذ نحو أربعين عاما، وتثير مخاوف من أن تطال الأزمة تزويد المناطق الحضرية بماء الشرب، فيما يحذر خبراء من كارثة كبيرة تهدد البلاد في ظل غياب استراتيجية لملائمة الزراعة مع التغير المناخي.
ولجأت الجهات المعنية إلى المياه الجوفية، واستعملت المياه العادمة المعالَجة لسقي الحدائق. وخيّم شبح ندرة ماء الشرب حتى الآن على مدينتي مراكش جنوبي المغرب، ووجدة شرقا، وفق معطيات رسمية.
ووصفت رئيسة المجلس الجماعي للدار البيضاء، نبيلة الرميلي، الوضع المائي بالـ”كارثي”، وأعلنت أنها وجهت رؤساء المقاطعات التابعة لها بالعمل على ترشيد استعمال المياه في سقي المساحات الخضراء وغيرها.
وتعود أزمة المياه في المغرب لأسباب طبيعية وأخرى بشرية، وتعاقب أعوام الجفاف أمر طبيعي بالنظر إلى طبيعة المناخ المغربي والموقع الجغرافي للمملكة. ويتراوح مناخ المغرب بين جاف وشبه جاف إلى رطب، ومع تزايد حدة الاحتباس الحراري تكون أعوام الجفاف أكثر قساوة.

ويؤثر الجفاف بشكل كبير على القطاع الزراعي المهم جدا في المملكة، وأطلقت السلطات برنامجا آنيا بحوالي مليار يورو لمساعدة المزراعين على مواجهة آثار الجفاف. ويكمن السبب البشري،في قطاعات مستنزفة للموارد المائية وهي قطاعا الفلاحة والصناعة، ويستهلك قطاع الفلاحة لوحده أكثر من 80 في المائة من الموارد المائية.
وتعود أسباب أزمة الماء في المغرب متعددة، منها أولا تنوع المناخ ذي الطبيعة الاستوائية حيث تصل حرارة الطقس 35 درجة مئوية. كما أن المغرب يعيش أعوام جفاف متتالية بفعل قلة تساقطات المياه، ومحدودية سعة السدود التي تعرف  نسبة مهمة من  التوحل، إضافة إلى تأخر السلطات الحكومية في اتخاذ الحلول المتاحة لمواجهة ظاهرة الجفاف، ومنها تحلية مياه البحر لتوفير مياه الشرب، ومعالجة المياه العادمة لسقي المساحات الخضراء واستعمالها في بعض الزراعات.
وأكدت تقارير عدة في الأعوام الأخيرة أن المغرب هو بين البلدان المهددة بشحّ المياه بسبب التقلبات المناخية. وتراجعت حصة الفرد من المياه في المملكة من حوالي 2600 متر مكعب خلال الستينيات إلى قرابة 606 أمتار حاليا، وهو المستوى القريب من معدل شحّ المياه المحدّد بـ500 متر مكعب للفرد. ومن المعروف أن الدول التي لا تتوفر على ألف متر مكعب لكل فرد تعتبر فقيرة مائيا، وللأسف حصة كل فرد في المغرب انتقلت من أربعة آلاف متر مكعب في ستينيات القرن الماضي إلى 630 متر مكعب عام2021.
وترتبط ندرة المياه ارتباطا وثيقا بطريقة استخدام المياه في الري الذي يستهلك حوالي 80 في المائة من مياه المغرب سنويا، ويشكل الناتج الداخلي الخام من القطاع الفلاحي في المغرب حوالي 14 في المائة، وهو عنصر أساسي في الصادرات. 

وترجع الأزمة الحالية والتي ليست وليدة اللحظة، لأكثر من عقد حين اعتمد المغرب على زراعات ترتكز على تصدير الماء (الطماطم، الحوامض، الافوكادو….) زراعات استنزفت الفرشة المائية في ظل وضع مناخي يتسم بالجفاف. وأدت أعوام متتالية من الجفاف إلى تراجع مخزون السدود المائية بالمغرب.
وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي أخبارا في الأيام الأخيرة تقول أن السلطات ستلجأ إلى قطع المياه في المجال الحضري في ساعات الليل لترشيد الاستهلاك، لكن السلطات المغربية خاصة في الدار البيضاء سارعت إلى نفي ذلك.
علما أن أن مثل هذه الخطوات حتى وإن اتخذت بشكل استعجالي لن تحل المشكل، فالبلاد أمام كارثة حقيقية خاصة وأن نسبة السدود اليوم تحت عتبة 30%، والوضع غير مسبوق وربما ستعيش انقطاعات التزود بالماء بشكل دوري خلال هذا الصيف. هذا الوضع كان منتظرا منذ أبريل من العام الجاري. والوضع سيكون كارثيا في حال لم يعد المغرب النظر في استراتجيته خاصة في قطاع الفلاحة والصناعة، ولم يحاول أقلمة الفلاحة مع تغير المناخ.
ويبلغ العجز المسجل في مخزون مياه السدود منذ شتنبر الماضي، بحوالي 89 بالمئة مقارنة مع المعدل السنوي، بحسب معطيات رسمية. وتعيد أزمة المياه الحالية إلى الأذهان أزمة 2017 عندما كانت مدينة زاكورة شبه الصحراوية مسرحا لتظاهرات ضد انقطاعات المياه المتكررة، التي كانت تعزا إلى زراعة الدلاح واسعة النطاق.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button