رغم الوعود الانتخابية الوردية التي قدمتها الأحزاب السياسية في حملاتها الانتخابية، خصوصا الأحزاب المشكلة للإتلاف الحكومي، فالوضع الاجتماعي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم في ظل غلاء الأسعار والآثار المترتبة عن سنتين من الوباء، بالإضافة إلى شح الأمطار والجفاف الذي يهدد البلاد هذه السنة.
الوضع الاجتماعي اليوم، تضرر كثيرا، وتزايد غلاء الأسعار بشكل كبير، الشيء الذي أنهك قوى المواطن وأثقل كاهله بالديون في ظل وضعية اقتصادية لم تتعافى بعد من الجائحة والأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت العديد من الاقتصادات.
فالحكومة الحالية لم توفي بوعودها الانتخابية، وأمين عام الحزب الحاكم قال يوما أنه يجب القطع مع إعطاء الوعود بدون تطبيق، وهو اليوم لم يحقق شيئا مما وعد به المواطن، منذ الاستحقاقات الأخيرة وتحالف الثلاثة أحزاب، التي لم تكن يوما على استعداد للعمل سويا، ظهر جليا تباطؤ الحكومة في تطبيق التزاماتها ووضع خطط استراتيجية وبرامج للنهوض بالاقتصاد الوطني وتوفير فرص شغل للشباب، لأنهم مستقبل هذا البلد، وحتى نضع قطيعة مع الاحتقان بين المواطن والحكومة.
إلا أن الحكومة فاجأت الشباب الحالمين بغد أفضل في مجال التعليم بسقف سن الولوج في حدود الثلاثين سنة، مما عكر الأجواء لدى الآلاف من المعطلين، إضافة إلى ملف المتعاقدين الذين وعدت بإيجاد حل له أحزاب الحكومة، ولم توفي به.
في حين كان ينبغي على الحكومة أن تعتمد إجراءات جديدة في ما يخص الدخل الضريبي للشركات الكبرى والعالية الأرباح، والذي من شأنه أن يساهم في توفير إيرادات كبيرة تساهم في سداد تكلفة الخدمات الحيوية التي يجب أن تقدم للطبقات الضعيفة من المجتمع، والتي فقدت الكثير من موارد عيشها بسبب الجائحة والجفاف اليوم.
ومع بدء تعافي الاقتصادات، كان المنتظر أن تضع الحكومة خططا واقعية للتخلي عن النماذج التي لم تساهم في شيء، وتنزيل المشروع التنموي الجديد، وتخفيف القيود على الطبقات المتوسطة والفقيرة لتحقيق التعافي الشامل. إذ من المفروض أن يكون لخططها السياسية والاقتصادية أثرا طويل الأمد، الأمر الذي سيعطي دفعة حاسمة للاقتصاد ليكون أكثر صلابة وشمولا، مما يساهم في تعزيز النمو والتوظيف.
الحكومة اليوم، بعيدة كل البعد عن تحقيق أحلام المواطن البسيط، فهل هي أزمة سياسات متتالية لم ترقى للمستوى المطلوب، أم أزمة أفراد ونخب سياسية؟ بضعة أشهر كانت كافية للحكومة الحالية بأن تتوتر الأجواء بهذا الشكل، وأن يعبر المواطن عن سخطه من الوضع الحالي، وتذمره من الوعود الانتخابية الكاذبة ككل مرة.
مع شح الأمطار وندرة الماء، والوضع الصعب الذي ستعيشه الفلاحة الوطنية هذه السنة، كان الفلاح ينتظر حلولا حكومية لمساعدة المتضررين من الجفاف، إلى أن أمر صاحب الجلالة الحكومة بتخصيص عشرة ملايير درهم لمكافحة مخلفات وأضرار الجفاف.
لتدبير حكيم لما سيأتي، الحكومة أمام امتحان حقيقي لتحقيق تنمية شاملة، وضمان استمرار وتعميم التغطية الاجتماعية الأساسية التي أطلقها صاحب الجلالة، بما في ذلك أيضا تحسين جودة الصحة والتعليم وتوفير الغذاء بأقل تكلفة ممكنة لإرساء أساس اقتصادي واجتماعي قوي لمواجهة أزمات اقتصادية عالمية محتملة أو أوبئة أخرى.
استشرافا للمستقبل، يجب أن تعمل الحكومة على بناء نظام أكثر قوة وصلابة، للبشر والاقتصادات عن طريق إعادة ترتيب الأولويات في السياسات الحكومية، وتدعيم المؤسسات، ومرونة وجودة الخدمات الاجتماعية والشمول الاقتصادي.