سليم الهواري
تعرف الجزائر مشاكل اقتصادية واجتماعية عدة، نتيجة عدم استغلال الأنظمة المتعاقبة على الحكم لثرواتها الطبيعية على الوجه الأفضل، وبالرغم من أن الجزائر مصنَّفة ضمن البلدان النفطية، بالنظر إلى عائداتها من المحروقات التي تجاوزت العام الماضي 30 مليار دولار، إلا أنها لا تزال تسجّل حالات الجوع والفقر في عدة ولايات، بل إن السلطات صنّفت بعض البلديات ضمن المناطق الأكثر فقرًا…. وحسب تقرير الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، ما لا يقل عن 1400 بلدية فقيرة تعيش على إعانات صندوق الجماعات المحلية المشترك، من بينها 800 بلدية صنِّفت ضمن خانة الأكثر فقرًا، وتضمّ 20 مليون ساكن، كما تعتمد 30 ولاية في توفير حاجيات المواطنين وتسيير شؤونها اليومية على هذا الصندوق.
من جهته حذر البنك الدولي من تداعي تفشي هذه الظاهرة في الجزائر، باعتبار ان البيانات أظهرت أن معدلات الفقر المدقع في المناطق الحضرية أعلى ممّا هي عليه في المناطق الريفية، وليس هذا هو واقع الحال في أغلب الأحيان.
هذا وبالرغم من مرور 60 سنة على استقلال البلاد وامتلاكها هذه الثروات الطبيعية الطائلة، فإن الجزائر لم تعرف تقدمًا يُذكر على المستوى الاقتصادي والأوضاع المعيشية لسكانها تنحدر نحو الأسوأ يوميًا، في ظل إجراءات حكومية باهتة للخروج من عنق الزجاجة، وبلغة الأرقام يعتبر الاقتصاد الجزائري من بين أضعف اقتصادات بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك لاعتماده الكلي على النفط والغاز وتراجع نسب النمو وتواصل نزيف احتياطي النقد الأجنبي وعدم قدرة السلطات على التنويع الاقتصادي، كما يُعدّ معدل دخل الفرد الشهري في الجزائر من بين الأضعف عربيًا، إذ يبلغ شهريًا نحو 256 دولارًا (نحو 34 ألف دينار)، لتحتل المرتبة 13 عربيًا، حسب تصنيف لموقع “نومبيو”، ووفقًا للتصنيف الذي شمل 104 دول، جاءت الجزائر في المركز الـ97 عالميًا من حيث قيمة الدخل الشهري للفرد.
وحسب المراقبين فان ما عاشته بلاد – الكراغلة – سياسيًّا واجتماعيًّا، خلال فترة الحراك الشعبي، تبقى أهم أسباب حالات الفقر المدقع، المسجّلة بالجزائر منحصرة في الفساد الذي عشّش في عدة قطاعات، وبالخصوص في العقدَين الماضيَين، والذي كشفته المحاكمات التي طالت رجال أعمال ورؤساء حكومة ووزراء ومسؤولين أمنيين استغلوا مناصبهم لنهب أموال الجزائر وتكريس فوارق واسعة في مستوى العيش، ما كرّس نظامًا اقتصاديًّا معتمدًا على الريع البترولي، وغير قادر على توفير مناصب شغل تمكّن الفئات المعوزة من تأمين مدخول مالي يخرجهم من دائرة الفقر…
وأمام هذا الوضع يتساءل العديد من الجزائريين عن مآلات المليارات الفائضة عن ميزانية الدولة، الجواب بسيط وهو جيوب الجنرالات وكبار رجال الأعمال، إذ يسيطر رجالات الجيش وجزء من رجال الأعمال المقربين منهم على أغلب القطاعات في الجزائر…لتصبح النتيجة الحتمية إذن هي خسارة التنمية وانتشار الفقر وفقدان الأمن النفسي والجسدي، لدرجة أصبحت فيها الجزائر دولة معروفة في العالم بالطوابير المنتشرة في كل مكان.. ليبقى السؤال المحير انه كيف يمكن للجزائر الخروج من آفة الفقر، في الوقت الذي تحاكم فيه العصابة الحاكمة حاليا لعصابة – عاثت في الأرض فسادا- تعتبر في الواقع امتدادا لها…..