مكري والقصري يرفعان سقف الاحتفال والأخير يتسلم جائزة الفارابي
شهدت الليلة الثالثة من ليالي المهرجان الدولي للثقافة والفن “صيف الاوداية”، أول أمس الجمعة، ارتفاعا في إيقاع الاحتفال بمشاركة الفنانين نصر مكري وحميد القصري الذين أشعلا حماس جمهور المهرجان الحاشد على منصة الاوداية بمارينا الرباط.
كانت البداية مع الفنان الشاب نصر مكري الذي أتحف الجمهور بباقة من أغانيه القديمة والحديثة، ترددت أصداؤها بقوة بين جمهوره الكبير، وليس ذلك بغريب على فنان ولد وتربى في أحضان أسرة مكري الفنية الساحرة الشهيرة، ورضع الموسيقى مع حليب أمه، ليتحول في سن مبكر إلى مؤلف موسيقي طموح ومتوثب. ومع أنه اكتسب بذلك موهبة فنية فطرية، إلا أنه عززها بدراسة الموسيقى، فأتقن أسرار العزف على القيتار والبيانو في كونسرفتوار الرباط.
وبحصوله على عدد من الدبلومات في المجال الفني، كرس حياته وفكره بالكامل للموسيقى، فأصدر ألبومه الأول “فيوم لفراح”، معلنا ولادة فنان متميز، جذب انتباه المهنيين والجمهور الواسع. غير أن تكريسه سنة 2012، كشعلة للحركة الموسيقية المكرية، في الحفل الأخير لوالده الموسيقار حسن مكري في مهرجان موازين الشهير، كان عاملا حاسما للارتقاء إلى مستوى الأسطورة الفنية الراحل حسن مكري. كما حصل سنة 2017، على ميدالية بروكمر الذهبية في بروكسل، وعلى جائزة أفضل 100 محترف في العالم من طرف المركز الدولي للسيرة الذاتية بكامبريدج في إنجلترا سنة 2018، وحصل في نفس السنة على “جائزة الموسيقى العالمية”. غير أن طموحه المشروع إلى العالمية، فتح أمامه آفاقا أوسع، حيث إن مقطعه “Vaishnav Jan To” الذي استوحاه من أغنية هندوسية، تكريمًا لـلذكرى 150 للمهاتما غاندي، قاده إلى عرض كبير في الهند، سنة 2019. ولم يتوقف الفنان نصر مكري عن الابداع خلال فترة Covid-19، التي استثمرها في تأليف عدة أغاني وتصوير عدد من الكليبات الغنائية المتميزة.
وتحولت مارينا الرباط إلى حالة كناوية عارمة، عندما جاء الدور على الفنان المعلم حميد القصري الذي ألهب حماس جمهوره الواسع والوفي، بإيقاعاته الكناوية الساحرة من خلال مجموعة من المعزوفات والمقاطع الموسيقية الخلابة، التي اهتزت لها أرواح وأجساد الحشود البشرية التي حجت إلى المهرجان. إنه الملهم حميد القصري، الذي ولد في مدينة القصر الكبير شمال المغرب، وعاش في بيئة كناوية بامتياز، وذلك بفضل زوج جدته، لذلك فمنذ سن السابعة من عمره، بدأ يتشرب ويتعلم هذا الفن من المعلمين علوان وعبد الواحد ستيتو. ولم تتأخر موهبته الفذة في الخروج إلى العلن وجذب انتباه العديد من المحترفين الذين توقعوا له مستقبلًا مشرقًا في فن تاكناويت. مع إتقانه العزف على آلة الكنبري Guembri وقوة صوته العميق، تمكن من أن يصبح واحدًا من أكثر المعلمين تقديرًا وإقبالًا، حيث جذب الآلاف من المعجبين.
لقد تمكن بفضل استيعابه الكامل لهذا النمط الموسيقي الروحي، من إيجاد المزيج الصحيح بين نوع كناوة شمال المغرب وجنوبه، الذي قاده على جولات فنية ناجحة في المغرب والخارج، فضلا عن إبداعه أيضًا في الأغاني ذات الأبعاد الدينية. ومن تم، أصبح حميد القصري مرجعاً حقيقياً لموسيقى كناوة في المغرب. وهو الأمر الذي جعل لجنة الجوائز التابعة للمجلس الوطني للموسيقى تختاره لنيل جائزة الفارابي، التي كان حفل تسليمه إياها مسك ختام هذه السهرة الحاشدة، من طرف الفنان التشكيلي نعيم شماعو الذي فاجأ القصري بلوحة تشكيلية من إبداعه حول حضرته الكناوية، حيث سلمه الجائزة رفقة الإعلامية وفاء بناني رئيسة المجلس الوطني للموسيقى.
هذا وسيسدل الستار على الدورة العاشرة من المهرجان الذي تنظمه وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة- بشراكة مع المجلس الوطني للموسيقى، وبدعم ولاية الرباط سلا القنيطرة، مساء اليوم السبت بسهرة ختامية من توقيع الفنانة التونسية إيمان الشريف التي ستتسلم جائزة “حسن مكري”، والمجموعة الإيفوارية Awalé Afrika، تجسيدا للبعد الإفريقي للمغرب واحتفالا بالرباط عاصمة الثقافة الأفريقية.