سجل المعدل الوطني لمعدل ملء السدود الرئيسية إلى غاية 18 يوليوز المنصرم، 29.2 % فقط، بانخفاض يقارب النصف، مقارنة بـ45.2 في المئة المسجلة في الفترة ذاتها من العام الماضي، أو حتى عام 2020 الذي سجل 44.4 في المئة. ويبتعد الرقم أكثر فأكثر عن نسبة 53.8 في المئة المسجلة في نفس التاريخ من عام 2019.
يسابق المغرب الزمن لتطويق أزمة الماء التي تلوح في الأفق، معلنا مجموعة من الإجراءات لترشيد استعمال الموارد المائية وكبح إهدارها، في ظل تراجع حقينة السدود والجفاف الذي شهده بسبب قلة التساقطات المطرية، إلى جانب تراجع الفرشة المائية.
ودعت وزارة الداخلية، في ظل ما وصفته بالوضعية “الصعبة”، في دورية لها، الولاة والعمال إلى تفعيل لجان المياه للسهر على تطبيق إجراءات صارمة لعقلنة استعمال المياه.
ونصت الدورية، التي اطلعت عليها “سكاي نيوز عربية”، على ضرورة تطبيق القيود على تدفقات المياه الموزعة، مع العمل على منع استعمال المياه التقليدية، مياه الشرب السطحية أو المياه الجوفية، في عملية سقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف.
وشددت على ضرورة حظر السحب غير القانوني للمياه من الآبار والمجاري المائية، إلى جانب حظر غسل الشوارع والأماكن العامة بمياه الشرب، ومنع استعمال هذه المياه لغسل الشاحنات والآليات.
وجاءت هذه الدورية في الوقت الذي دق وزير الماء نزار بركة، ناقوس الخطر بخصوص تهاوي مخزون الماء.
وتم التحذير من زحف العطش إلى حوالي 50 مدينة، وهي تنبؤات نبه إليها الخبراء منذ بداية العام، حيث وصل المغرب إلى مرحلة صعبة، يجب تدبيرها بحكمة، لأن السدود تتعرض لضغط كبير، بسبب الحاجة المتزايدة للمياه.
وشرعت السلطات المحلية بعدد من المدن في خفض صبيب المياه؛ حيث ستضطر ساكنة حواضر وأقاليم، إلى التأقلم مع الوضع الجديد المترتب عن اضطراب التزويد بالماء.
وأعلنت الوكالة المستقلة الجماعية لتوزيع الماء والكهرباء بكل من الجديدة وسيدي بنور، ونظيرتها بتازة، اللجوء الاضطراري لخفض صبيب المياه الصالحة للشرب، ابتداء من 25 يوليوز المنصرم.
وترجع الأزمة الحالية لأكثر من عقد من الزمن، حين قرر المغرب اعتماد زراعات ترتكز على “تصدير الماء”، من خلال الطماطم والحوامض والأفوكا وغيرها، وهي زراعات استنزفت الفرشة المائية في ظل وضع مناخي يتسم بالجفاف.
وانتقلت حصة كل فرد في المغرب من أربعة آلاف متر مكعب في ستينيات القرن الماضي إلى 630 متر مكعب عام 2021، ومن ما يتعارف عليه أن الدول التي لا تتوفر على ألف متر مكعب لكل فرد تعتبر فقيرة مائيا.
ودعا العديد من الخبراء المغاربة لاستراتيجية فلاحية جديدة للحد من إهدار الماء، لأن الخطوات التي سيتم اعتمادها بشكل استعجالي فيما يخص استهلاك المواطنين، لن تكون كفيلة لوحدها بحل المشكل خاصة إذا علمنا أن القطاع الفلاحي يستهلك أكثر من 80 في المائة من مجموع الاستهلاك العام.
ويوجد اليوم المغرب أمام كارثة حقيقية خاصة أن نسبة السدود تحت عتبة 30 في المائة، وهو وضع غير مسبوق وربما سيعيش انقطاعات في التزود بالماء بشكل دوري خلال هذا الصيف، وهذا الوضع كان منتظرا منذ أبريل الماضي.
ووجب التشديد من جهة أخرى على أهمية الإجراءات التي أوصت بها وزارة الداخلية، بالتوعية عبر إشراك المواطن في عملية الحفاظ على الماء وتجنب إهداره، لا سيما خلال فترة الصيف التي تعرف استعمالا مفرطا لهذه المادة الحيوية، مع ضرورة تكثيف عمليات التوعية في الشواطئ والمخيمات الصيفية وحتى المساجد، بغرض نشر ثقافة الحفاظ على الماء، خصوصا في هذه الأجواء الحارة التي يلجأ فيها البعض للاستحمام لمرات متكررة خلال اليوم، وعلى ضرورة اللجوء إلى استعمال المياه العادمة لسقي ملاعب الغولف والمساحات الخضراء، إلى
جانب مراقبة وصيانة المسابح، واستعمال الأدوية لتفادي تجديد مياهها بشكل مستمر.