نجاحات واختراقات مغربية بفضل ثورة ديبلوماسية ملكية رصينة
حقق المغرب نجاحات واختراقات دبلوماسية، بقيادة الملك محمد السادس، خلال الأعوام الأخيرة، بفضل دبلوماسية رصينة.
وأثمرت السياسة الدولية المتزنة علاقات على نفس المستوى، توّجت مسارا طويلا من العمل الدبلوماسي الرصين. وعرفت الفترة الأخيرة في الدبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس، تطورا على هذا المستوى بشكل ملحوظ.
وبدأت خلفيات هذا التطور منذ حوالي 2016، وانتهى إلى مبدأ أن لا يضع كل بيضه في سلة واحدة، وأن ينوع معاملاته الدولية بشكل كبير وسبق أن زار الملك الدول الكبرى والمهمة في اتخاذ القرار، كما هو الشأن بالنسبة للصين وروسيا والهند، وعقد مع هذه الدول اتفاقيات ذات طبيعة استراتيجية معمقة في شتى المجالات.
وترتكز هذه السياسة على التعددية في الحلفاء وترتبط في الآن ذاته بتفادي “الكرسي الفارغ” في السياسة الخارجية للمملكة، حيث عاد المغرب إلى الاتحاد الأفريقي وأصبح عضوا نشيطا في العديد من مؤسساته.
وقادت سياسة المملكة إلى فتح أكثر من 25 قنصلية في الأقاليم الجنوبية بكل من الداخلة والعيون، ومنها تمثيليات دبلوماسية لدول عربية على رأسها دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية والعديد من الدول الإفريقية ودول أمريكا الجنوبية.
ووقع في الإطار نفسه، تطور في اتخاذ القرار على المستوى الأممي، حيث جاء القرار الأخير لمجلس الأمن يصب في مصلحة الأطروحة المغربية والتي تهدف إلى تحقيق الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
واستطاعت هذه الدبلوماسية بعد صراع وتنافر بين المغرب وبعض الشركاء الإقليميين مثل ألمانيا وإسبانيا وفرنسا- أن تعيد الكفة إلى توازنها في هذه العلاقات.
وأصبحت ألمانيا تعترف بأن الحكم الذاتي طريقة مثلى لتسوية النزاع القائم في الصحراء، كما أن إسبانيا تراجعت بعد قطيعة، وقررت أن الحكم الذاتي هو القرار الأكثر جدية وواقعية ومصداقية.
وتم إنشاء ووضع الحجر الأساس لإنشاء المدينة الصناعية “محمد السادس” والتي تؤطرها التكنولوجيا الصينية، كما أن المغرب في طريقه لأن يكون مصدرا مهما في تصنيع وتوزيع اللقاحات المضادة لـ”كوفيد19″ والعديد من الأمراض الأخرى.
وسلكت الدبلوماسية المغربية اتجاها صحيحا، أولا عبر الدبلوماسية التقليدية والموازية والطبية والرياضية والثقافية والدينية، من خلال خطاب الإسلام المستنير القائم على الوسطية والاعتدال.
وأدى هذا الاعتدال إلى استقطاب العديد من البلدان الإفريقية والأوروبية على الخصوص في مجال تدريب الأئمة ونشر أسس المذهب المالكي في هذه البلدان، وهو ما يعتبر انتصارا مهما للدبلوماسية الدينية.
وأدت هذه الدبوماسية المتنوعة بقيادة الملك محمد السادس، إلى إعطاء نموذج دبلوماسي جديد، لتكون المملكة منصة استراتيجية في شمال إفريقيا.
ورغم أن بعض الدول لم يرق لها الوضع الجديد للمغرب الذي أصبح أول مستثمر في غرب إفريقيا وثاني مستثمر على مستوى القارة السمراء بعد جنوب إفريقيا، تتواصل إنجازات المملكة من خلال تهيئة البنى التحتية، ومنها ميناء طنجة المتوسط وميناء الناظور الذي سيكتمل هو الآخر وأيضا ميناء الداخلة الذي رصدت له ميزانية تفوق مليار دولار وسيكون وسيلة ربط بين شمال إفريقيا وجنوبها.
وتدخل المحادثات الخاصة بخط أنوب الغاز نيجيريا-المغرب في إطار هذه الدبلوماسية المتفتحة، في خضم الأزمة التي تعيشها أوروبا وحاجتها إلى الغاز، “ليكون صلة وصل بين نيجيريا وأوروبا من أجل تزويدها بهذه المادة الحيوية.
ولايمكن أن تحقق أي دبلوماسية تقليدية أو رسمية النجاح المرجو إلا إذا توافرت إلى جانبها عدة روافع اقتصادية وطبية وثقافية ودينية لاستكمال المجهود الأساسي لأي تقدم.
ويعتبر المغرب أن العديد من مواطنيه اليهود الذين لا يزالون يحملون الجنسية المغربية يوجدون في إسرائيل التي تحتضن أكثر من مليون يهودي مغربي، وهؤلاء لا يزالون يحتفظون بمرجعيتهم المغربية وبعدة أضرحة تهم ديانتهم.
ويوجد العديد من المغاربة داخل الحكومات الإسرائيلية، وهو ما يجعل المغرب يعتبر هذه المسألة وسيلة ربط مهمة من أجل تحقيق نوع من النمو والرخاء بين الطرفين ليس فقط في المجالين الاقتصادي والاجتماعي ولكن أيضا الميدان العسكري.
ويعتبر المغرب أن المرحلة تتطلب ترجيح وإقرار التوازن على مستوى القوى في منطقة شمال إفريقيا، خاصة التهديدات التي تواجهها المملكة من مختلف المناطق.
ويشكل إعادة فتح معبر بين الأردن وإسرائيل بوساطة ورعاية مغربية أمريكية، نجاحا حقيقيا للدبلوماسية الملكية فيما يتعلق بضبط العلاقات في هذه المنطقة.
وأكد للرئيس الفلسطيني، منذ اليوم الأول الذي قرر فيه المغرب أن يستأنف علاقاته مع إسرائيل، أن “المملكة لن تتزحزح قيد أنملة عن مبادئها الأساسية حول اعتبار القضية الفلسطينية مركزية”، مشددا على أن “كل تطور للتسوية يجب أن يكون على وجود دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس، وهو ما يجعل المغرب يهدف للتوصل إلى حل لهذه القضية”.