لكريني يبرز استراتيجية تحويل الأزمات الانسانية إلى فرص
الحدث الافريقي- فريق التحرير
يشهد العالم العديد من “الأزمات الإنسانية التي تمثّل تهديدا حقيقيا وخطيرا يلحق بصحة وسلامة وأمن واستقرار وتطور المجتمعات”، ذلك ما استفاض فيه مؤلف جديد للدكتور ادريس لكريني حول: “إدارة الأزمات العابرة للحدود.. مداخل استراتيجية لتحويل المخاطر إلى فرص”. والذي أصدره مركز “تريندز للبحوث والاستشارات”، صيف هذا العام(2021).
ويرى أستاذ العلاقات الدولية ومدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات بجامعة القاضي عياض، صاحب هذا الكتاب الذي صدر في 203 صفحة من الحجم المتوسط، أن الأزمات الإنسانية قد تتجاوز في تداعياتها وآثارها حدود الدولة الواحدة، سواء تعلق الأمر بالإرهاب، أو الأمراض الخطيرة المتنقّلة، وتلوث البيئة، أو تلك التي تدفع نحو ركوب غمار الهجرة القسرية، والتي تنطوي في مجملها على أحداث طبيعية، أو ناجمة عن فعل الإنسان، وتتطلّب قرارات وتدابير استثنائية، تجمع بين ما هو داخلي ودولي.
ويطرح الكتاب ثلاث فرضيات أساسية، لتحليل الأزمات الانسانية ومخاطرها على المجتمعات، الفرضية الأولى؛ تحيل إلى أن تعقّد الأزمات والكوارث وخطورتهما في عالم اليوم، يقتضي إرساء إدارة مستدامة، تستحضر مقومات الحوكمة، وتوظيف التّكنولوجيا الحديثة بشكل جيّد في هذا الخصوص.
فيما تقوم الفرضية الثانية، على أن الجهود الداخلية للدول على مستوى التعامل مع الأزمات والكوارث العابرتين للحدود، ومهما توافرت لها الإمكانيات البشرية والتقنية والإدارية، تظل دون أهمية أو نجاعة في غياب تعاون وتنسيق على المستويين الإقليمي والدولي.
أما الفرضية الثالثة، فتنطلق من أن تحويل الأزمات والكوارث إلى فرص حقيقية، يتوقّف على طبيعة الاستراتيجيات المتبعة، وعلى التدابير المتّخذة وتجنيد الطاقات لتدبيرها، وعلى توظيف واستثمار كل الإمكانيات المتاحة بصورة جيدة في هذا الخصوص.
ورصد الكتاب في مقدمته السياق العام والتاريخي للكوارث والأزمات، فيما تناول الفصل الأول بالتحليل موضوع إدارة الأزمات والكوارث وصناعة القرار في عالم اليوم، حيث تم تمييز الأزمة عن مجموعة من المفاهيم المشابهة كالصراع والكارثة والنزاع والحرب، قبل تناول مفهوم إدارة الأزمات، والإشكالات المتصلة باتخاذ القرارات في مواقف الأزمات.
وتمحورالفصل الثاني حول مجموعة من الأزمات العابرة للحدود، سواء تعلق الأمر منها بتلوث البيئة، وانتشار الأمراض الخطيرة المتنقلة، وتمدد الإرهاب الدّولي، والهجرة الناجمة عن الأزمات والكوارث.
وبالنظر إلى الإشكالات التي طرحتها جائحة كورونا على المستويات الوطنية والدولية، فقد تم تخصيص الفصل الثالث كاملا، لأجل الوقوف عند تداعياتها، والدروس المستخلصة من هذه التجربة المريرة.
واهتم الفصل الرابع حول توظيف المعلومات والتكنولوجيا الحديثة في إدارة الأزمات، مع رصد أهمية تقنيتي الإنذار المبكّر والاستشعار عن بعد. وتمحور الفصل الخامس حول دور الحوكمة/ الحكامة في إدارة الكوارث والأزمات، حيث تم التأكيد على ضرورة استحضار الأبعاد الإنسانية لهذه العملية، قبل التطرق لأهمية المقاربة التشاركية في هذا الخصوص.
وأبرز الفصل السادس، دور التخطيط الاستراتيجي والتنمية المستدامة في تجويد أسلوب إدارة الأزمات، وتطرق الفصل السابع لأهمية ترسيخ ثقافة التعامل مع الكوارث والأزمات، عبر التنشئة الاجتماعية، وسنّ تشريعات تدعم الإقبال على التأمين ضد المخاطر المختلفة.
وبعد هذا التشريح للوضع الخطير للأزمات الانسانية التي يشهدها العالم اليوم، يبرزالكتاب في الفصل الثامن أهمية بناء منظومة دولية متطورة لإدارة الأزمات، وتطوير أداء الأمم المتحدة في هذا الخصوص، ثم تعزيز قواعد القانون الدولي ذات الصلة، ومواءمة التشريعات الداخلية مع مقتضياته.
وختم الدكتور ادريس لكريني، كتابه بطرح خلاصات تبرز أن الأزمات والكوارث، يمكن أن تشكل في مجملها، فرصة للتأمل وللاجتهاد، والاستفادة من المحطات القاسية، وتحقيق مجموعة من المكتسبات، بما يسهم في تحقيق الجاهزية اللازمة لمواجهة كل الاحتمالات المستقبلية.