بقلم : اد. عادل القليعي
الأقلام ومدادها أسلحة جبارة تفوق قوة تأثيرها الآلة العسكرية التي قد تأتي علي المنشأت والممتلكات فتدمرها تدميرا، والتي قد تهلك الحرث والنسل .
لكن كل هذه الأشياء أشياء مادية من الممكن تعويضها وإعادة بنائها من جديد.
الأقلام خطرها أشد وأشرس، الكلمة المكتوبة والمسموعة والمرئية وقعها وقع السحر علي المتلقي بكافة مستوياته الثقافية والفكرية والدينية .
فالخطيب الذي يعد خطبة جمعة ويتلوها علي المصلين إذا لم تكن هذه الكلمات في رضي الله تعالي فقد تهوي بقائلها في النار سبعين خريفا.
لماذا لأن صاحبها سيضلل الناس ، وخصوصا عوام الناس ، لأن ليس كل من يحضر الخطبة من النخبة، وحتي النخبة المثقفة كثير منهم لايكون علي دراية وفهم لصحيح الدين ومن ثم سينقادون انقيادا أعمي دون روية ينقادون خلف هذا الخطيب.
ولا أقول عالم الدين فليس كل الخطباء علماء دين فمنهم من يأتي بأحاديث موضوعة وضعيفة ، ولاحتي يعرف هو ذلك فيسير خلفه الناس فيحرمون ما أحل الله ويحلون ما حرم الله، كمن يخرجون علينا علي شاشات القنوات الفضائية الخاصة المملوكة لبعضهم وطول الوقت تقنيط من رحمة الله وتنفير الناس من الدين وترهيبهم بذكر النار.
وكأن الله تعالي والعياذ بالله لم يخلق إلا النار، ترهيب ترهيب ترهيب ونسي هؤلاء أن رحمة الله وسعت كل شيئ ، ونسي هؤلاء كثير من آيات القرآن بدأت ترغيبا.
نبأ عبادي أني أنا الغفور الرحيم، فأتياه فقولا له قولا لينا.
وقول الله للنبي خذ العفو وأمر بالعرف.وقوله ولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعفو عنهم واستغفر لهم.
وخلاف هؤلاء كثيرون،فأمثال هؤلاء عندما يقرأ كتاباتهم ويسمع كلامهم عاص فلن يتوب عن معصيته ، بل وقد يزداد إصرارا علي عدم العودة إلي الله.
فهذه أقلام مرزولة ممقوتة لاتهدي الي الخير ولاتهدي الي الصواب.
وثم مثال آخر لمثل هذه الأقلام، وما تسطره هذه الأقلام.
الأقلام التي تخط البرامج والمسلسلات التليفزيونية والإذاعية الهابطة التي تحمل ما تحمله من التفاهة والاسفاف التي قد تصيب من يسمعها أو يشاهدها بالغثيان، كلمات مبتذلة ، ألفاظ خارجة، اباحية، إيماءات جنسية، هل مثل هذه السخافة والابتذال يقود إلي طريق مستقيم، لا والله ولكن سيذهب بمجتمعاتنا الشرقية المحافظة المتمسكة بالقيم والمبادئ سيذهب بها إلي براثن الوقوع في الرزيلة ويحدث مالا يحمد عقباه وبعدها نجلس ونبكي ونتباكي علي ما أصابنا.
فلماذا لانغقل بابنا في وجه هؤلاء. نغقل نحن في وجوهم الأبواب ساعتها ستبور وتكسد سلعتهم وسترتد إليهم حسرة وندامة.
لماذا لانعود عودا أحمدا إلي زمننا الجميل وسحر الكلمات والبرامج الثقافية المعتبرة والندوات الشعرية التي تشكل الوعي الروحي لدي الإنسان وترتقي به فتجعله يحلق في فضاء رحب يسوده الحق والخير والجمال.
ثم نوع ثالث مما اسطوره الأقلام.
أولئك الذين يطلعون علينا بمقالات غير مفهومة وأعي ما أقول كثير من المقالات التي نقرأها في بعض الصحف والمواقع الإلكترونية وهذه الصحف يقراها الجميع، وهذه المواقع يزورها الآلاف من المتابعين.
فلماذا الابتذال في الألفاظ والتلاعب بها، ولماذا استخدام عبارات وألفاظ غير مفهومة هل غرضنا تشكيل الوعي وتنوير القارئ أم تضليله،
كمن يكتب في الفلسفة بلغة التعالي ويأتي بعبارات لفلاسفة قدامي مثل مثلا تأييس الأيس عن الليس،يا سيدي الفاضل لماذا ذلك كذلك.
قل إيجاد الشيئ من اللاشيء يعني الخلق من العدم وهو الخلق الإبداعي، لكن لا أدري لماذا يفعلون ذلك هل ليثبتوا الغلبة والتفوق الفكري تفوقك الفكري أن تصل بمعلومة مفيدة يستفيد منها الجميع ويحاولون إفادة من حولهم بها.
وكذلك صنف آخر من الأقلام، تلك الأفلام التي لاتكتب إلا من أجل الشهرة وذيوع الصيت وجمع المال، وكل ذلك سيذهب إلي حيث يذهب التاريخ لاينسي حتي أن اندرس رسم هؤلاء ومحي ذكرهم من الذاكرة.
علي الجانب الآخر هناك أقلام تسطر فكرا حقيقيا يخلد اسمهم مع الخالدين
افلام لاتبتغي جاه أو شهرة أوسلطان، لاتبتغي إلا وجه الله تعالي ولاتكتب إلا صدقا وعدلا أقلام مهمومة بقضايانا العربية والإسلامية.
،وقضايا أمتنا العربية وقضيتنا الأم التي هي شغل كل قلم منصف يحب أمته ويحب عروبته ويتنفس الحرية، قضيتنا التي لايمكن بحال من الأحوال أن نتنساها أو نتجاهلها قضية وجودنا الحقيقي،نكون أو لا نكون اما واما . أما أن نتخاذل كالمتخاذلين والعياذ بالله.
أو نشحذ هممنا ونملأ أقلامنا بمدادنا ونكتب فلسطين ونقلها ونملأ بها الدنيا فلسطين عربية وأمتنا عربية ومسجدنا مسري نبينا سيعود رغم أنف المعتدين،رغم أنف الحانقين الحاقدين المتخاذلين فلا نامت أعين الجبناء.
أقلامنا حراب ورماح سنوجهها بكل ما أوتينا من قوة. لنصرةالحق، بالمقالات، بالأشعار، بالأزجال، بالأغاني والأناشيد.
بتراتيل المصاحف، بترانيم الأناجيل، بمزامير داود ، بتوراة يهود.
سنملأ الدنيا فلسطين عربية.
هذه هي الأقلام الحقيقية التي لاتبتغي الا الحق والدفاع عنه .
صحيح قد يتم تجاهلها أوقد لاتأخذ حقها من الإنتشار وقد يسخر من أصحابها ولكن قد يكونوا ساهموا مساهمة فعالة في تشكيل الوعي الجماهيري علي كافة مستوياته .
وفي كافة الأروقة والأمكنة وحتما سيأخذون حقهم لماذا لأنهم صدحوا بالحق ووجهوا دفتهم ناحية الحق وقادوا أقلامهم إلي الحق ولم تقدهم أقلامهم إلي الباطل،وأختتم حديثي بقوله تعالي أفمن يهدي إلي الحق أحق أن يتبع أمن لايهدي إلا أن يهدي.
أستاذ الفلسفة الإسلامية.بآداب حلوان