تقرير خاص – محمد وشاح
وثقت مشاهد مصورة انهيار الأم المكلومة خلال وداع نجلها خليل (19 عامًا) بعدما انتظرت ولادته سنين طويلة حتى تمكنت من إنجابه عبر عملية زراعة.
لمع اسم نجلها من بين 44 شهيداً، خطفت أرواحهم غارات غادرة شنتها مقاتلات الاحتلال الحربية، نثرت الأشلاء في الشوارع والخراب فوق رؤوس المواطنين في غزة.
بعد طول انتظار دام أكثر من عشرة أعوام، ولد خليل أبو حمادة في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، اختطفته آلة الحرب الصهيونية، في غارة غادرة لتحرم والديه وحيدهما.
عاش خليل وحيدا
خليل أبو حمادة هو وحيد والديه، ولد عام 2003 بعملية زراعة لوالدته نجوى البالغة من العمر “45 عاماً”، بعد 5 محاولات فاشلة للإنجاب الصناعي. تقول الأم والألم يعتصر قلبها: “انتظرته طويلاً بعد الزواج، وكنت أراقبه وهو يكبر أمامي”.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مشاهد تظهر فيها وهي تبكي بحرقة فراق فلذة كبدها الوحيد، وتحتضنه جثة هامدة، وتخاطبه “ولا عمرك كنت ساقع هيك، يا ريتني نمت جنبك يما يا خليل”.
قالت الأم المكلومة وهي تحتضن ملابس فلذة كبدها وتشمّها: “والله كنت حاسة إنه عمرك قصير، بس ما كنت عارفة إنه حيروح مني بدري”.
تفاصيل الجريمة المروعة
استهدفت طائرات الاحتلال على مقربة من منزل الأسرة. وخرج خليل لتفقد ما حدث وإذا بانفجار آخر تسبب في “فاجعة” راح ضحيتها خليل ومواطنين آخرون، وعدد من الجرحى. تقول والدة خليل: “صرخت مع وقوع الانفجار: ابني راح .. ابني راح”.
خرجت أم خليل من منزلها على مسرعة على غير وعي من شدة الإنفجار، وإذا بالجثث متناثرة في الشارع.. مشاهد مروعة لم تجد لها وصفاً من شدة بشاعتها: ووجدت ابنها “خليل” ساجداً على الأرض والدماء تنزف من جسده كله، وتعرفت عليه من ملابسه التي اختلطت بالدماء والأشلاء.
لا تسعف الكلمات هذه الأم المكلومة التي لا تكاد دعوات “اللهم صبرني.. اللهم صبرني.. يا رب انتقم من الاحتلال” تفارقها، وتقول أيضاً: “ابني كان غلبان كتير وطيب.. كانت أحلامه بسيطة جداً، وكان يلح عليا ويحلم ببناء وتجهيز غرفة في المنزل ليتزوج بها”.
وتمنت أم خليل أن تستشهد كي تلحق وحيدها من قسوة الأيام والحياة بفراقه وتقول: “البيت يتيم وحزين جدا بعد استشهاده”.
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في قطاع غزة رواية حول الشهيد الشاب خليل، وأشار بعضهم إلى أن والد خليل قد أوصى بعض جيرانه في المخيم بإيجاد عروس لابنه الوحيد رغم صغر سنه، كونه يحلم بزواجه كي يرى أحفاده ويمتلئ البيت بالأطفال حولهم لتعويض حرمانهم.
تكرار ألم الفقد
وكانت “أم خليل” قد ذاقت الألم ذاته بفقدان والدتها “خضرة” قبل 4 شهور فقط من إنجاب خليل، في غارة إسرائيلية غادرة من قبل طائرة مروحية.
كما انتشرت على كثير من المنصات دعوات للتبرع لأم خليل بتكاليف إجراء عملية زراعة للإنجاب طفل مرة أخرى.
وكتبت إحدى المواطنات على صفحتها الشخصية في موقع “فيسبوك”، مناشدة لأهل الخير التبرع بإجراء الزراعة لأم خليل وذلك تعويضاً عن ابنها الوحيد، وإن كان ما فقدته لا يُعوّض.. وإن كان عمرها لا يسمح، فلتكن عمرة لبيت الله الحرام.. زوروهم وواسوهم”.
ولبى أحد الأطباء في غزة دعوات المواطنين وقام بزيارة أم خليل ودعوتها لزيارة المركز الخاص به فور الإنتهاء من عزاء نجلها لإجراء عملية زراعة مجانية لها.
واستهدفت طائرات الاحتلال مخيم جباليا شمالي قطاع غزة من دون سابق إنذار، ما أسفر عن استشهاد 5 أشخاص على الأقل معظمهم من الأطفال إضافة إلى إصابة 10 آخرين.
وهناك الكثير من تفاصيل الحرب المروعة غير المروية، والحكايات الدامية لأب قضى مع أطفاله الثلاثة، وأم عريس استشهدت في يوم زفاف ابنها وتحول الفرح لبيت عزاء، وفتاة أخرى فقدت خطيبها وضلت تبحث بين الركام عن ذكرى لهما، وأطفال مزقت الصواريخ أجسادهم واغتالت أحلامهم البريئة على مرأى العالم أجمع.
المصدر: الخامسة للأنباء