أخبارفي الصميم

شريط الموت أو جدار الحرب الباردة

في شهر غشت من سنة 1961 تحركت القوات الألمانية الشرقية ذات الخلفية الشيوعية إلى نشر أكثر من 48 كيلومتر من الأسلاك الشائكة وسط مدينة برلين، معلنة انقسام المدينة وانقسام ألمانيا إلى شطرين، غربي وشرقي، الغرب مواليا للرأسمالية والشطر الشرقي مواليا للاتحاد السوفياتي الاشتراكي. الشريط الذي اعتبره الشيوعيون الجدار الواقي من الفاشية الغربية، سرعان ما تحول إلى رمز للصراع في إطار ما سمي بالحرب الباردة بين المعسكرين.

فقد كان يوما مصيريا ليس فقط للألمانيتين بل للعالم أجمع، كانت بداية صراع سياسي، وكنتيجة لما بعد الحرب العالمية الثانية، سيمتد لحوالي ثلاثة عقود، حتى انهار سنة 1989، كبداية النهاية لقصة صراع إيديولوجي محض، وتم توحيد الدولتين.  

جدار برلين كان درسا للتاريخ، وأن الحرية والديمقراطية ليس من منح الطبيعة، بل بالنضال المستمر من أجل تحقيقهما، كما أنهم بحاجة إلى الحماية والدفاع المستميت عنهما والحفاظ عليهما، بالتزام صريح ونزيه.

فقد تواصل نزوح مواطني ألمانيا الشرقية خلال العقد الأول من تأسيس ألمانيا الشرقية الموالية للحلف الإشتراكي (1949)، لذلك تم التفكير في بناء الجدار وتشديد الحراسة من الطرفين، إلا أن الآلاف من المواطنين تمكنوا من الفرار وخصوصا من الجانب الشرقي حيث يسيطر الشيوعيون.

ففي أواسط غشت من سنة 1961 بدا بناء الجدار الإسمنتي بعلو ثلاثة أمتار، وبعد أسبوع تلقى مجلس وزراء ألمانيا الشرقية الإذن من مجلس الشعب باتخاذ كل القرارات لمنع نزوح المواطنين من الجانب الشرقي نحو الجانب الغربي من ألمانيا. ثم تلاه انتشار للجيش والشرطة الشعبيين التابعين للنظام الشيوعي، على الحدود لمنع مرور المواطنين، كما تم منع أيضا حركة القطارات بين الجانبين. ثم تلاه قرار من ألمانيا الشرقية يمنع بموجبه المواطنين من الجانب الشرقي المرور إلى الشطر الغربي إذا كانوا لا يعملون هناك، ثم منع عمل مواطنو الشطر الشرقي من العمل في الجانب الغربي بموجب قرار صدر من سلطات بلدية برلين الشرقية.

فقد أغلقت كل المنافذ بين المدينتين بأسلاك شائكة، ومنع أي مرور للمواطنين، تدريجيا تم استبداله بحائط إسمنتي ليقسم برلين إلى جانبين، ويقسم عائلات ورفاق وأهل من رؤية بعضهم بعض. وعلى طول شريط الموت، امتدت من الجانب الشرقي منطقة عازلة بلغ عمقها ثلاثون مترا في كثير من المواقع. وفي جانب الجدار، كان يتم تمشيط الأرض بعناية لرصد آثار الأقدام، ومجهزة بموقع لإطلاق النار ومزروعة بالألغام.

وفي نهاية الثمانينيات وبالضبط سنة 1987، قام زعيم ألمانيا الشرقية إريك هونيكر بزيارة تاريخية إلى ألمانيا الغربية، لتندلع بداية خريف سنة 1989، سلسلة احتجاجات حاشدة ضد حكومة ألمانيا الشرقية، مطالبة بالوحدة.

وفي ليلة العاشر من نونبر سنة 1989 بدأت نهاية الأحداث التاريخية البارزة في تاريخ ألمانيا ما بعد الحرب العالمية الثانية، بعبور عشرات الآلاف من الألمان الشرقيين الحدود باتجاه برلين الغربية أمام مرأى الحراس. وفي غشت 1990 تم انتخاب هيلموت كول، مستشارا لألمانيا الموحدة، وإعلان برلين عاصمة لها.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button