العسكر يدفع بالجزائر نحو الجحيم وينتصر لتخريب شمال إفريقيا
الحدث الإفريقي- فريق التحرير
يبدو أن نظام الجزائر مصر على الهروب إلى الأمام، فيما يتعلق بعلاقة دولة الجزائر بالمملكة المغربية، ومصر أيضا على الاحتراف في تزوير الحقائق التاريخية الدامغة التي لا ينكرها إلا جاحد أو مجنون والمتعلقة بالمنطقة المغاربية، وبالأخص الإشكال المرتبط بالحدود المغربية الجزائرية التي شرعت الدولة الفرنسية في فك أسر بعض الوثائق المؤرخة لتاريخ المنطقة منذ 1830 تاريخ بداية استعمار فرنسا للجزائر، وجلاء الاستعمار العثماني، حيث كانت تمتد الحدود المغربية من الصحراء الكبرى شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا ومن طنجة شمالا إلى الكويرة جنوبا (خريطة السلطان الحسن الأول 1880).
ذلك، أن نظام الجزائر منذ استقلال هذا الجار الشرقي بدعم سخي من المجاهدين المغاربة للشعب الجزائري الشقيق الوفي لمبادئه وحقوق جاره الغربي في وحدته الترابية على أقاليمه الجنوبية وأقاليمه المغتصبة والمحتلة، وهو ما تؤكده النخبة الجزائرية من الأكاديميين والباحثين والإعلاميين في كل منصات التواصل والاتصال وعبر القنوات الإعلامية الدولية، إلا القابضين بيد من حديد على الشعب الجزائري الذي انزلق مستوى العيش في هذا البلد الشرقي إلى “الجحيم” كما عبرت عن ذلك رئيسة حزب العمال الجزائري مؤخرا، وكما تؤكده بعض وسائل الإعلام الجزائرية التي تستقي آراء المواطنين الذين باتوا عاجزين عن اقتناء ضرورات العيش اليومي. وهو ما يفرغ كل خطابات نظام العسكر من محتواها، من أن الجزائر “قوة ضاربة” و”أكثر من قارة”وغيرها من “الخزعبلات”التي لاتسمن ولاتغني الشعب الجزائري من جوع، وهو القادم لمواصلة حراكه من أجل اقتلاع هذا النظام الذي ينتصر لتخريب الجزائر وتجويع شعبها، وتخريب منطقة شمال افريقيا.
الجزائر تنزلق نحو الجحيم
أكد صندوق النقد الدولي بعد نقاش ال13 من شتنبر الماضي مع النظام الجزائري، أن “هناك حاجة ملحة إلى إعادة ضبط السياسات الاقتصادية بهدف تصحيح الاختلالات الاقتصادية الكلية، مع ضمان الحماية والدعم للفئات الأشد ضعفا”.
وأوضح بيان المؤسسة البنكية الدولية، أن الاقتصاد الجزائري عرف” انكماشا حادا” في إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 9.4٪ سنة 2020. بفعل مخلفات الجائحة التي كشفت من جديد مواطن هشاشة الاقتصاد الجزائري ، إضافة إلى التراجع المتزامن في إنتاج وأسعار النفط، حيث اتسع عجز المالية العامة وعجز الحساب الخارجي مرة أخرى في 2020، وانخفض احتياطي النقد الأجنبي إلى 48.2 مليار دولار أمريكي في نهاية العام نفسه”.
وفي نفس السياق، نددت “لويزة حنون” رئيسة حزب العمال، وهو أحد موكونات المعارضة الرئيسية في الجزائر، ب “الانزلاق إلى الجحيم” لشرائح كاملة من المواطنين.
ودقت ناقوس الخطر ، وهي تتحدث في اجتماع رسمي لأعضاء الحزب، بشأن “انفجار” البؤس بين شرائح واسعة من المجتمع بسبب الانهيار “غير المسبوق والمتواصل”للقوة الشرائية نتيجة”سوء التدبير” لسياسات السلطات العمومية. وتساءلت،بقلق شديد عن “إلى أين تتجهالجزائر؟ . وكذا عن كيفية وقف “التراجع” و “العجلة الضاغطة”التي تصيب الجزائريين . واستنكرت إلغاء التحويلات الاجتماعية وتحويلها إلى مكافآت يتم دفعها مباشرة للأسر “المحتاجة”، باعتبار أن هذه الفئة “المحتاجة” سيتم تحديدها على أساس معايير “مبهمة ” و”غامضة”. واعتبرت”حنون”، أنه”ستكون عواقب هذا القمع قاتلة بالنسبة لغالبية المواطنين الجزائريين.
“عباس” يقر “بعدمية هوية” الجزائر و”ماكرون” يؤكدها
وفي سياق مرتبط بهوية الجزائر، أحدثت كلمة الرئيس الفرنسي “ماكرون”، مؤخرا، ضجة كبرى وسط النظام الجزائري الذي ارتبك في اتخاذ قرار قطع علاقة بلاده مع باريس، وإعلانه المرتبك حول إغلاق المجال الجوي في وجه الطيران العسكري الفرنسي، ردا على ما قاله “ماكرون”، أمام الحركي الجزائري وأبنائهم الذين ساعدوا المستعمر الفرنسي ضد بلادهم، إبان الاحتلال الذي دام 131 سنة، حينما شكك في وجود أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، مشددا على ضرورة التطرق لهذه المسألة من أجل تحقيق المصالحة بين الشعوب، مبينا أن التاريخ الرسمي الجزائري أعيدت كتابته بالكامل، ولا يقوم على الحقائق. وأضاف قائلا: “سأطرح السؤال على الجزائريين بصفتهم أفرادا، لأنه منذ أن وجد العالم، لم تكن وحدة أو سيادة جزائرية، لقد تناوب القرطاجيون والرومان والوندال والبيزنطيون وعرب الشام وعرب الأندلس والأتراك والفرنسيون على احتلال البلاد من دون أن يكون أبدا وبأي شكل من الأشكال وجود دولة جزائرية” .
وهو ما يؤكده فرحات عباس، رئيس لأول حكومة جزائرية مؤقتة، والذي سبق وكتب في الثلاثينات من القرن الماضي: “لو كنت قد اكتشفت الأمة الجزائرية، لكنت وطنيا، وما كنت لأخجل كما لو ارتكبت جريمة. الرجال الذين ماتوا من أجل المثل الأعلى الوطني يتم تكريمهم واحترامهم كل يوم. حياتي ليست أكثر قيمة من حياتهم. ومع ذلك لن أموت من أجل الوطن الجزائري لأن هذا الوطن غير موجود”. « je ne mourrai pas pour la patrie algérienne, parce que cette patrie n’existe pas»(l’Entente 23 février 1936).
فبعد الإقرار بعدمية “هوية” الجزائر من طرف الرئيس الفرنسي، وتأكيدها قبل ذلك من طرف باحثين ومحللين سياسيين مرموقين جزائريين الذين اعترفوا بعدم وجود هوية لأمة تسمى “جزائر”، إلا بعد أن أطلق عليها الاستعمار الفرنسي إسم الجزائر، كما تؤكد ذلك كل الوثائق الفرنسية وهي تجلي الاستعمار التركي من الأراضي الجزائرية بالاتفاق في وثيقة تاريخية مؤرخة في 5يوليوز1830 تسمح للفرنسيين بدخول “القصبة” حيث كان قصر”داي الجزائر” التركي الذي وافق على نص الاتفاقية، مقابل الحفاظ على سلامته وسلامة أسرته وحاشيته وممتلكاته.
الحراك الجزائري يستأنف ثورته من باريس
في ظل كل هذا الإعصار الضاغط على النظام الجزائري من كل الجبهات من أجل الانسحاب من حكم الجزائر ليتمكن حراك الجزائر الذي استأنف نشاطه السياسي بداية هذا الأسبوع من باريس ، واستأنف نشاطه أيضا، وبقوة داخل الجزائر بعد انضباطه لشروط الجائحة التي فرضت عليه التوقف حفاظا على سلامة الحراك وباقي المواطنين-ليتمكن- الشعب الجزائري من اختيار نظام مدني برئيس منبثق من صناديق الاقتراع تفرضه ديمقراطية صناديق الانتخابات، والاتفاق حول دستور للجزائر الجديدة “فعليا” يضمن الحقوق والحريات والعدالة الاجتماعية و المجالية لكافة الشعب الجزائري، ويبعد الجيش الجزائري إلى ثكناته للقيام بدوه كحارس على الحدود الوطنية للبلاد فقط، دون التدخل في الشؤون السياسية للجزائر.
في ظل هذا الاعصار السياسي الضارب بقوة، وفي ظل الضربات الموجعة التي تلقاها النظام الجزائري في خصره المترهل أصلا وفي دماغه الذي أصابه الخبل والهبل، وأصبح فعلا يهذي بما لا يقبله العقل ولا الواقع، فلم يتورع لحظة في أن يلصق كل ما يصيبه من خصومه وحتى من الكوارث الطبيعية بجاره الغربي-المملكة المغربية- التي لم تعره اهتماما ولم تجادله بما دبره ويدبره ليل نهار من دسائس في السياسة،كما في الاقتصاد و في الدبلوماسية في محاولات يائسة كبده فيها المغرب خسائر فادحة ومدوية في مختلف المنظمات الدولية وأمام الرأي العام الدولي.
نظام العسكر و”عقيدة العداء المطلق” للمملكة
أمام كل هذه الانتصارات التي سجلها التاريخ المغربي على مدى زمن الصراع المفتعل من طرف نظام الجزائر ذي العقلية البائدة الذي تنكر لكل الأعمال الثورية والكفاحية والمساندة القوية للمجاهدين المغاربة مع إخوانهم الجزائريين إبان الثورة الجزائرية ضد المستعمر الفرنسي والتي لم يكن لهؤلاء الذين جثموا على حكم الجزائر غصبا دورا بارزا في التضحية وفي الكفاح المسلح، ولذلك تنكرهم لكل ماسبق غير مفاجئ لهذه الطغمة التي حكمت الجزائر من بداية الاستقلال وإلى الآن.
وحيث أن عقدة نظام الجزائر هي أصلا عقدة نظامه العسكري الذي تربى في بيئة تعتمد على القتل والترهيب و على الحقد والضغينة التي زرعها الرئيس بومدين في عقول الجيش، باعتباره باني “عقيدة” العداء للمغرب التي ورثها من خلفه إلى الآن، تجاه المملكة المغربية التي كان هدفهم ابان الحرب الباردة، والمد الشيوعي والقضاء على الأنظمة الملكية في بعض الدول العربية ( مصر-ليبيا..)أن يغيروا نظام الملكية في المغرب، إلا أن ذلك لم يتأتى لهم، وهو ما كان قد عبر عنه الرئيس بومدين في خطاب له مشددا على أن نظام المملكة “سيتغير” ولو بعد حين.
إلا أن فشل محمد إبراهيم بوخروبة، المشهور باسمه الحركي “هواري بومدين ” الذي حمله حين كان يعيش في وجدة المغربية في تنفيذ خططه لاغتيال المرحوم الملك الحسن الثاني وقلب نظام المملكة في سبعينيات القرن الماضي، جعلته ينشئ جيلا بكامله على “عقيدة العداء المطلق” للمملكة المغربية وهوما تنطق به كلمة له أمام المسؤولين الجزائريين، قائلا لهم وهو يعتصر حقدا وغبنا وانهزاما المشكل اللي مطروح بالجزائر، هو مشكل نتاع الرجال… ما عنديش الرجال”.
إذن، هذه هي عقيدة النظام العسكري الجزائري تجاه جاره الغربي الذي مافتئ يمد يد المصالحة والرغبة الأكيدة في فتح الحدود وطي صفحة الماضي، إلا أن نظام العسكر مصر على الهروب إلى الأمام، وهو يخصص مرة أخرى العدد الشهري لمجلة الجيش التي أصبحت متخصصة في فبركة وتزوير الحقائق والمعطيات، واختلاق سيناريوهات محبوكة في الرذالة والخسة التي تحاول من خلالها المزيد من تسميم علاقة الشعبين المغربي والجزائري الذي فطن لكل هذه الطروحات التي ترهن المنطقة نحو المجهول في حالة تمادي نظام قصر المرادية في غيه وجبروته وتسلطه على الشعب الجزائري الذي يعاني من نقص فظيع في القدرة الشرائية، اعتبرت المجلة أن الجزائر “قوة ضاربة”، و”من لم يقتنع هناك حائط مبكى”، نكاية في جارها الغربي الذي لم يكلف رسميا نفسه الرد على كل هذه الطرهات والأراجيف والأكاذيب، ما زاد من غيظ هذا النظام الذي افتضح أمره وألاعيبه أمام الرأي العام الدولي وهو يتلقى الضربات القوية والقاضية من كل جهة.
تقرير”غوتيريس” يقسم “ظهر” نظام العسكر ويقبر البوليساريو
وتبعه تقرير الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة “غوتيريس” أمام مجلس الأمن الذي قدمه الأثنين(04أكتوبر)، حول الصحراء المغربية، والذي أبرز فيه الانتصارات الكبرى للدبلوماسية المغربية والمشاريع التنموية الضخمة بالأقاليم الجنوبية. حيث قدم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، إلى مجلس الأمن، نسخة مسبقة من تقريره السنوي حول الصحراء المغربية، في إطار مناقشة قضية الصحراء المغربية خلال شهر أكتوبر الجاري، واعتماد قرار بتمديد ولاية المينورسو، والتي أوصى غوتيريس بتمديدها لمدة سنة واحدة.
التقرير الذي يغطي الفترة من فاتح شتنبر 2020 إلى 31 غشت 2021. قد قسم ظهر نظام العسكر الجزائري، وأقبر نهائيا جبهة البوليساريو الانفصالية إلى الأبد، وأفشل مخطط حكم المحكمة الابتدائية الأوروبية الموغل سياسيا والبعيد عن واقع الحال في الأقاليم الجنوبية، وهو ما يفنده تقرير “غوتيريس” الذي تميز بتسليط الضوء على الإنجازات الدبلوماسية للمملكة في الصحراء المغربية خلال العام الماضي. من خلال الافتتاح التاريخي للقنصليات العامة من قبل 16 دولة في مدينتي العيون والداخلة. “البحرين وبوركينا فاسو وإسواتيني وغينيا الاستوائية وغينيا بيساو وهايتي والأردن وليبيا وملاوي والسنغال وسيراليون وسورينام والإمارات العربية المتحدة وزامبيا أعلنت عزمها على تدشين أو افتتحت قنصليات عامة في الصحراء “.
وتنضاف هذه التمثيليات الدبلوماسية إلى 10 قنصليات لدول إفريقية وعربية وكاريبية ودول أخرى، في مدينتي العيون والداخلة بإجمالي 26 قنصلية منذ دجنبر 2019 ، مما يدل على الاعتراف الدولي والدبلوماسي بمغربية الصحراء.
ولم يفت الأمين العام للأمم المتحدة أن تطرق الى الإعلان التاريخي للولايات المتحدة، في 10 دجنبر 2020، القاضي بالاعتراف بالسيادة الكاملة والتامة للمملكة المغربية على صحرائها.
و أشار”غوتيريس” بشكل خاص إلى أن “الولايات المتحدة قد اعترفت بالسيادة المغربية على كامل تراب الصحراء الغربية، وجددت تأكيد دعمها للمقترح المغربي للحكم الذاتي الجاد وذي المصداقية والواقعي، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لهذا النزاع “. كما ذكر بأن الولايات المتحدة كانت قد افتتحت في 20 دجنبر 2020 قنصلية افتراضية في الصحراء. مشددا “غوتيريس” على التنمية الاقتصادية والبنية التحتية للصحراء المغربية، فضلا عن استمرار المغرب في تنفيذ استثمارات بالأقاليم الجنوبية.
وفي نفس السياق، أشار الأمين العام للأمم المتحدة، إلى أنه “في 30 أبريل، أعلنت السلطات المغربية الفائز في طلب عروض بناء ميناء الداخلة الأطلسي وأن أشغال إنجاز هذا المشروع جارية”. مذكرا، بأن هذا الميناء الجديد، في المياه العميقة، يعد أحد أكبر المشاريع التي تم إطلاقها في المغرب على الإطلاق بميزانية قدرها 12.4 مليار درهم. وسيمكن إنجاز هذا المشروع من ضخ دينامية في النشاط الاقتصادي بالأقاليم الجنوبية.
وأبرز”غوتيريس” إلى استمرار “أشغال بناء طريق سيار يربط تزنيت بالداخلة”، وهي مشاريع كبيرة اطلعت عليها بعثات عدة دول عربية خلال زيارتها الميدانية في يونيو الماضي. وبالفعل ، وكما ييرز ذلك الأمين العام في تقريره، قامت “وفود دبلوماسية من الأردن وعُمان والمملكة العربية السعودية واليمن” بزيارة يومي 24 و 26 يونيو 2021 الى مدينتي الداخلة والعيون “لاستكشاف فرص الاستثمار في الصحراء”.
وتعد السنة الرابعة على التوالي والسادسة التي أشار فيها الأمين العام للأمم المتحدة إلى الاستثمارات المغربية في الصحراء. وخصص الأمين العام للأمم المتحدة عدة فقرات في تقارير 2016 و 2018 و 2019 و 2020 للتنمية الاجتماعية والاقتصادية واستثمارات المغرب في الصحراء، والتي يعد “السكان المحليون المستفيدون الرئيسيون منها”.
مثقفون وناشطون يوجهون “نداء إلى العقل”
وكان أكثر من مائتي مثقف وأكاديمي وناشطون في المجتمع المدني من الجزائر والمغرب قد نددوا بالتدهور الأخير في العلاقات بين البلدين. مطالبين في عريضة بما سموه “العودة إلى العقل”، محذرين من أن “الوضع الراهن قد يؤدي إلى مواجهة غير طبيعية، تتعارض مع مصالح الشعبين والمنطقة”. ويأتي هذا النداء بعد قطع الجزائر علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب أواخر الشهر الماضي.