دور المؤسسات الإعلامية التوعوي في معالجة قضايانا المعاصرة
بقلم: د. عادل القليعي
أبدا مقالتي بقول النبي صل الله عليه وسلم، لا يزال الرجل يتفوه بالكلمة في سخط الله فتهوي به في النار سبعين خريفا، ولا يزال الرجل يتكلم الكلمة في رضى الله فتسكنه الفراديس العلى من الجنان.
كذلك حديثي هنا لم يكن موجها لأحد بعينه ولا لمؤسسة إعلامية بذاتها، وإنما خطابي موجه إلي الجميع، حتى نكون واضحين من البداية.
حديثي موجه إلي كل منصف محق لا يبتغي باطلا ولا ينشد مصلحة ولا عرض من أعراض الدنيا الزائلة.
كلمتي في مقالتي موجه إلي كل محب لهذا الوطن العزيز بغية رفعته والنهوض به.
رب سائل يسألني لماذا هذا الموضوع بالذات، ولماذا في هذا التوقيت؟!
أقول لعدة أسباب.أولها: حبي الشديد لهذا البلد الطيب أهله وحرصه على نهضته ورفعته.
ثانيها: الإعلام بكل مؤسساته ما له وما عليه.
ما له من إيجابيات في بناء وتشكيل وعي المواطن، تشكيلا حقيقيا بعيدا عن الزيف والخداع والتضليل، وهذا يحدث من منابر إعلامية معتبرة تقول الحق ولا تبتغي إلا إياه، وتقوم بعرض الرأي والرأي الآخر بمنتهي الموضوعية عن طريق مقدمين برامج يمتلكوا من الثقافة الموسوعية ما يؤهلهم لإدارة حوار وخطاب بناء بمهنجية واضحة وسليمة، وأشهد بذلك في محاوراتي الإذاعية والصحفية.
أما ما عليه فثم سلبيات لابد من تداركها في بعض المنابر الإعلامية، والمنابر الإعلامية كثيرة فهي ليست مقصورة علي التليفزيون أو الإذاعة، ولا حتي الصحافة المقروءة، بل هناك منابر إعلامية كثيرة فمنابر المساجد إعلام موجه بكسر الجيم، المواقع الإعلامية الكثيرة التي ظهرت على ساحة الفضاء الافتراضي في ظل التقدم التقني والسموات المفتوحة، عليها دور مهم لا يمكن إغفاله أو تجاهله إذا ما وظفت توظيفا صحيحا بعيدا عن سيطرة المال وأهله، وذلك عن طريق تقديم منتوج راق يتناسب وجمهوريتنا الجديدة دونما إفراط أو تفريط.
فما علاقتنا نحن المتلقين بسيرة الناس وفلان ذهب وعلان عاد، وفضيحة فلانة وزواج س، وطلاق ص، ما شأن المشاهد أو المستمع بهذه الأمور.
هل التفنن في فضح الناس والخوض في خصوصياتهم يعد إعلامي؟!
أما ثالث الأسباب التي دفعتني للكتابة عن هذا الموضوع، قضايانا الملحة والكثيرة التي تمس واقعنا المعيش، قضايا تحتاج إلى تضافر كل الجهود من أجل الوصول إلى علاج لها، أو حتى محاولة تقديم حلول لها سواء قضايا إقتصادية، أو تعليمية، أو ثقافية، أو إجتماعية، أو حتى سياسية، فالإعلام هو المنوط به هذه المهمة عن طريق تقديم البرامج المختلفة التى تدور في فلك هذه الموضوعات، من أجل نهضة تنموية مستدامة.
ورابع الأسباب، ما نسمعه ونشاهده ونقرأه من ركاكة الأسلوب وضعف اللغة وأسلوب الحوار وإدارته من بعض المتسولين إلي الإعلام، وفي ذلك إهدار للغتنا الجميلة ، وعبث بالموضوع محل النقاش فقد يكون الموضوع مهم جدا، فيضيعه أمثال هؤلاء، لا أقول الجميع وانما البعض منهم.
لذلك أنصح بعقد دورات تدريبة لهؤلاء قبل أن يظهروا على الشاشات أو يكتبوا في الصحف، دورات في اللغة العربية، دورات في فن كتابة المقال، دورات في الصحافة والإعلام، دورات في إدارة البرامج الثقافية، وحتى في إدارة البرامج الترفيهية، ليس هذا وحسب بل في كل البرامج.
الإعلام لغة وإصطلاحا:
الإعلام لغة:هد هو الإبلاغ، والإفادة عن طريق نقل معلومة لشخص ما وتأكيد درايته بها.
الإعلام إصطلاحا: هو إحدي الوسائل أو المنظمات التجارية التي تتولى مسؤولية نشر الأخبار وإيصال المعلومات للأفراد، وتكون عادة ربحية، تختلف في ملكيتها فقد تكون عامة مملوكة للدولة، وخاصة مملوكة لأفراد أو شركات مساهمة، أو تكون مملوكة لأحزاب بعينها كالصحف الحزبية، وبعض القنوات الفضائية التي تعمل وفقا لتراخيص ومواثيق إعلامية يحدد شروطها وضوابطها المجلس الأعلي للإعلام.
ما هو الدور التوعوي المنوط به وسائل الإعلام المختلفة والمتعددة؟.
التوجيه والإرشاد، والتعامل بحكمة مع قضايانا المستجدة ومع أزماتنا المتكررة، فعلى سبيل المثال، لابد أن يكون للإعلام دور فاعل ومؤثر في مشكلة كورونا التي ضربت العالم أوقفته على قدميه ولم تقعده حتى الآن، التوجيه لخطورة هذا الفيروس، وكيفية إتقاء الإصابة به، عن طريق إستضافة متخصصين من الأطباء في الفيروسات الوبائية، وكذلك أطباء متخصصين في الطب الوقائي، دونما إرهاب أو ترهيب للناس.
كذلك استضافة محللين نفسيين لتوضيح كيفية التعامل نفسيا لمن أصيب بهذا المرض، كيفية تعامله مع الآخر بعد شفائه، وكيف تلقي الصدمة منه ومن أسرته بعد إصابته.
كذلك إستضافة اخصائيين اجتماعيين، للوقوف على الآثار الإجتماعية التى تترتب على الإصابة بهذا الفيروس كتعامل المجتمع الجمعي مع هذه المشكلة، كذلك إستضافة علماء الدين لتثبيت اليقين والاعتقاد في نفوس الناس وأن هذا المرض واقع بقضاء الله تعالى وقدره وأن الإنسان إذا أصيب لا يجزع ولا يقنط من رحمة الله تعالى، فهذا ابتلاء من الله ويبتلى المرء على قدر إيمانه.
هذا بالنسبة للإعلام المشاهد سواء التليفزيون أو المواقع الإعلامية التي تبث فيديوهات عن طريق برامج اليوتيوب أو التك توك، وهذه البرامج تلاقى انتشاراً إعلاميا رهيبا على مواقع التواصل الإجتماعي.
وليس الأمر يقف عند هذا الحد فقط، بل لدينا موضوعات مستجدة ومستحدثة، كقضايا المواطنة ، السلام العالمي، قضايا المرأة وتمكين المرأة وإثبات دورها الفاعل في بناء مجتمعها الأصغر الذي بدوره يسهم إسهاما كبيرا في بناء المجتمع الأكبر، الوطن فدورها لا يقل في أهميته عن دور الرجل.
أيضا لدينا قضايا دينية ملحة مثل كيفية تجديد الخطاب الديني، بفكر متزن لا يحيد ولا سميد عن الجادة وعن الصواب دون عبث بثوابتنا بركائزنا الأساسية وإنما عن طريق توظيف هذه الثوابت لخدمة واقعنا المعاصر، وفقما تقتضيه الحاجة والضرورة وفقا لفقه الضرورة أو فقه الواقع، وهذا دور القنوات والمنابر الدينية توضيحيه مفهوم التجديد وكيفية التعامل مع قضاياه.
كذلك لدينا موضوعات شائكة وحساسة لابد أن يتعامل معها الإعلام بمنتهي الحيطة والحذر، قضايا التعليم سواء الإلزامي أو الجامعي، كيف ننهض بالتعليم الذي هو العامل الفاعل في بناء الدول فلا يمكن لدولة من الدول أن تقوم على الجهل، فكيف ننهض بالتعليم، هذا دور مهم للإعلام بكل مؤسساته وبكل أذرعته.
وأقول استضيفوا خبراء تربويين متخصصين في هذا المجال، استضيفوا متخصصون في وضع المناهج، وليس المهم في إستضافة أساتذة الجامعات فقط فهناك تربويين عمالقة في مجال التربية والتعليم من خبراء في هذا المجال.
هناك موضوعات كثيرة، مثل ذوي الهمم وواجبنا نحوهم وواجب المؤسسات الإعلامية تجاههم وإبراز دور الدولة في النهوض بهؤلاء وإقالة عثراتهم.
مشكلاتنا كثيرة وملحة ولا يمكن أن ندفن رؤوسنا في الرمال كالنعام وانما لابد من تشخيص جيد للداء حتي نصل إلى الدواء، مشكلات الصحة وهي كثيرة كيفية وضع برنامج تكاملى للنهوض بمنظومة الصحة والتأمين الشامل.
مشكلات الزيادة السكانية الرهيبة وكيفية التعامل مع هذه الثروة البشرية القومية واستغلالها الإستغلال الأمثل الذي يرتقي ببلدنا الحبيب.
أيضا مشكلتنا ملحة في إعادة تشكيل الوعى الثقافي لدى إنسان وجد نفسه منفتحا انفتاحا تاما على السموات المفتوحة والإنترنت فأصبح لا يدري أي المعلومات يتلاقاها، أي الثقافات يتعامل معها، ومن ثم بات الأمر ملحا لتهذيب هذا الإنسان وإعادة تكوينه ثقافيا، وإعادة بناء توازنه الفكري حتي لا يحدث له إنهيار قيمي وانسحاق حضاري.
كذلك على الإعلام دور مهم في تشكيل الوعى السياسي عند المواطن، عن طريق متابعة القنوات الإعلامية لما يعقد من مؤتمرات محلية وعالمية، تناقش قضايا المواطنة، السلام، الحريات، الحقوق، الواجبات، التمثيل الحزبي، ضرورة تنمية الوعى والعقل الفردي والجمعي بأهمية المشاركة في الحياة السياسية عن طريق المشاركة في الإنتخابات الرئاسية أو البرلمانية، أو المحلية.
لابد أن تتضافر كما ذكرت كل الجهود للنهوض بهذا البلد الحبيب، ولا أقصد بالإعلام مؤسسة بعينها، وانما الإذاعة والتليفزيون والفضائيات عليهم دور مهم، الصحف والجرائد والمجلات المقروءة عليها دور، المواقع الإليكترونية ونحن في عصر التقدم التقني والرقمنة عليها دور جبار.
دور العبادة ومنابرها عليها دور فعال لنشر التوعية بين الناس بخطاب توعوي رصين يصدره خطيب مفوه وقبل أن يكون مفوها لابد وحتما أن يمتلك الحكمة وفصل الخطاب عن طريق فكر ديني واع.
نطالب الجميع أن يصطف صفا واحدا خلف كل مؤسساتنا على كافة مستوياتها، ليس هذا وحسب بل نلتف حول قادتنا نشد على أيديهم ونبارك جهودهم في النهوض ببلدنا الحبيب مصر التي تستحق الخير كله.