بقلم: د. عبدالكريم الوزان
قول استذكاري يردده بحسرة وتأمل من عاصروا أجيالا عديدة ومروا بتجارب اجتماعية كبيرة ويعني : أين كنا قبل ..وأين أصبحنا الان .
وعلى الرغم ان كثيرا من الشعوب تستخدم هذه العبارة كل حسب لهجته ولكن في العراق بات تداولها يوميا بسبب ماآل اليه الحال.
خذ مثلا نستذكر امهاتنا رحمهن الله كنا وقتها نتناول الطعام من قدر كبير نجتمع حوله ونحمد الله على الرز (بالماش) واللبن ودشاديشنا (بازة) مقلمة ، أما اليوم تشترط العروس على عريسها ان ( يدلعها ) بالـ ( دلفري ) وملابس الشباب لكلا الجنسين مثقبة مع سبق الاصرار والترصد !!.
وفي سطوح منازلنا في فصل الصيف مساءً اونهارا ، لم نكن نجرؤ على رفع رؤوسنا خشية من وقوع ابصارنا على جيراننا ، لكن للأسف في هذا الزمان تجد البعض يسيء ويراقب ويبتز النساء والرجال عبر استخدام وسائل الاتصال المتاحة عبر الانترنت حتى لو كانوا في دول بعيدة!!.
وكنا نسمع بالمخدرات ونشاهدها في الافلام فقط ، في حين أصبحت المتاجرة بها الآن كالمتاجرة بالألبان ،وآخرها منذ اسبوع حينما تم الاعلان عن اعتقال شبكة مؤلفة من سبعة أشخاص في محافظة واسط !!.
وفي أيام صبانا وشبابنا كان الناس وجلّهم بسطاء وأميون يتمنون الخير ويدعون لبعضهم البعض بعدم زوال النعم ، واليوم تجد الكثير ومنهم نفر يحمل شهادات عليا ينظرون بلؤم وحسد وغيرة قاتلة لزملاء لهم بسبب فطنتهم وتفوقهم عليهم بفارق زمني لأنهم عاجزون عن النزول لميدان العلم والمعرفة ومجاراة أصحابهم ، والأنكى من كل ذلك انهم يتواصلون و(يتلصلصون) عبر برامج التواصل لمعرفة المزيد وهم صامتون ..ألا تعسا لكم ولليوم الذي عُرفتم فيه .
وخذ ايضا اعلان الدوائر المختصة ان العراق بدأ باستغلال الخزين المائي الاستراتيجي لدجلة والفرات بسبب نقص المياه والجفاف ، ونحن بلاد الرافدين!! . وتداعيات ذلك كثيرة وأضراره شتى ، منها على الأقل جفاف أهوار محافظة ذي قار بنسبة80% ونفوق الجاموس وهجرةالأهالي !! .
وفي الوقت الذي كان فيه الفاسد يتوارى عن الأنظار خوفا من شرطي بالشارع ، أصبح اليوم يهاجم خصمه في وضح النهار بالقنابل اليدوية حتى وان كان مسؤولا مرموقا في الدولة كما حصل قبل بضعة أيام مع وكيل وزارة الصناعة بعد كشفه لشيء من الفساد!!.
وفي ذلك الزمن كان المواطن يتحاشى السير بمحاذاة الدوائر الحكومية ، لكن في وقتنا هذا تجده يقتحمها مهما كان عنوانها وموقعها !!.
وفي الذاكرة كان الشاب يخضع لدورات تدريبية وتثقيفية لخوشنته ، أما حاليا فنجد المثلية والهتلية والسيبندية !!.
اما حياء المراة آنذاك فكان يخجل الرجولة فلاصورة ولاصوت لها أمام الغريب ، لكن الآن زوجة سفير تحتضن مطرب عربي مشهور أمام ناظري زوجها وهو يبتسم ويكاد ان يلوح بعلامة النصر امام وسائل الاعلام !!.
والكثير الكثير مما لايتسع المجال لذكره وكل ذلك ممنهج ومخطط له لتدمير البلاد وشيطنة الشباب . ..وين كنا ووين صرنا؟!
أرجع زمان الأمس من صفحاتي
ما أجمل الأيام بعد فوات
ذكرى يعود إلى الفؤاد حنينها
دوماً إذا ذاق الفؤاد بآهات
زمن تولى من ربيع حياتنا
في ظله ما أجمل الأوقات
نلهو ونمرح والسعادة عندنا
ما أصدق البسمات والضحكات
نجري ونجري ليس ندري أنها
تجري بنا الأعمار في الساعات
ونلاعب المطر الخفيف إذا أتى
وعلى اليدين تساقط القطرات
نبكي ونضحك تلك حال طفولة
ونصدق الأفعال والكلمات
ما أجمل الأيام تمضي غفلةً
زمن الصفاء يمر في عجلات
**
بكيت على الشّباب بدمع عيني
فلم يغن البكاء ولا النّحيب
فيا أسفاً أسفت على شباب
نعاه الشّيب والرّأس الخضيب
عُريت من الشّباب وكنت غضاً
كما يُعرى من الورق القضيب
فيا ليت الشّباب يعود يوماً
فأخبره بما فعل المشيب*