فى غرف متلاصقة يقضون أعوامهم الأخيرة فى صبر، لا يستطيعون رفع أطرافهم بسهولة نظراً لظروف السن الذى طعن بهم بعد شقاء حياة طويلة ينتظرون نهايتها بهدوء فى دور تجمعهم سوياً للتندر بقصص عن أولادهم وبيوتهم فى أعوام الشباب، ومنشغلون بالفرجة في التلفاز يقضون أوقات يومهم الممل الطويل، تمر الساعات عليهم ببطء جالسين فى حديقة الدار تغفى عيونهم فى انتظار زيارة أو سؤال، أو أى مناسبة قد تذكر العالم الخارجى بعزلتهم داخل “دار المسنين”.
تسكن السيدة “…..” إحدى غرفها، لا يختلف وضعها كثيراً عن غيرها من المسنات اللاتى يجاورنها الغرف سوى من دموع تسكن عينيها باستمرار، لا يغيب عن ذكرياتها الأيام الطويلة التى قضتها تعمل بلا كلل وحدها فى “…..” بعد أن توفى زوجها تاركاً لها “هم العيال” الذين لم تعرف طريقاً لإعالتهم سوى الغربة التى قضت فيها أعوام طويلة تعمل بأحد المطاعم لترسل لهم شهرياً ما يكفى دراستهم الجامعية،ومصاريف زواجهم واحداً تلو الأخر.
لا يزورهم أحد ولا يشعر بهم ذويهم، يشاهدون العيد على شاشة التليفزيون، ينتظرون زيارة الجمعيات فى الأعياد والمناسبات التى قد تسفر عن “خرجة” أو “رحلة”” طالما حلموا بها مع أبنائهم الذين انشغلوا عنهم تماماً ونسوا زيارتهم.
وتكريسا لثقافة المساهمة التطوعية التي تدخل في إطار الأنشطة الاجتماعية والخيرية التي تنظمها جمعية شباب الخير بوجدة، لتعزيز التواصل مع الجهات والمؤسسات التي تقدم خدمات إنسانية واجتماعية في المجتمع الوجدي.
قامت الجمعية بزيارة الخيرية الإسلامية دار المسنين بوجدة، حيث عبر جميع الحضور عن دور الفرد والمجتمع لخدمة شرائح مهمة في بني جلدتنا من الناحية الإنسانية والاجتماعية، وتدعم المبادرات التي من شانها أن تساهم في تعزيز التكافل الاجتماعي.
ونظمت جمعية شباب الخير بوجدة حفلا لنزيلات ونزلاء المؤسسة، بحضور مجموعة متميزة من الفاعلين في المجتمع المدني والفني والإعلامي، استمتع فيه الجميع للسماع والمديح أدتهم الفرقة النسائية مجموعة أم سعد وفرقة طيبة والموصيلية للطرب الغرناطي، أدخلوا البهجة على نفوس المسنين وتم إضفاء التفاؤل في قلوبهم.
ولمس الحضور حاجة هذه الفئة لمثل هذه الإلتفاتة ومثل هذه الأجواء الأسرية وهذا الدعم المعنوي الذي من شأنه أن يعوضهم الحرمان والدفء العائلي الذي يفتقدونه بين أسوار المؤسسة.
كانت بادرة إنسانية جد مهمة استحسنها الحضور كان الهدف منها مد جسور التعارف وإحياء روح التضامن والتكافل بين جميع أطراف المجتمع. كما وُزّعت الهدايا على نزلاء ونزيلات دار المسنين.
وحسب آمال بلهواري رئيسة الجمعية، فقد أتت هذه المبادرة لتشكل إطلالة متميزة وعملا خيريا جليا من شانه التخفيف من معاناة هذه الفئات وربط جسور التواصل معها وتحسيسها بالقرب من المجتمع خاصة مع الظروف الصعبة التي يحياها هؤلاء بمعزل عن العالم الخارجي.
وأوضحت بلهواري أن الهدف من الزيارة تعزيز أجواء التواصل مع هذه الفئة وإحياء دورهم الفعال وما تركوه من بصمات عبر حياتهم, ومحاولة لتجسيد لدور الجمعية اتجاه مسؤوليتها الاجتماعية.
وسجّلت “الحدث الإفريقي” إيجابية انطباع المسنين لهذه الزيارة التي انعكست من خلال تفاعلهم وتجاوبهم مع الفرق الفنية وحديثهم عن الذكريات. وأكدت عن ارتياح وسعادة عضوات وأعضاء الجمعية بهذه الزيارة التي يعتبرونها “زيارة عائلية” كان الهدف منها إسعادهم وتوعية المجتمع بهذه الفئة المجتمعية التي باتت تحتاج إلى الرعاية والاهتمام من جميع فئات المجتمع الوجدي.