بقلم: سليم هواري
في خطة مكشوفة، يواصل النظام العسكري الجزائري بكل الوسائل، صرف أموال طائلة على قضية خاسرة بدعمه لجبهة بوليساريو، بعدما صرفت عليها أكثر من 500 مليار دولار، في ظرف وجيز، مستغلا ارتفاع اسعار الغاز في الأسواق العالمية….
ففي دولة الاستبداد ونظام الجنرالات ، المال العام اصبح مالا سائبا يُبَذّر سفاهةً بلا حسيب ولا رقيب… لا يهم مصير عشرات الموتى في الحرائق التي اجتاحت البلاد، ولا يهم ان تتحول الجزائر إلى بلاد للطوابير لاقتناء الحليب والسميد والسكر…كما لا يهم لعصابة السوء ان تنهار عملتها الى مستويات متدنية…لكن يبقى همها الوحيد معاداة دولة جارة اسمها المملكة المغربية بأية طريقة كانت حتى ولو كلفها الامر حرق ثروة وأموال الشعب الجزائري ، من اجل استمالة عدة دول منها من استفادت بالأموال ومنها من كان نصيبها عينا بتزويدها بمادة الغاز الطبيعي بأثمان تفضيلية، كما بينت ذلك العقود الموقعة بين دولة العصابة و إيطاليا وفرنسا و حتى اسبانيا بالرغم من اعترافها العلني – لأول مرة – بموقف المغرب بمبادرة الحكم الذاتي المقدمة سنة 2007 من طرف المغرب ، وهي الأساس الأكثر جدية وواقعية لحل هذا النزاع المفتعل من طرف الجزائر …
إضافة الى وضع طائرات خاصة لإهدار المال العام، وضعت خصيصا لتنقل وفود الدول – كان الشعب المغلوب على امره في أمس حاجة اليها –في الملتقيات الدولية كما وقع مؤخرا في الملتقى الاقتصادي بتونس للوفد البوراندي ووفد الإرهابي بن بطوش، وكذا تخصيص الطائرة الخاصة – المعلومة – لنقل الصحافي الاسرائيلي المشهور جاكوب جوداه الكاتب بجريدة ” هارتس ” الإسرائيلية الذي جيء به خصيصا من مدريد إلى تندوف ليستقبله بن بطشون بالأحضان مرحبا به…
شراء دمم الدول – اصبح الهم الوحيد لجارة السوء – وخاصة الدول المجاورة للمغرب ، حيث ظهر جليا للعيان المساعدات المالية التي قدمت لموريتانيا ومالي مؤخرا، الا ان ما لفت الانتباه ، هو ان العصابة بالغت في ضخ أموال ضخمة في السنوات الأخيرة لحكام قرطاج، فبلغة الأرقام و بالضبط في سنة 2020 ، قررت الجزائر ضخ وديعة قيمتها 150 مليون دولار في البنك المركزي التونسي، وفق ما أعلنه عبد المجيد ال ” تبون ” في مؤتمر صحفي مع نظيره التونسي قيس سعيد الذي قام بأول زيارة له للجزائر ، وقال التبون بالحرف” اتفقنا على تسهيل دفع تونس فاتورة الغاز والمحروقات طالما تونس تواجه مصاعب في الدفع”.
وقبل هذا التاريخ، كان قد تم التوقيع على اتفاقية جديدة ين الجزائر وتونس بموجبها تم تقديم قرض بقيمة 100 مليون دولار، مع مساعدة مالية ل بقيمة 50 مليون دولار، بحسب وسائل اعلام، وذلك بمناسبة زيارة رئيس الحكومة التونسية مهدي جمعة، الى الجزائر. كما وقع وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة ونظيره التونسي مونجي حامدي، على “بروتوكول مالي يتعلق بمنح قرض للجمهورية التونسية من طرف الجزائر ومنح مساعدة مالية غير قابلة للاسترداد” بحسب نفس المصدر، وفي سنة 2022 صدر في العدد الأخير من الجريدة الرسمية التونسية مرسوم يتعلق بـ”الموافقة على البروتوكول المالي المبرم بتاريخ 9 دجنبر 2021″، بين حكومتي البلدين وينص على “منح قرض تفضيلي لفائدة الجمهورية التونسية بمبلغ 300 مليون دولار أمريكي”.و بخصوص هذا القرض ، كانت رئيسة الحكومة التونسية، نجلاء بودن، قالت بالحرف إن البلدين يعملان من أجل الانطلاق في “استراتيجية متكاملة” في العلاقات الثنائية بينهما…
الغريب في الامر- بالنسبة إلى كثير من المتتبعين للمشهد السياسي الإقليمي – ان الجزائر قررت دعم تونس بشتى الوسائل – حتى ولو كان على حساب شعبها- مستغلة الظروف الداخلية الصعبة التي أصبحت تجتازها تونس في السنوات الأخيرة، في المقابل كان العرض المخزي و الموقف الانتهازي ل” قيس الرخيص” واضحا للعيان ، بعدما لعب أوراقه الخاسرة الأخيرة في ملف الصحراء المغربية، وكسر بالتالي “الصمت السياسي الناطق” الذي غالبا ما تم نهجه مع المغرب انطلاقا من موقف عصابة قرطاج الحيادي من نزاع الصحراء المغربية، وارتمى في أحضان عصابة السوء باستقباله للإرهابي بن بطوش، باستقبال رسمي ، مقابل حفنة جديدة من أموال الشعب الجزائري الذي بات يعيش في فقر مدقع لا مثيل له….
ويرى مراقبون ، ان الجزائر تكون قد غامرت بفعلتها الملتوية بالخداع والتمويه وذر الرماد في العيون والإيهامُ في الظواهر والأشكال، خاصة تعاملها المريب في قضية تزويد الأسواق الاوربية بالغاز بكميات كبيرة عن طريق ابرام تعاقدات – دفعة واحدة – مع كل من اسبانيا وإيطاليا وفرنسا التي وعد رئيسها ماكرون مؤخرا – في سابقة من نوعها – تزويد المانيا بالغاز ، قبل حلول الشتاء المقبل …فأكيد ان الدب الروسي ليس غافلا عما يجري في الساحة ، فمعاكسة مصالح روسيا في تشديد الخناق عليها في ظل ازمتها مع أوكرانيا سيكون له ثمن غالي بالنسبة لعصابة أصبحت لا تفرق في معاملاتها بين الصديق والعدو…هذا و لا تستبعد –مصادرنا – من نسخ السيناريو الذي وقع في السودان آجلا ام عاجلا، لأنه الحل الوحيد لإخراج الجزائر من ظلمات العسكر الذين عاثوا في الأرض فسادا دون حسيب او رقيب…