كشفت اللجنة المستقلة حول زنا المحارم والعنف الجنسي الممارس على الأطفال عن أرقام كبيرة تستدعي وضع خطة حكومية استعجالية لمحاربة هذه الظاهرة، وهي اللجنة التي أنشئت العام الماضي لأجل رصد حالات زنا المحارم في البلاد.
وكانت قد استمعت للضحايا خلال عام كامل، بشكل مباشر خلال حضور لقاءات مفتوحة، في حين فضل ضحايا آخرون التواصل مع اللجنة عبر الهاتف، أو عبر ملء استمارات وضعت رهن إشارتهم على الإنترنت.
تشير التقديرات إلى تعرض حوالي 160 ألف طفل فرنسي لاعتداء زنا محارم سنويا في فرنسا، بينما تحدث تقرير اللجنة عن وجود نحو 5.5 ملايين ضحية بالبلاد، في المجمل.
وذكر التقرير أن أغلبية الضحايا من الإناث (9 من أصل عشرة) ومتوسط عمر الضحايا الآن 44 عاما، وواحدة من أصل 4 ضحايا تعرضت للاعتداء الجنسي وعمرها كان لا يتجاوز وقتها 5 أعوام.
وجاء في التقرير ذاته تفاصيل معاناة الضحايا مع التأثيرات السلبية للاعتداءات الجنسية على صحتهم النفسية والبدنية، حيث يعانون من اضطرابات نفسية متعددة، ومن مشاكل صحية كثيرة بينها مشاكل في التغذية، الإدمان، حيث حاول كثيرون الانتحار. علما بأنها معاناة تستمر معهم طيلة حياتهم.
وصرح قاضي الأطفال إدوارد دوران، أحد رئيسيْ اللجنة، بأن المجتمع بدأ يتعامل بشكل أفضل مع ظاهرة زنا المحارم، وبدأ يفهم أن الأمر لا يتعلق بـ “شأن شخصي” بل ظاهرة كبيرة تؤثر على الأمن العام، داعيا في الوقت نفسه إلى عدم التقليل من شأن هذه المشكلة، وإلى فهمها لمواجهتها بصرامة، وأنه “لا يمكن البتة أن نقول للضحايا: حسنا، تجاوزوا المشكل وانتقلوا إلى أمر آخر”.
وبلورت اللجنة منذ مارس الماضي 20 توصية لمواجهة هذه الظاهرة وحماية الأطفال القصّر، من بينها 5 تدابير تحتاج إلى تمويل يجب أن يناقش تفاصيله البرلمانيون خلال مدارسة القانون المالي للعام المقبل.
ووضعت من بين توصياتها تنظيم عمل مراكز الرصد التي لها علاقة بالأطفال، إنشاء خلية للمشورة والدعم لفائدة المهنيين، بالإضافة إلى توفير الميزانيات الضرورية لفائدة الشرطة القضائية والهيئات المختصة بجرائم الإنترنت، ضمان رعاية خاصة للضحايا، وأخيرا تنظيم حملة وطنية تسلط الضوء على ظاهرة الاعتداء الجنسي على الأطفال، حيث إن آخر حملة نظمت لتحقيق هذا الهدف كانت عام 2002.
وتعهد الرئيس إيمانويل ماكرون خلال حملته الرئاسية بالعمل على متابعة تنفيذ توصيات اللجنة، وبناء ثقافة جديدة في البلاد تحمي الأطفال وضحايا الاعتداءات الجنسية بشكل عام، إلى جانب محاربة كل أشكال عدم معاقبة المتورطين في جرائم اعتداء جنسي على الأطفال.