تعتبر الانقلابات في افريقيا هي الأسلوب المؤسسي الأكثر شيوعًا لتغيير الحكومات في أفريقيا منذ رحيل الاستعمار،وليس الانتخابات .
و ويؤكد هدا الكلام البروفيسور صامويل ديكالو، من جامعة ناتال ديربان بجنوب أفريقيا، قائلًا: إن الانقلابات هي «السمة الأكثر وضوحًا وتكرارًا للتجربة السياسية الأفريقية». فمنذ خمسينات القرن 20 شهدت أفريقيا 204 انقلابًا؛ نجح منها 100، وفشل 104. وكنت السودان اول من يتزعم الدول الافريقية بأكبر عدد من الانقلابات خلال تلك الفترة بواقع 14، وإن كان لبوركينا فاسو النصيب الأكبر من الانقلابات الناجحة، بواقع 7. ومن بين 40 دولة أفريقية شهدت انقلابات، كانت المغرب وكينيا والكاميرون هي الدول الثلاث التي لم ينجح فيها أي انقلاب. في 12 من تلك البلدان الأربعين، وقعت انقلابات في غضون خمس سنوات من الحصول على الاستقلال. وفي المجمل شهدت 23 دولة أفريقية ثلاثة انقلابات على الأقل. و14 دولة فقط من أصل 54 دولة في أفريقيا هي التي لم تشهد انقلابًا عسكريًا.
عرفت افريقيا 99 محاولة انقلاب جنوب الصحراء خلال الفترة من 1970 إلى 1989. لكن في الفترة من 1990 إلى 2010 شهدت المنطقة 67 محاولة انقلاب، وهي نسبة عالية مقارنة بباقي المناطق حول العالم، إلا أنها انخفضت بمقدار الثلث تقريبًا في عقدين.
لكن لماذا أصبح من الصعب على قادة الانقلاب أن يتلاعبو بدساتير بلادهم في القارة؟
تراجُع تحركات الجيوش حول العالم للاستيلاء على السلطة بالقوة، حسب عبادياس ندابا ففي أفريقيا تحديدًا، يُرجِع المتخصص في الشؤون الأفريقية، ذلك إلى مزيج من ثلاثة عوامل رئيسة:
- صعود جيل جديد من الأفارقة، خاصة الشباب وأبناء الطبقة الوسطى المزدهرة، التواقين إلى التغيير. فأفريقيا هي أصغر قارة في العالم، حيث يزيد عدد السكان الذين تقل أعمارهم عن 25 عامًا عن نصف إجمالي التعداد، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد السكان إلى مليارين بحلول عام 2050.
- البيئة الدولية المتغيرة. خلال حقبة الحرب الباردة، عندما كانت الانقلابات حدثًا متكررًا، كانت المصالح الأجنبية تدعم بشكل ما أو تحفز العديد من الانقلابات في أفريقيا. لكن هذه الممارسة غير الديمقراطية لم تعد نشاطًا دوليًا جذابًا في عالم أكثر تعقيدًا.
- ضغوط الاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية مثل «الإيكواس»، وكذلك المجتمع الدولي، ليس فقط عبر الإدانة بالكلمات، ولكن أيضًا بفرض عقوبات على الأفراد المسؤولين عن الإطاحة بالحكومات المنتخبة ديمقراطيًا.
وصعبت هده العوامل من حدوث انقلاب عسكري ناجح ضد حكومة شرعية، لكنها لا تعني نهاية الانقلابات العسكرية في أفريقيا. وقد يكون قصير الأجل لأن تواري الانقلابات لسنوات عديدة لا يعني أن الدولة لم تعد عرضة للخطر.
و الغريب في الامر أن معظم الانقلابات التي شهدتها أفريقيا تمت ازاحتها بانقلابات أخرى، ولم تخرج الدول المنكوبة من هذه الدوامة العسكرية إلا بالمثابرة.