باريس: يحي الصغيري
لم تعد أحزابنا تُعنى بافراز نخب ذات مصداقية، بل أصبح همها الوحيد هو السعي للفوز في الانتخابات بأي ثمن وبأي وسيلة وبأقصر الطرق، وذلك بتوظيف كائنات انتخابية بئيسة، وتفريخ نخب سياسية رديئة ومأزومة، وتحويل الحزب الى ماكينة انتخابية تحت رحمة كائنات انتخابية، يغيرون إنتمائهم الحزبي كما يغيرون ملابسهم، يتنقلون بين الأحزاب دون التشبث بأي رابطة انتماء أو ولاء لأي حزب، فمصلحتهم هي التي تحدد انتقالهم وتنقلهم من هذا الحزب إلى ذاك، يغيرون معاطفهم السياسية ليدخلوا في معاطف سياسية جديدة، حسب الظروف والمناخ الحزبي؛ في ظل فضاء سياسي مازال يشتغل بآليات الزبونية والريع السياسي.
أحزاب تُقسم مناضليها الى صنفين من المناضلين، الذين يملكون، والذين لا يملكون. الذين يملكون لهم حق الترشح للانتخابات، والذين لا يملكون لهم الحق فقط في التصويت على من يملكون؛ مع العلم أن الذين لا يملكون يمثلون 98%، أما الذين يملكون فيُمثلون 2% فقط.
اذن فالقرار السياسي هو في يد من لا يملكون، فهم وحدهم القادرون على التغيير، وهم وحدهم القادرون على قلب الموازين مهما كانت التحديات كبيرة.
لا عيب في الانفتاح عن الطاقات، ولا عيب في جذب الأعيان الشرفاء، ولا عيب في إستقطاب نُخب جديدة، تتميز بالكفاءة الحزبية والنزاهة والتشبث برابطة الانتماء للحزب والولاء له ولمبادئه. لكن العيب أن نصطاد مرشحين لا وجود لهم الا من خلال ما يملكون من مال وريع ونفوذ، على أساس أنهم الأوفر حظاً لنيل أصوات الناخبين.
انها “البطانة الفاسدة”، التي أفسدت السياسة وافرغتها من قيمها ومبادئها اذ اصبح المال هو المؤثث الوحيد للعملية الانتخابية، فهذا مشروع باطل، تربته فاسدة وبُني بأدوات فاسدة، ولا يمكن أن يُنتج إلا مزيداً من الفساد؛ مشروع يخدم كائنات انتخابية، تطمع في الحصول على مكاسب ذاتية أكبر ومآرب شخصية واعادة تدوير المنافع.
ها أنتم تُخطئون السكة مرةً أخرى وأنتم تراهنون وتتهافتون على “البطانة الفاسدة”، انكم تراهنون على المجهول، وتزرعون الوهم، وستحصدون مازرعتموه، والتغيير قادم لا محالة.
فعذراً عزيزي المواطن بحجم السماء…