مغاربة فرنسا يفضلون دار البقاء في وطنهم
يقوم نحو 80 بالمائة من المهاجرين المغاربة المقيمين في فرنسا ونظرائهم من دول المغرب العربي بدفن جثامين أقاربهم في بلدانهم الأصلية على دفنهم في بلد المهجر الذي يقيمون به.
وأفادت وكالة الأنباء الفرنسية نقلا عن أحد الباحثين في المركز الفرنسي للبحث العلمي قوله أن نحو 80 بالمائة من الموتى الذين تعود أصولهم إلى دول المغرب العربي كالمغرب والجزائر وتونس تعاد جثامينهم إلى بلدانهم، مستدلا في تقديراته على عدد تراخيص نقل الجثامين التي تمنحها الدوائر الرسمية الفرنسية. وكثيرا ما شكلت عملية نقل جثث الموتى إلى الوطن مشكلا كبيرا لأفراد الجالية المغربية المقيمين هناك، إما بسبب غلاء تكلفة نقلهم وإما بسبب الإجراءات الإدارية التي قد تؤجل موعد دفنهم، إضافة إلى صعوبة دفنهم ببلد المهجر بالنظر إلى انعدام وجود مقابر خاصة بالمسلمين لوحدهم فقط، الأمر الذي يدفع بهم إلى دفن موتاهم في مقابر غير مسلمة، وهو ما يسهل تعرض هذه القبور من فترة لأخرى إلى التخريب والنبش من طرف متطرفين، خاصة اليهود منهم، كما أن بعض المهاجرين المغاربة الذين لا يتوفرون على وثائق إقامة يجدون أنفسهم في مشكل كبير،فهم ليس لهم الحق بالدفن هناك، إضافة إلى أن نقلهم إلى بلدهم الأصلي يتطلب وقتا وتحقيقات.
وتسمح فرنسا بموجب مرسوم رئاسي صادر في 1937 بإقامة مقبرة للمسلمين مساحته أربعة هكتارات، في بوبيني بضاحية سان دوني الباريسية قرب المستشفى الفرنسي الإسلامي ابن سينا، وتتبع المقبرة أيضا 85 جناحا مخصصا للمسلمين أساسا في مقابر بمنطقة ايل دو فرانس بباريس، في حين أن الأمر يحتاج إلى ما بين 600 و700 جناح، بحسب مصادر “الحدث الإفريقي”.
وترى السلطات الفرنسية أن إقبال المهاجرين على دفن موتاهم في بلد المهجر أو عدمه مؤشر على مدى اندماج المسلمين في بلد يتخذ من العلمانية منهجا لتسيير شؤونه، إلا أن مسجد باريس الكبير القريب من دوائر السلطة في فرنسا، يرجع إعراض المغاربة عن دفن موتاهم إلى ”القاعدة السائدة التي تقوم على دفن المسلمين في مقبرة مسلمة وهو ما يفسر رغبة غالبية الأسر في إعادة الجثامين إلى البلد الأصلي”.
وبينت مصادر “الحدث الإفريقي”أنه لا يوجد بين هؤلاء المهاجرين الذين يدفنون موتاهم في بلدهم الأصلي من الجيل الأول فقط، بل أيضا من الشبان الذين ولدوا في فرنسا خصوصا الذين يتوفون في ظروف عنف.
وأوضحت ذات المصادر أن المهاجرين الذين لديهم عمل دائم في فرنسا هم الذين يريدون أن يدفنوا فيها، لأنهم ”يريدون زرع جذور لأبنائهم وأحفادهم، أنه الحق الذي ينشأ من الولادة في أرض ما ولكن بشكل معكوس”، مضيفة أن ”الاندماج هو أن توجد أيضا في شكل ميت.إن الاندماج يتطلب قبل كل شيء تحلل الجسد في التراب هنا،في فرنسا”.