صحافة وإعلام

هكذا يصنعون الرعب ! إعلام في خدمة التضليل

 لماذا يرافق انتشار وباء ما، هالة من الخوف والرعب؟ رغم أن مرض السرطان يحصد أكثر من 8.2 مليون شخص سنويا أي بمعدل أكثر من 5 أفراد كل دقيقة. يتفشى الوباء ويخيم الرعب، حتى يصبح الخوف السمة الأساسية التي يحيا بها الأفراد، والتي ترافقهم يوميا وإن بدرجات متفاوتة. كما تسلط وسائل الإعلام جل اهتمامها صوب هذه الكارثة الوبائية في حين يعيش المجتمع الدولي مشاكل عويصة، ومجاعات، وأمراض، وأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية تستحق الإهتمام.

بقلم عبدالله العبادي

 فالنظام الرأسمالي المتوحش نجح في خلق البلبلة اللاإنسانية واستطاع توجيه أفعال الأفراد والتحكم في سلوكهم وهذا يعد أخطر من الوباء نفسه، أي أصبح الفرد خطرا بالنسبة لفرد آخر، أي خلق بيئة عدائية وهي مضادة للطبيعة الإجتماعية للفرد، بموجبه تتأسس أرضية صالحة لظهور الصراع بين الأفراد مما يولد عنفا ظاهرا.

 أي نحن أمام التعبير الصريح لهوبس: الإنسان ذئب لأخيه الإنسان، أي هناك من هو محكوم عليه بالتبعية والضعف، وقلة قليلة تقود القافلة، في حين تقف الأغلبية على الهامش وتلعب دور المتفرج المنتظر. ولكن كيف تجرد الفرد من إنسانيته، أهو بؤس المجتمع الرأسمالي والإنتاج المادي الذي أدخل الأفراد في صراع مستمر بينهم، وأصبح الفرد مشروعا ونمطا استهلاكيا محضا خال من القيم والمبادئ ومتوحشا في البحث عن تلبية حاجاته في إطار مجتمعات مادية استغلالية بامتياز.

 داخل المجتمع المادي الاستغلالي أصبح الفرد جزءا أو وحدة من وحدات الإنتاج وكائن غير ضروري يمكن إقصاؤه بسهولة، ونرى كيف يتم داخل النظام الرأسمالي الإستغناء عن الفائض كما يتم الإستغناء عن الأفراد باعتبارهم أيضا جزءا زائدا.

كلها صور لصراع البقاء في عالم يتصارع من أجل مواد وثروات وقلتها تضع الفرد في صراع مباشر مع الآخر، مما يخلق إحساسا إما بالقيادة أو التبعية، أي بالعجز وانتظار ما سيقرره الآخر الملم بالأمور والذي يدخل الضعيف في عزلة قهرية، لأنه يملك آليات السيطرة التي تروج لها الجماعات الإقتصادية والإيديولوجيات السياسية، ويملك أيضا أدوات البحث العلمي والمؤسسات الفكرية والمعرفية.

  يقول مصطفى محمود لو انتشر فيروس قاتل في العالم، وأغلقت الدول حدودها وانعزلت خوفا من الموت المتنقل، ستنقسم الأمم بالغالب إلى فئتين: فئة تملك أدوات المعرفة تعمل ليلا ونهارا لاكتشاف العلاج، والفئة الأخرى تنتظر مصيرها المحتوم، وقتها ستفهم المجتمعات أن العلم ليس أداة للترفيه بل وسيلة للنجاة.

 والمحنة التي يمر منها المجتمع العالمي إلا دليل على قيمتين أساسيتين ومهمتين وهما الإنسانية والعلم، لأنه مهما كانت العواقب وخيمة ستنتصر الإنسانية، الشيء الذي يدعو العرب إلى وقفة مع الذات وإعادة التفكير في الأولويات.

 ففي الوقت الذي كان الغرب يبني مختبرات للبحث العلمي ويخصص ميزانيات ضخمة، كان العرب يبنون أبراجا رملية وجزرا واستثمارات بعيدة عن الإستثمار في العنصر البشري وتحضير الإنسان العربي معرفيا وعلميا، فتذيلنا أسفل الرتب وصرنا محكومين وتابعين.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button