أكد الباحث الأكاديمي السنغالي محمد المختار جي، أن العلاقات الثقافية بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء هي وثيقة الصلة ومتجدرة عبر التاريخ.
وأوضح الباحث الأكاديمي، خلال ندوة دولية أطرها باحثون ومهتمون من المغرب والسنغال، حول موضوع “التراث المادي والثقافي للمجال الواحي: الواقع وسبل التثمين” ضمن فعاليات الموسم الديني السنوي لزاوية آسا (ملك ى الص الحين) الذي تنظمه مؤسسة آسا-الزاك للتنمية والفكر والثقافة (4-9 أكتوبر)، أن العلاقات الروحية والدينية بين المغرب وإفريقيا هي علاقات وطيدة وقديمة جدا وأن المغرب ظل عبر التاريخ أرض التلاقي والتواصل وتلاقح الحضارات والثقافات .
وأشار في مداخلة حول “الصلات الثقافية بين المغرب وإفريقيا جنوب الصحراء”، إلى أن المغرب ربطته بدول إفريقيا جنوب الصحراء علاقات وطيدة كان لها الفضل في حدوث تراكم معرفي وتفاعل حضاري بين الجانبين حيث تأثرت إفريقيا بثقافة المغرب بشكل كبير، مبرزا أن علماء المغرب هم أول من أدخلوا الإسلام والثقافة العربية الإسلامية في كثير من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
وقال المختار جي ، وهو رئيس الجامعة الإسلامية بمينيسوتا بالولايات المتحدة (فرع السنغال) “إن المغرب ساهم بشكل كبير في نشر الإسلام في دول إفريقيا لاسيما من خلال المذهب المالكي الذي يعتنقه أكبر عدد من المسلمين في إفريقيا جنوب الصحراء، ولذاك نجد أن كل المسلمين تقريبا في المنطقة هم مالكيون ويعتمدون المراجع المغربية في تدريس الفقه في الكثير من المعاهد والمؤسسات الإفريقية .
كما كان للتصوف في إفريقيا ، يضيف الباحث السنغالي، أثر كبير في انتشار الإسلام لأن المغاربة هم أول من نشروا الطرق الصوفية في القارة وخاصة الطريقة التيجانية التي كان لها حضور فاعل في هذا التلاقح الفكري والثقافي وفي مد جسور التواصل والتعاون الثقافي، مؤكدا أن هذه العلاقات الدينية والروحية والفكرية الضاربة في عمق التاريخ لازالت متواصلة من خلال استقبال المغرب للطلاب الأفارقة قصد التكوين في الشأن الديني .
من جهته، استعرض عادل جاهل، باحث في تاريخ الصحراء، الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمواسم الدينيةوتوزيعها الجغرافي وامتدادها الزمني في منطقة الصحراء وخاصة منطقة وادنون، مشيرا إلى أن المواسم والأسواق الأسبوعية الشعبية هي فضاء سوسيو – ثقافي رحب يميزه التعدد والتنوع والاختلاف ، كما كانت هذه الأسواق مناسبة بالنسبة للتجار لعرض بضائعهم وأيضا تنمية تجارتهم .
من جانبه، تطرق سويلام بوغدا، أستاذ بجامعة ابن زهر بأكادير، إلى الأدوار المنوطة بالمواسم الدينية، ومراحل الامتداد الصوفي والروحي لزاوية آسا (إقليم آسا الزاك) في سوس والحوز والصحراء، مشيرا إلى مختلف القبائل التي استقرت في المجال الصحراوي وترابطها الاجتماعي بالمنطقة.
أما محمد بوصالح، خبير في التراث الثقافي، فقد توقف عند الآليات القانونية والتشريعية للمحافظة على التراث الثقافي، ومراحل بروز الجانب القانوني وظهور مؤسسات سواء قبل أو بعد الاستقلال، تسهر على حماية الممتلكات الثقافية بالمغرب ، مشيرا إلى ظهور أول قانون في هذا الشأن سنة 1980 وهو 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات والمنقوشة والتحف الفنية والعادات.
ويسعى منظمو فعاليات الموسم الديني السنوي (ملك ى الص الحين) إلى إبراز مظاهر احتفال القبائل الصحراوية المغربية بذكرى المولد النبوي الشريف من خلال أنشطة الذكر والمديح والإنشاد الديني.
وتعرف دورة هذه السنة تنظيم عدد من الفعاليات التي تبرز مظاهر احتفال القبائل الصحراوية بذكرى عيد المولد النبوي الشريف من خلال أنشطة الذكر وليالي السماع والمديح تحييها فرق حسانية وأمازيغية ، وكذا مسابقات في حفظ القرآن الكريم وتجويده احتفاء بمولد النبي صلى االله عليه وسلم في رحاب زاوية آسا، بالإضافة إلى أمسيات فنية.
كما تعرف تنظيم عملية إعذار جماعي لأطفال بفضاء المستشفى الإقليمي لآسا الزاك، فضلا عن ندوات وأمسيات شعرية وتقديم وتوقيع أعمال أدبية.