بقلم: إيمان قاسم اللامي
العقود المنصرمة كانت تشير بوضوح الى وجود نسبة كبيرة وشاخصة للاقليات وأبناء باقي الديانات في العراق من حيث التمثيل المكوناتي والديني والاداء الاقتصادي وغيره. فما ان يذكر طقس التعميد حتى يتبارى الى الذهن المكون الصابئي المندائي واعيادهم الشهيرة كدنفا ربه وغيره. اما على الصعيد الاقتصادي فللصابئة الباع الطويل في صياغة الذهب والتجارة بمختلف انواعها.
اما اليوم فالصاغة الصابئة أصبحوا مؤخرا قليلين واحتل مهنتهم صاغة مسلمون أصبحوا هم الأغلبية. وحتى ما يعرضه الصاغة الصابئة في محلاتهم قليل جدا مقابل كميات كبيرة من الذهب يعرضها صاغة مسلمون. فالامر تغير جذريا.
اما الاحصائيات السابقة كانت تؤكد بلوغ تعداد الصابئة في الثمانينات قرابة 1,3 مليون نسمة إلى ما يُقدّر بنحو 400 ألف نسمة اليوم. ما يعني حصول تحول مخيف في احصائياتهم المتناقصة تدريجيا.
لكن بكل المقاييس فان مصطلح الاقلية – رغم قساوته- هو الافضل للاقليات المتنوعة لما يقف وراءه من دعم تاريخي واستحقاقات تكون الاكثرية ملزمة بها بحسب العديد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية. فحقوق الاقليات في اي دولة مقرونة بثلاث معايير وهي:
ا- حماية الهوية والوجود
ب- المساواة وعدم التمييز
ج- المشاركة السياسية الفعالة.
اما في العهد السياسي الجديد في العراق لم نشاهد طوال ١٨ سنة كتلة للاقليات بمختلف اديانها حيث وعلى الدوام كانت تحت عباءة الاحزاب وهيمنتها في المجلس النيابي الذي تصله عبر الكوتا.
ليبقى السؤال الاهم: عدم المساواة بين المواطنين على ارض الواقع هل بسبب التشريعات الدستورية والقانونية التميز بين المواطنين؟ علما ان دين الدولة هو الاسلام نموذجا والمادة 26 / ثانيا/ من قانون الهوية الوطنية الموحدة: في موضوع اسلمة القاصرين من غير الديانة الاسلامية في حال اسلمة احد الوالدين ، نموذجا اخر.
هنا يتسائل احدهم: هل التعددية ستبقى مصدر ضعف؟ وياتي الجواب: التعددية لا تنتعش وتكون مصدر قوة الا في دولة مدنية ، دولة مؤسسات ، دولة المواطنة. حيث ان واقع السنوات الماضية اثبت ان الاكثرية بقت اكثرية متسلطة والاقلية ظلت اقلية مهمشة. ما يعني ان مصطلح المكونات لم يسعفها في ان تكون مشاركة بفاعلية ككل المكونات الاخرى في رسم وادارة وتوجيه سياسة البلد.
فهل عدم تطبيق القانون ضد خطاب الكراهية والتطرف رغم وجود قوانين سارية المفعول من ضمنها قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 سبب لهذا التدهور؟
وهل انتهت مشاكل الأقليات بنهاية داعش؟
ولماذا للان وبعد ٢٠٠٣ مازالت مسالة الأقليات وحماياتهم وحفظ حقوقهم معضلة تواجه عملية بناء الدولة العراقية الحديثة؟
وهل ما زال بالإمكان الحفاظ على مستقبل نضمن فيه ان يكون للاقليات العراقية وجود في عراق المستقبل ام لا؟
كلها اسئلة مشروعة تبحث عن اجوبة شافية لدى ابناء الاقليات.