الحدث الافريقي- عبد الواحد بنديبة
قالت قناة بي بي سي عربي، في تقرير لها الأحد خامس دجنبر الجاري، إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أبقى على قوات فرنسية في منطقة الساحل الأفريقي لمكافحة المسلحين، كما دعم التكثل الاقتصادي لدول غرب أفريقيا” إيكواس” في محاولاته للدفاع عن سياسة الانتخاب في مواجهة هيمنة العسكريين.
رغم كل ذلك، تعدّ فرنسا الآن هدفا لسهام فئات أفريقية متعددة تؤكد الغطرسة السياسية والاقتصادية التي تعتبرها تلك الفئات مريرة تمس الجانبين السيكلوجي والاجتماعي والبنيوي لدولها، وهي انتقادات باتت تتأجج على نطاق غير مسبوق.
كما أشارت، إلى أن قافلة جنود فرنسيين، تعرضت الشهر الماضي، لحصار فرضه متظاهرون ضد فرنسا، بينما كانت القافلة في طريقها شرقا لتقديم الدعم في مواجهة ضد مسلحين، وخلال شتنبر الماضي، لقي حديث أدلى به رئيس وزراء مالي، شوغيل مايغا، تعاطفا وإصغاء كبيرا، حيث اتّهم فرنسا في الأمم المتحدة بالتخلي عن بلاده في منتصف الطريق بعد تقليص ماكرون عدد قواته في مالي.
في سياق متصل حسب القناة البريطانية دائما، بات أمرا مألوفا بين الفئات المثقفة من الشباب في غرب أفريقيا، سماع دعوات لإلغاء التعامل بالفرنك الأفريقي – وهي العملة المستخدمة في عدد من الدول الفرانكفونية-، حيث يرى أصحاب تلك الدعوات أن فرنسا، بموجب تلك العملة، تسيطر على اقتصادات الدول التي تستخدمها، بينما تقول فرنسا إن الفرنك الأفريقي يضمن استقرار تلك الاقتصادات.
في الضفة الأخرى، رصد موقع”الحدث الأفريقي” الأدوار التي بات يلعبها المغرب داخل القارة الإفريقية، ودول غربها على وجه الخصوص ، حيث اعتمدت المملكة المغربية، في دبلوماسيتها تبني أسلوب الإقناع والتعاون الاقتصادي، كأساس لتطوير العلاقات مع الدول الإفريقية، حيث يعد المغرب اليوم أكبر مستثمر في غرب إفريقيا والثاني على مستوى القارة، بعد جنوب إفريقيا، وفق تقارير دولية، من بين نتائجها السياسية سحب دولة مالاوي اعترافها بالبوليساريو.
كما يرى محللون استراتيجيون أن المغرب استعاد مكانته في الاتحاد الإفريقي ليس من حيث الشكل، بل تجاوزه للعمل ميدانيا واقتصاديا، وبات لاعبا أساسا على مستوى آليات اتخاذ القرار في المنظمة، خاصة ما يتعلق بمجلس الأمن والسلم وباقي الهيئات الاقتصادية.
كما يقدم المغرب أوراقا رابحة لإفريقيا، باعتماده سياسة التعاون مع بلدان القارة بمنطق رابح – رابح، قائم على تحقيق المصالح المشتركة، موظفا في ذلك أذرعه الاقتصادية القوية بما فيها المكتب الشريف للفوسفاط، والشركات الكبرى للتأمين والبنوك.
ولم يتوقف انفتاح المغرب نحو دول إفريقية على إبرام اتفاقيات مع الدول فقط، حيث بات القطاع الخاص المغربي حاضرا بقوة في القارة السمراء، بعدما اشترى بنك “التجاري وفا بنك” (أحد أكبر البنوك المغربية الخاصة) “كوجي بنك” الرواندي، أحد أكبر المصارف في هذا البلد الإفريقي، فيما وقع “المكتب الشريف للفوسفاط” اتفاقية بـ 3.7 مليارات دولار مع إثيوبيا لبناء أكبر مصنع لإنتاج الأسمدة في القارة، وهو مجعله يعزز موقعه كأول مستثمر إفريقي في القارة، حسب وكالة الأخبار الاقتصادية “إيكوفين”، بقيمة 5 مليارات دولار و 22 مشروعا.
وكان تقرير مركز تحليل تابع للمكتب الشريف للفوسفاط، كشف أن المغرب أبرم مع دول جنوب الصحراء الإفريقية نحو 590 اتفاق تعاون منذ 2000.
كل ذلك، يصب ويهدف بناء علاقات قائمة على المعاملة بالمثل والمساواة في السيادة وخدمة المصالح المشتركة من أجل تحقيق التنمية المستدامة للشعوب، ويقدم بذلك نموذج القوة الناعمة في قارة إفريقيا، ليس فقط بخصوص القضايا ذات الطبيعة السياسية والاستراتيجية، بل يتجاوزه ليصل إلى حفظ الأمن والسلم الدوليين ومحاربة الارهاب، ويلعب دور الوساطة المركزية والمنصة الاستراتيجية للربط بين إفريقيا وأوروبا وبين إفريقيا ومناطق أخرى بما فيها الشرق الأدنى.