الشاعرة شريفة السيد..لا بد من توعية المرأة المعيلة والمهمشة ومنحها فرص العلم
في الانتاج الشعري للشاعرة شريفة السيد يغلب الصوت النسوي ويقدم رسالة المرأة ودورها في الحياة الإنسانية، وقد جسدت دواوينهارسالة إنسانية من المرأة إلى العالم أجمع وضعت فيه السيدتجاربها الخاصة باعتبارها امرأة لها مالها وعليها ما عليها من حقوق وواجبات تجاه الأسرة والمجتمع والعالم ككل.
الشاعرة المصرية التي أصدرت عديد الانتاجات الأدبية على مدار أربعة عقود حازت أكثر من عشر جوائز تقديراً لإنجازاتها، كانت ضيفة اللجنة الإعلامية لمؤتمر “قضايا المرأة المعاصرة في كتابات المجددين.. التحديات وآليات المعالجة” الذي ينظمه اتحاد الجامعات الأفروآسيوية في 25-26 نوفمبر في إسطنبول.
تؤكد السيد أن الشعر ليس لاتخاذ قرارات تنفيذية لمعالجة قضايا ومشكلات المجتمع،إنما دوره توعوي تثقيفي تحفيزي في خطوة هامة نحو الإصلاح. وهو يضع يده على المشكلة ويوضح جوانبها ويرفع صوته بهذا التوضيح نحو المسؤولين لكي ينتبهوا ويتخذوا قرارات مناسبة.
لذلك فإن الشعراء ليسوا من فئة السلطة الحاكمة ولا هم جهات سلطة تنفيذية،تقول السيد”نحن فقط أعضاء اتحاد كتاب لا حول لنا ولا قوة، لا نملك سوى القلم وعين بصيرة وقدرة على الإفصاح والتوضيح”.
في عرفها فإن الشاعر يطالب بتحقيق العدالة والحرية بأساليب الضغط الممكنة وهي مجرد مطالبات عن طريق الفن كما يفعل ذلك الفن التشكيلي مثلا بالجداريات الشهيرة والتماثيل كأمثال الحرية أو تمثال الكاتب المصري أو لوحة العميان أو أو.. وتوضح السيد حديثها “الفن إنما يفعل ذلك حتى تنتبه الدولة وتتخذ خطوات في طريق تحقيقها. لكنه ليس صاحب قرار شنق أو سجن لمرتكبي الجرائم مثلا في العالم”.
ديوان “ملامح أخرى لامرأة عنيدة”
في انتاجها الشعري يغلب الصوت النسوي ويقدم رسالة المرأة ودورها في الحياة. فديوان “ملامح أخرى لامرأة عنيدة” الصادر عام 2004، يحمل رسالة إنسانية من المرأة إلى العالم أجمع وضعت فيها الشاعرة شريفة كل تجاربها الخاصة باعتبارها امرأة لها مالها وعليها ما عليها من حقوق وواجبات تجاه الأسرة والمجتمع والعالم ككل.
لذلك الديوان يحتوي على قصائد ذات موضوعات إنسانية تتعلق بكونها امرأة لها أكثر من ملمح، أهمها كونها عنيدة لها كيان ومكانة ولها رؤية تجاه الأمور، ولها عقل يجب أن يُحترم وعنادها ليس من فراغ، فتلك هي التي تعرف مكانتها وقدرها عن حق وتقدر عقلية نفسها، فإن لم تجد التقدير والاحترام المتبادل من المجتمع هنا لابد أن تنبه وتدق جرسا يجب أن يُدَق.
تؤكد السيد هنا، أن العناد ليس لمجرد العناد بل لكي ينتبه العالم إلى مشاعرها وفتونها وجبروت عقلها وقوتها وسطوتها، ومراميها المتعددة، لأن المرأة الآن تختلف كليا وجزئيا عن المرأة قديما.. ولم تعد مستكينة أو ضعيفة أو ذليلة أو ليس لها دور هام في الحياة.
أما الرسالة في ديوان “أنا لا تشابهني امرأة “تلبستني فيها شخصية مصر، وكل مافي النص يؤكد للعالم أن مصر لها السيادة وستظل، وأنها أم الدنيا وستظل، وأنها منبع الخيرات وستظل، وأنها مكرمة من السماء وستظل. تقول السيد.
دور أدب الطفل
تؤمن السيد بأن الكتابة الأدبية للطفل أهم من الكتابة الكبار. لأن (التعليم في الصغر كالنقش على الحجر) وكثير منا لا يعطي هذه المقولة اهتماما أو يجعلها تمر على عقله مرور الكرام.
تقول السيد “إن تربية النشء على المبادئ والأخلاق ومفاهيم الحق والعدل والحرية والخير والجمال أهم في نظري من توفير المأكل والمشرب والملبس أو هي توازيهم جميعا..بمعنى؛ الأدب والأخلاق والتعليم في كفة، والمأكل والمشرب والملبس والترفيه في كفة أخرى”.
لذلك تدعو لترجيح الكفة الأولى لأنها أساس البناء الإنساني.. ولابد من بناء العقول قبل ملء البطون، فلابد من تنشئة فكرية وعلمية وأخلاقية قبل الاهتمام بالتحصيل العلمي وإحراز الجوائز والشهادات.
وتشدد هنا على أن ما يحدث بشأن (قتل البراءة.. وذبح الطفولة.. وتشويه دور الصبية) هو جريمة في حق الإنسانية جمعاء.
الشاعرة الحائزة على العديد من الجوائز تقديرا لإنتاجها الأدبي، تقولإن دورأدب الطفل يكمن فيتوجيه الخطاب لأولياء الأمور لتوعيتهم بهذا وتعريفهم أن اطفال اليوم هم شباب ورجال المستقبل، وخلق أجيال تتمتع بالأخلاق الحميدة والصفات الحسنة وتعبئة الطفولة نفسيا وتغذيتها فكريا من خلال الفن لكي يكونوا أبناء صالحين، ينفعون أنفسهم ثم ينفعون الوطن وإلا لن نجد موضع قدم في الملاجئ والسجون من المشردين والجناة العالة على المجتمع.
للتدليل على كلامهاتشير إلى جيل شباب اليوم الموجود معظمه على تطبيق تيك توك وفيس بوك، يتصرفون تصرفات مجنونة لا إرادية كلها رقص وغناء وتقليد أعمى وفوضى لا نهائية يستاء منها الكبار..تتساءل لماذا؟
تجيب السيد على سؤالها الاستنكاري “لأن هؤلاء لم ينشئوا على التربية السليمة في البيت والمدرسة والجامعة والنادي ومركز الشباب، هؤلاء في طفولتهم لم يقرأوا شعرا، ولم يسمعوا فنا راقيا، ولم يتذوقوا الفن التشكيلي، ولم يسمعوا موسيقى هادئة طوال فترة التنشئة، ولو حدث العكس وقرأوا أدب الطفل في مهدهم أو تم عرضه عليهم بشكل محبب للنفس لاختلف الأمر في شبابهم”.
علاقة الرجل بالمرأة
علاقة الرجل بالمرأة والعكس حددها المولى سبحانه وتعالى في إطار المودة والرحمة، وكل آيات القرآن الكريم تأمر بالمودة والرحمة وتوضحها وتكررها وتدعو إليها، لأنها ليست مجرد فكرة بقدر ما هي أساس من أسس بناء المجتمع الصغير وهو الأسرة وسط المجتمع الكبير وهو الوطن.
وتتابع السيد حديثها “لولا تحديد هذا المفهوم لما تم السيطرة على طرفي العلاقة نظرا لاختلاف الفكر والخلفية الثقافية واختلافي البيئة التى تربى فيها كل منهما وكذلك اختلاف التعليم”.
وتبينأن الدمج بين أطراف مختلفة وجمعها في بيت واحد قد يأخذ وقتا أطول حتى يتعرف كل منهما على طباع الآخر التي في الغالب لايمكن تغييرها ولكن يمكن التغاضي واللين وتطبيق قانون قبول الآخر بما هو عليه.. ولو لم يكن (كله بالحب) والتفاهم والمودة سنصبح في غابة.
ترفض الشاعرةروح الندية و(رأس براس) والتحفز واصطياد الأخطاء والتنمر والعشوائية والتفكير العشوائي واتخاذ قرارات سريعة دون تريث وتفكير عميق فإنه لا يفيد العلاقات بل يدمرها وهذا له عواقب وخيمة على الطرفين من كل النواحي وأهمها النفسية والوضع الاجتماعي وخاصة لو بينهما اطفال فالعواقب أسوأ.
وتحذر هنا من المرأة “المدعية” وتلك التي تهاجم زوجها ولا تحترمه ولا تطيعه كما قال رب العزة… ولا أرى ولا أسمع لتلك التي تزعِّم نفسها (من الزعامة) علينا متحدثة باسم جميع سيدات العالم، وتقلب الموازين، وتُخرج التكليف عن نصابه الطبيعي، بهدف هدم البيوت وتفريق شمل الأسرة وخلق عداوات جديدة بين الرجل والمرأة”.
وقالت السيد “أنا أتحدث مع وأرى وأسمع المرأة العاقلة المثقفة الواعية الرزينة المفكرة المبدعة المحافظة على حدود الله والتي تطيع الله والرسول في كل ما أتى بالكتاب والسنة.. وما غير ذلك فيجب الإعراض عنه لكي لا يطفو على السطح”.
وبخصوص المرأة المعيلة والمرأة المهمشة فترى ضرورة توعيتها ومنحها فرص العلم والتعلم ومعرفة حقوقها وواجباتها لكي تطالب بها.
وأضافت بالمنطق وبالعقل يمكن عمل أي شيء.. ولن يتأتى التفكير المنطقي والرد العقلاني إلا بالتعليم والحصول على قدر كبير من الثقافة. فالمرأة بغير التعليم والثقافة لن تستطيع معرفة حقوقها وحقوق الآخرين من حولها وحق المجتمع، وبغير التعليم والثقافة لن تستطيع التعبير عن هذه الحقوق، وبالتالي لن تستطيع المطالبة بها.
وحضت المرأة للتعرف على مالها وما عليها، وأن تحترم الآخر لكي يحترمها، وأن تكون شخصية قيادية حكيمة حتى لو على مستوى الأسرة، لديها توازن حقيقي بين كونها أنثى لها خصوصيتها وزوجة وأم وفتاة لها حق مشروع في الحياة “هو حق الحياة الكريمة”.
الصحافة والمرأة
وتنتقد السيد تقصير الصحافة المصرية العامة في الاهتمام بقضايا المرأة. وتضيف “تعاني المرأة الأديبة والشاعرة والقاصة والطبيبة والمهندسة والرائدة الزراعية من التجاهل والتعالي على إنتاجها أو مجالاتها”.
وأشارت إلى اهتمام محدود توليه بعض المجلات المتخصصة، مثل: مجلة حواء، ونصف الدنيا، ونون، وهي باعتبارها مجلات رائدة في عرض ومعالجة قضايا ومشكلات المرأة وإبراز دورها، ولذلك فبالرغم من تقلص الصحف الورقية فإننا نناشد الصحافة الإليكترونية تكثيف جهودها نحو المرأة.
وتلفت السيد إلى أضرار الإعلام الإلكتروني على الفتاة العربية، إذ أفسد حياتها بما يبثه من فوضى وعشوائية وجهل أدى إلى جرائم ومصائب لا حدود لها. وانتقدت كذلك برامج الفضائيات التي أتاحت للأفكار السلبية أن تطفو على السطح، وأن تُصدِّر للمرأة وللفتاة العربية أفكارا مسممة أشاعت بينهن روح التحدي الغير مبرر والعداء غير المستحب.
وتؤكد أن أهداف كذلك ذلكتشتيت الأسرة وتفتيت المجتمع والانقلاب على أوضاع شرَّعها الله سبحانه وتعالى وإشاعة روح الانهزامية.
الشاعرة شريفة السيد 62 عاما عملت في دار النشر الإلكتروني كمراجع لغوي ،ثم في المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية، شكلت هذه الأعمال محطات مهمة في حياتها تضاف إلى عملهاكمدرس لغة عربية ودراسات إسلامية،والتيكانت تتويجا لمرحلة عملها الصحفي في صحف متعددة.