اليوم العالمي للغذاء..الشعارات لا تقي الناس من جحيم الجوع
اليوم السادس عشر من أكتوبر، وككل سنة يحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمي للغذاء، التاريخ الذي أعلنته منظمة الأغذية والزراعة -الفاو- التابعة لمنظمة الأمم المتحدة. الهدف من اليوم هو تذكير العالم بمعاناة طوابير الجياع وضيق عيش المهمشين، والضغط على الحكومات وأصحاب القرار على العمل على اتخاذ تدابير جدية لمحاربة الفقر والجوع والحاجة، كما يعتبر أيضا يوم لتشجيع كل المنظمات المعنية بالأمن الغذائي بما في ذلك برنامج الأغذية العالمي والمنظمات التطوعية والناشطة في المجال المساعدات الإنسانية على بذل المزيد من الجهود.
فالهدف هو تعميق الوعي العام بمدى خطورة الوضع في بعض بقاع العالم، وما يعانيه الجياع. احتفال هذه السنة بطعم خاص، صراعات ونزاعات هنا وهناك، والحرب الروسية الأوكرانية التي ترخي بظلالها، على أزمة الحبوب العالمية وخصوصا بالنسبة للدول التي لم تحقق بعد اكتفائها الذاتي وتعتمد على المنتوج الأوكراني أو الروسي، كالدول العربية مثلا.
إذ أصبحت مئات الملايين من البشر تحت رحمة البنادق والمعارك، وأصبح طعامها مرتبط بشكل رئيسي بقواعد الحرب واستراتيجيات النزاعات. وهنا يدق ناقوس الخطر! ويعاد التفكير في كيفية إطعام البشر في ظل الصراعات، وكيف تضر الحروب بطعام الناس وتقطع شريان إمدادات المواد الغذائية الأساسية؟
في ظل الحرب الجارية اليوم، الحكومات مطالبة بإعادة التفكير في الأولويات الزراعية، كالقمح والذرة وعباد الشمس وليس الفواكه الاستوائية أو تلك التي تستهلك من المياه كميات غير معقولة. فقد شكلت روسيا وأوكرانيا ما يقرب من ثلث صادرات القمح العالمية، أي حوالي 20٪ من الذرة، و 80٪ من زيت عباد الشمس، حسب معطيات لمنظمة الأغذية والزراعة –الفاو- التابع للأمم المتحدة، تعتمد خمسون دولة على روسيا وأوكرانيا في ما لا يقل عن 30% من وارداتها من القمح، وتشمل بلدانا عربية من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هذه الأخيرة التي تواجه اليوم غلاء كبيرا للمواد الغذائية بسبب نقص واردات القمح وارتفاع أسعاره.
بعد بدأ الحرب بشهور، وفقا لتقرير برنامج الغذاء العالمي، فإن أكثر من 828 مليون شخص ينامون كل ليلة وهم في حالة جوع، وقد ارتفع عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام المواد الغذائية، من 135 مليونًا إلى 345 مليونًا، منذ عام 2019. وهناك اليوم، حوالي 50 مليون شخص في 45 دولة على حافة المجاعة.
لكن في المقابل، هناك أسئلة أخرى ملحة للواقع الإنساني، فمن المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050، فكيف سنطعمهم؟ وفي نفس الوقت، يؤكد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن هناك ما يكفي من الطعام للجميع، حيث تشير الدراسات والأدلة إلى أن المشكلة التي يواجهها البشر اليوم ليست نقص الغذاء، بل هي مشكلة المساواة والكفاءة في التوزيع، فمشكلتنا اليوم فوضى الأخلاق والمبادئ والرأسمالية المتوحشة والتوزيع الغير العادل لثروات الكوكب.
إلا أن الملاحظ أن إنتاج كميات كبيرة من الطعام يؤدي إلى المزيد من المشاكل البيئية والصحية، كالقضاء على الغابات أو استعمال المواد الكيماوية في الزراعة لتسريع الإنتاج هي أيضا مصدر قلق آخر. فهذه المعادلة على المدى الطويل، لا يمكنها أن تنجح، وفي كلتا الحالتين، الكوكب سيدمر والناس ستجوع.
فإذا كان شعار هذا السنة “عدم ترك أحد خلف الركب”، فبأي سياسة وبأي استراتيجية؟ لأن الشعارات لن تقي الناس في بقاع شتى من جحيم الجوع، ولن توقف الحروب التي يشعل فتيلها أناس لا ينظرون للجانب المخيف للأرض بعين الرحمة والإنسانية!