أخبارحوار

الباحثة الصراف..الحركات النسوية مطالبة بتجديد خطابها ليصبح أكثر فاعلية

ترى الباحثة السوسيولوجية بالجامعة اللبنانية ببيروت، دوللي الصراف، أن “ما نحتاج اليه في العالم العربي بشكل عام هو تغيير بنية الوعي التي لا بد لها أن تفكر باستثمار كل الطاقات الممكنة لبناء مستقبل افضل وفق معايير الحداثة والتطور والعلم، وهذه مسؤولية تتشارك في تحقيقها  مؤسسات عديدة لا بد أن تلعب دور إعادة تغيير صورة المرأة في المخيال الثقافي والاجتماعي في العالم العربي.”

في حوار للحدث الإفريقي، حول واقع المرأة في العالم العربي، ولتقييم واقع المرأة والمسارات التي تخوضها الحركات النسائية، كان هذا الحوار للباحثة دوللي الصراف مع “الحدث الافريقي”..

–   كيف يمكن تقييم مكانة المرأة اليوم داخل المجتمع العربي؟

-إن توصيف واقع المرأة في البلدان العربية  بشكل موضوعي لا بد أن يتضمن تفاوتات فيما بينها ترتبط بالأبعاد الجغرافية والاجتماعية والدينية والاثنية والمحلية وغيرها. حيث نجد أن هذا الواقع يتراوح في مروحة مجتمعية بين قطبين: القطب الأول هو المجتمع المحافظ التقليدي الذي تعيش فيه المرأة في بيئة ثقافية تتسم بسيطرة المجتمع الذكوري وبعض الموروثات الثقافية التي يعاد انتجها في مؤسسات التنشئة الاجتماعية كالعائلة والمدرسة وغيرها. وفي هذا المجتمع لا تمارس المرأة دورها كفاعل اجتماعي في التنمية والتغيير والانتاج على اعتبار ان ذلك من مهم الرجال فقط (مثلاً الأرياف وبعض المجتمعات المغلقة).

القطب الثاني: هو المجتمع المنفتح الذي تنخرط فيه المرأة بشكل كامل في الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية كمواطنة فاعلة اسوة بالرجل. وفي هذه المجتمعات نجد الحركات النسوية فاعلة وناشطة  ومستوى المشاركة النسائية جيد على المستويين المحلي والوطني.

–  هل يعني تطور وضعيتها قطعا حاسما مع الإكراهات والعوائق التي تعترضها؟

-مما لا شك فيه أن المرأة فاعل أساسي وهام في عملية التنمية والتطور المجتمعي وأثبتت ذلك جميع التجارب التاريخية والمعاصرة، من هنا لا بد من القول أن ضعف مشاركة المرأة في بلاد المغرب العربي في المجالات الاقتصادية والسياسية والتربوية والثقافية وغيرها سيؤدي حتماً الى بطء العجلة التنموية وصعوبة بناء الدولة الحديثة. قبل أن اتحدث عن المعوقات الثقافية المترسخة التي تعيق مشاركة المرأة ودورها في التغيير الاجتماعي، لا بد من التحدث عن الإنجازات التي حققتها المرأة في الدول العربية كرائدة في الحراكات النسوية التي انطلقت في الدول المغاربية منذ اربعينات القرن الماضي واستطاعت من خلال نضالها الطويل لعقود أن تحقق إنجازات هامة على مستوى القوانين والتشريعات ونظام الكوتا النسائية والانخراط في التعليم والعمل  وضمان الحقوق الاجتماعية للنساء من مختلف الفئات، وبالتالي فإن تجربتهم رائدة وسباقة في هذا المجال. الا أن هذا الواقع لا ينسحب على النساء في جميع المجتمعات لأن هناك معوقات ثقافية تضع المرأة في قوالب جندرية محددة مثل سيطرة المجتمع الذكوري، الصورة النمطية للمرأة المترسخة في المخيال الثقافي، التمييز الجنسي وغيرها من الممارسات التي يعاد انتاجها جيلاً بعد جيل ضمن مبررات ترتبط بالدين (وهذا ليس حقيقياً) والعشيرة والقبيلة وغيرها

– إلى أي مدى كانت الحداثة أو العصرنة ذات أثر إيجابي بخصوص مكانة المرأة في المجتمع العربي؟

 من المهم القول اننا الآن في عصر العالم الرقمي وأن ديناميات التغير الاجتماعي أضحت مرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي وتأثيراتها وهذا امر استفادت منه النساء في الكثير من المجتمعات التي كانت مصنفة تقليدية حيث اصبح متاحاً للمرأة بسهولة أن تعمل وأن توصل صوتها الى المعنيين خاصة في المجتمعات المحلية. وهذا احد الانعكاسات الإيجابية للثورة الرقمية حيث بتنا نشهد حالات وعي متنامية لدى مختلف الافرقاء لضرورة مشركة المرأة في عملية التنمية دون تغيير ملامح الهوية الثقافية.

ما هي أبرز المكتسبات التي حققتها النساء اليوم؟

-قطعت المرأة العربية شوطاً كبيراً في مجالات عديدة، ولن أقول حققت مكتبسات لان كل ما قامت به هو استرداد جزء من مواطنتها المخطوفة التي سلبت منها لعصور طويلة. والطريق أمامها ما يزال طويلاً وشائكاً لأن تغيير الذهنية الثقافية يحتاج لسنوات طويلة من النضال المستدام.

ما هي آفاق تكريس الدور الريادي للمرأة داخل المجتمع؟ 

ان ما نحتاج اليه في العالم العربي بشكل عام هو تغيير بنية الوعي التي لا بد لها أن تفكر باستثمار كل الطاقات الممكنة لبناء مستقبل افضل وفق معايير الحداثة والتطور والعلم، وهذه مسؤولية تتشارك في تحقيقها  مؤسسات عديدة لا بد أن تلعب دور إعادة تغيير صورة المرأة في المخيال الثقافي والاجتماعي في العالم العربي.

1-المدرسة عبر تعديل المناهج التعليمية التي لا بد ان تراعي روح العصر وان ترتكز على قيم المساواة بين الجنسين والعدالة الجندرية الكاملة.

2-وسائل الاعلام التقليدية والحديثة التي يجب ان تنشر الوعي حول ضرورة مشاركة المرأة كفاعل اجتماعي أساسي في عملية التنمية وضمن اطار المواطنة الكاملة والعادلة.

3-الحركات النسوية التي يجب أن تعيد النظر بخطابها النسوي كي يصبح اكثر فاعلية في تحقيق الأهداف المرجوة.

4-الجمعيات غير الحكومية التي يجب أن تعمل على دعم النساء وتمكينهن للمشاركة في الحياة السياسية وفي التنمية المحلية كرافعة هامة وضرورية.

5-السلطة التشريعية التي يجب ان تنصف المرأة في قوانينها وتحميها من تمثلات المجتمع الذكوري وممارساته.

– كيف تنظرين لمستقبل المرأة العربية؟

-أرى المرأة العربية مثابرة في نضالها وأتمنى من الحركات النسوية أن تعيد بلورة خطاب نسوي أكثر وعياً لا يضع الرجل في موقع الخصم، بل خطاب يسعى لاسترداد المواطنة الكاملة للإنسان العربي، رجلاً كان او امرأة.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button