الحجمري..الراحل الستوكي سيظل حاضرا بيننا وشما في الذاكرة والكيان
التفت نخبة من الخبراء والإعلاميين والباحثين والأكاديميين في القاعة الجميلة الفسيحة لأكاديمية المملكة المغربية بالرباط اليوم الجمعة، لتكرم أحد أهرامات الصحافة ببلادنا وأحد رموزها الذي سخر حياته وفكره لخدمة نبل رسالة الاعلام والغوص في تجويد صناعة الصحافة بكل ما تفرضه آليات تحديثها وتطورها، صحافي غادرنا إلى العالم الآخر في الثاني عشر من يوليوز الماضي تاركا دروسا ببصمات عبد الله الستوكي، هو هذا الرجل الصحافي الذي تم تكريمه بأسلوب خاص ومتفرد في الشكل وفي المحتوى من خلال إشراك زملاء له ومختلف الشخصيات التي عاصرته من العرب والعجم والأفارقة .
ولم يكن سوى مجموعة من زملائه، وفي مقدمتهم صديق دربه محمد برادة الذي حرص على الاعتناء به منذ مرض الراحل الستوكي حتى لبى نداء ربه، ليختم ذلك بهذه الندوة التكريمية المميزة بتعاون مع أكاديمية المملكة المغربية، الندوة؛ التي فتحت النقاش حول “الصحافة.. تطورها وإشكالياتها الحالية”، أثرى النقاش فيها ثلة من خبراء الإعلام والتواصل من آفاق مختلفة، الذين أثاروا مستقبل الصحافة المكتوبة إزاء التحدي الرقمي وموجة شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي نفس السياق، أكد الإعلامي محمد عبد الرحمان برادة ، أن تنظيم الندوة بفضاء أكاديمية المملكة المغربية، يعد تكريما لأيقونة الصحافة المغربية، وبالتالي يشهد على الاهتمام الذي توليه الأكاديمية لمستقبل الإعلام.
وقال برادة “أن أفضل تكريم لشخص الفقيد الستوكي، هو البقاء أوفياء للقيم الأخلاقية التي مارس بها المهنة”. معرجا في كلمته على مسار وتجربة الراحل ليس فقط كصحفي متميز، بل وكمثقف وأديب، داعيا إلى تثمين هذه التجربة الغنية والحفاظ عليها ليستفيد منها زملاؤه ولتكون دافعا للمساهمة في تطوير الصحافة.
وتناولت المداخلات، من بين مواضيع أخرى، نضال الصحافة المغربية قبل الاستقلال وبعده، ومستقبل الصحافة الورقية، بين البقاء والتجديد، والصحافة في السياق الجديد للأنترنيت، والصحفيون الأفارقة إزاء الثورة الرقمية.
واعتبر “فليب جوردان” عن جمعية أصدقاء غوتنبرغ، “إنه من الخطأ الحديث عن قطيعة بين الصحافة المطبوعة والوسائط الرقمية”، والاعتقاد بأن هذه الأخيرة يمكن أن تحل محل الصحف الورقية بشكل كامل ونهائي، لأنه على مدار قرنين من الزمان، كانت تنضاف كل وسيلة إعلامية جديدة إلى تلك التي سبقتها في تشكيل متجدد للمشهد الإعلامي.
وقال في ذات السياق، إن “الإذاعة لم تحل محل الصحف والتلفزيون لم يلغ الإذاعة. والسينما بدورها لم تتجاوز السينما، كما أن الفيديو لم يمنع اليوم قاعات السينما من أن تكون ممتلئة”. لذلك، يلاحظ “جوردان ” أنه من الضروري الاستفادة من مزايا علاقة النص بالصورة، وذلك باستخدام جميع موارد الصورة الثابتة من رسم وخريطة وشريط فكاهي وصورة فوتوغرافية، للتكلم عن العالم بنفس لغة الكلمات، مضيفا أن الاتجاه الفني لا يقل أهمية عن الاتجاه التحريري.
وأوضح “سامبا كوني”رئيس الهيئة الوطنية للصحافة في كوت ديفوار، أن الصحفي مطالب بإثارة فضول القارئ وأيضا البحث عن إشباع رغبته بالمادة الإعلامية، وأنه في ظل ظهور مجتمع المعلومات، بات الصحفي مطالبا ، كذلك ، بالتفكير في الكتابة من أجل بناء المجتمع والمساهمة في البحث عن حلول لأمراضه.
ومن جهته، توقف مدير أرشيف المغرب “جامع بيضا “عند تطور الصحافة المغربية ودورها في مطالب نيل الاستقلال من خلال التركيز على الصراع بين رجال المقاومة وصحف المستعمر قبل الانتقال من الصحافة الحزبية إلى صحافة المعلومة. وكان هذا اللقاء مناسبة لتكريم المسار المتميز للراحل عبد الله الستوكي ومساهمته في الرقي بالممارسة الإعلامية بالمغرب، وفي تأسيس عدد من الصحف الوطنية وتكوين جملة من المهنيين في المجال.
أما أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية عبد الجليل الحجمري، فأكد أن الراحل الستوكي ، بسيرته الثقافية وآثاره الإعلامية المسؤولة ، “سيظل حاضرا بيننا وشما في الذاكرة والكيان”، موردا أن الفقيد لم يكن صحفيا فحسب، ولكن كان مثقفا وصاحب رأي صريح في كل ما يخص شؤون البلاد والعباد بقلم نادر. كان دوما قادرا على الجهر بالحقيقة بحنكة واقتدار”.
وتابع الحجمري أن “عبد الله الستوكي كان صحفيا متميزا علمته تجارب الحياة أن ينتصر للواقع والرأي، مشيرا إلى أن برقية التعزية التي بعثها الملك محمد السادس إلى أفراد أسرته تلخص مسار الرجل وتوفيه حقه كشخصية تنتمي لجيل الرواد وكقلم له إسهامات وازنة تعكس ما راكمه من خبرة كبيرة ومهنية عالية.
وأبرز أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة، فإن الستوكي ترك بعد رحيله درس شرف الكلمة، ودرس الالتزام بقضايا الوطن السياسية والثقافية ونقلها من جيل إلى جيل كي لا يكون أفول سياسي أو ثقافي.