السينما اليوم..من يريد تخريب القيم؟
هل تُنبؤنا السينما والفن عموما بسقوط المجتمع في المستنقع الذي نخشاه، هل ما نراه على مواقع التواصل الاجتماعي هو محض الصدفة أم نتاج لجدال عميق وطويل بين القيم والتردي؟ من يريد سقوط المجتمع بهذه الطريقة؟ أسئلة كثيرة محيرة لمشهد ثقافي لا يبشر بالخير.
فنانين وفنانات على الخشبة أو أمام الميكروفون يتحدثون بلغة لا تمس لهويتنا ولا لثقافتنا ولا لقيمنا بصلة، أعذارهم أنها لغة الواقع والمتداولة يوميا، لكن لا يعني أن ننشرها بهذه الطريقة السخيفة عوض أن نحاربها وننشر القيم والأخلاق للجيل الصاعد والأطفال الصغار.
لست ناقدا سينمائيا ولست متخصصا في الفن أو المسرح، لكن ينتابني هذا الشعور المحرج ككل مواطن لا زال يحمل الكثير من قيم هذا الوطن وهذا الدين وهذه الثقافة التي تربينا عليها وعلى مبادئها. ما أثار دهشتي البارحة، وأنا أحاور الأكاديمي المصري محمود الضبع في برنامج ما الحدث؟ وهو الضالع في أمور الهوية واللغة، قال بان الفن والغناء والمسرح والسينما هما مرايا لثقافة المجتمع، أي مقياس رقي أو اندحار أي مجتمع ودافع عن اللغة العربية كحامل وضامن للهوية، واعتبر اندثار اللغة الفرعونية كونها انحصرت لدى الصفوة، أي كانت تعلم فقط للأعيان وليس العامة، مما عجل بانقراضها رغم ما خلفته الحضارة الفرعونية من مآثر يخلدها التاريخ.
الجدال اليوم، عن بعض المشاهد السينمائية أو بعض الفيديوهات المخلة بالحياء على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى بعض اللقطات من بعض الأفلام بلغة بئيسة وكلمات نابية يسمعها الصغير والكبير، الرجل والمرأة، خصوصا مع الانتشار الواسع للشبكة العنكبوتية والوصول السهل لمواقع التواصل الاجتماعي ومواكبة كل ما ينشر.
هذا الجدال، يطرح تساؤلا كبيرا عن دور قطاع الثقافة ومسؤولياتها عن الإنتاج والدعم الممنوح للأفلام والمهرجانات والمسارح. ما هي الشروط؟ وهل هناك تقييم فعلي للعمل؟ وللسيناريو والنص؟ أم هناك ارتجال في الاختيار وتوزيع المنح والدعم؟
فالثقافة هي القوة الناعمة اليوم التي يجب أن نوصل بها هويتنا وموروث حضارتنا للآخر، لكن ليس بهذه الطريقة، الفن مهنة نبيلة وهادفة ولها قواعد وضوابط، ثقافتنا ليست هي ثقافة الغرب، ونحن لسنا في الغرب، نتحدث عن كل شيء محلي، ديمقراطية، خصوصيات ثقافية ومجالية، فلماذا سافرتم بالفن بهذه الطريقة التي لا تخدم السينما المغربية في شيء، بل تعكر صفوة عقول الشباب بأفكار نحاربها يوميا من أجل جيل سوي ووطن آخر ومستقبل أفضل.
الانفتاح لا يعني السقوط في لقطات وهفوات تسيء للمجتمع وللتاريخ وللدين، ومن يدافع عن هذه المشاهد، عليه أن يعيد النظر في مفاهيمه الفنية والثقافية، التي نريد ترسيخها في مجتمعنا المعاصر المنفتح على الثقافات الأخرى، والمتعايش مع كل الأديان والأعراق والثقافات والهويات المختلفة في بلد يحترم نفسه ويحترم الجميع.
السينما يجب أن تنصب على تصوير وتخليد تاريخنا المجيد، إظهار تراثنا العريق، إيصال مجدنا للآخر، هذه هي رسالة الفن والفنان التي يجب أن تكون، أما التفاهة فعمرها قصير، والبقاء للأصلح.