تصاعدت وتيرة المطالبة بمقاطعة مونديال قطر من طرف بعض الدول الغربية، حيث واصلوا هجومهم على البلد المستضيف، احتجاج على مزاعم عدم احترام حقوق الإنسان. قطر الدولة العربية والإسلامية الأولى التي تحتضن هذا العرس الكروي، وقد سخرت له كل الإمكانيات لإنجاح هذه البطولة. قطر الصغيرة جغرافيا، لكن بمقومات كبيرة.
الغوغاء اليوم من كل الجهات، متهمين قطر بعدم احترام حقوق العمال، فهل أصبح العرس الكروي منظمة حقوقية هدفها الدفاع عن حقوق العمال والمهاجرين والنازحين، أم فقط حين يتعلق الأمر بقطر؟ فقد تم تنظيم المونديال في أماكن أخرى في العالم كالبرازيل وروسيا وجنوب إفريقيا مثلا، حيث الفقر والتهميش والاستغلال، لكن لا احد تحدث عن المقاطعة، وحتى في بعض البلدان الأوربية، تنعدم حقوق الإنسان في الواقع بشكل كبير، لكن الإعلام يُظهر لنا وجها آخر للواقع المعاش.
نفس الإعلام يتم تسخيره اليوم بنوايا خبيثة لإفساد جهود بلد عربي صغير في إنجاح هذه الدورة وربما جعلها أفضل نسخة في التاريخ المونديالي. لاعبون أقحموا الكرة في النزاع الروسي الأوكراني وقضايا المثلية، ونحن نعلم جيدا أن الكرة توحد الشعوب وعشاق المستطيل الأخضر، بعيدا عن الدين والسياسة والطائفية والعرق والإثنية واللون … الإعلام الغربي يواصل هجومه على قطر، ووصل الأمر إلى مقاطعة بعض المدن الفرنسية لبث المباريات مباشرة في الساحات العامة.
الغريب في الأمر، هو إدخال اللاعبين والفرق والمسيرين في دواليب السياسة والهجرة والعمال، فالمنتخب الأسترالي سجل فيديو ينتقد فيه حقوق الإنسان في قطر، فيما انخرط اتحاد الكرة الدانماركي وبعض الفرق النرويجية في حملة الدعوة للمقاطعة في سابقة من نوعها، حيث يتم تسييس اللعبة، وخلط الأوراق بين السياسة والكرة.
نحن لا ندافع على قطر لكونها المدينة الفاضلة، إنه بلد كباقي البلدان له ما له وعليه ما عليه، لكن معالجة حقوق الإنسان أو الدفاع عن المهاجرين له منظماته وأوقاته وملفاته، بعيدا عن الكرة والرياضة بصفة عامة، فلماذا يُريدون حشر هدا الملف الحقوقي اليوم ضمن ملفات الفيفا، هل ببساطة فقط لأنها قطر ؟
الفيفا لزمت الصمت ولم تعلق على هذا اللغو الكثير، فقد أجاب كولين سميث، المدير التنفيذي لعمليات كأس العالم في الفيفا باختصار، “لقد أسسنا شراكة بناءة مع اللجنة التنظيمية في قطر، ونحن شهود عيان على التقدم الكبير الذي تحقق في الدوحة”، وأضاف “مثلما قلنا مرارا وتكرارا، كأس العالم للجميع، والكل مرحب به، بغض النظر عن الجنسية والدين، وما شابه ذلك”. ويرى كولين أن: “هذا مهرجان كروي، وكرة القدم توحد الجميع، وهذه قوتها، ونحن نؤمن بتوحيد كل النظريات وكل الآراء”.
فيما قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إنه يجب على مشجعي كرة القدم من مجتمع المثليين، الذين سيحضرون مباريات كأس العالم في قطر، أن يظهروا “القليل من المرونة والحلول الوسط”. كما دعا كليفرلي في مقابلة تلفزيونية، المشجعين الذين يسافرون من إنجلترا وويلز إلى احترام الدولة المضيفة، حيث يُعد النشاط المثلي غير قانوني في قطر. بعد تصريحه بساعات، قال المتحدث الرسمي باسم رئيس الوزراء “إنه لا ينبغي أن يُتوقع من مشجعي مجتمع الميم التنازل عن هويتهم، إذا قاموا بزيارة قطر لمشاهدة كأس العالم”، ووصف حزب العمال تصريحات كليفرلي بـ “الصادمة”.
وتستضيف قطر نهائيات بطولة كأس العالم في الفترة ما بين 20 نونبر و18 دجنبر 2022، كأول بلد في الخليج وشمال إفريقيا، يحتضن العرس الكروي العالمي، ولأول مرة أيضا في فصل الشتاء في تاريخ البطولة.