أخبارالناس و الحياة

الجفاف أو الكابوس المرعب بسبب تغيرات المناخ

يؤثّر تغيّر المُناخ في الجفاف بطريقتين، أولهما إذا تغيَّرت مواسم هطول الأمطار بسبب تغيّر المُناخ، مما يسبب تغيّر الجفاف بلا شك، والثانية إذا تغيَّرت الحالة التبخيرية للغلاف الجوي، إذن قد يتغير موعد الجفاف أيضا، حتى لو لم يكن هناك تغيّر طويل المدى في هطول الأمطار. وهذا ما نراه في العديد من مناطق الكرة الأرضية، إذ لم يشهد القرن الماضي تغيرات كبيرة في هطول الأمطار، لكن منذ سنوات قليلة، لوحظ تغير كبير في نسبة هطول الأمطار وجريان الوديان وتغيرات على مستوى الغطاء الغابوي .

نحن في عام 2075، الجفاف يضرب الكوكب، لا حديث إلا عن الماء، صفوف من الناس بقنينات فارغة ووجوه بائسة صفراء تنتظر في طابور حصتها من الماء، لم يعد الدولار ولا اليورو عملة العالم، بل الماء، حتى الذهب لم يعد له قيمة أمام قطرة ماء تعيد للإنسان حياته، صارت المياه الشحيحة العملة الصعبة الأولى.

حتى البحار والمحيطات قلت مياهها، فالسباحة أصبحت ذكرى وحكايات من مغامرات زمان، أما المجاري والوديان فقد اندثرت، لم نعد نبحث عن طعام جيد ولا مسكن راقي ولا رصيد بنكي، صار همُّ البشر قطرة ماء للبقاء على قيد الحياة، هذه مجرد مشاهد سينمائية من المسلسل الكوري the silent sea أي بحر السكون، خيال علمي أكيد، لكن ربما يجسد يوما ما واقعا حقيقيا على إثر التغيرات المناخية القاسية التي يعيشها كوكب الأرض.

لكن من أوصل الكوكب لهذا الحال؟ أكيد هناك أسباب اقتصادية وسياسية وبيئية، عجلت بتدهور الحالة الطبيعية للكون وساهمت بشكل كبير في انتشار الجفاف في أنحاء عدة. الكل يعلم أن نسبة المياه العذبة الصالحة للشرب لا تمثل سوى تسبة ضئيلة جدا تقدر ب 2،8٪، في حين تغطي البحار والمحيطات، حوالي 97،2 ٪ وهي مياه مالحة غير صالحة للشرب.

والسبب الرئيسي لحدوث هذه الكوارث هو الإنسان وعلاقته بالطبيعة، فالمياه العذبة التي تمثل أقل من 3٪، يتم استغلالها بشكل بشع، وبوثيرة أكبر وأسرع من قدرتها على التجديد. فقد تم استغلال المياه الجوفية بشكل كبير وغير معقلن في الفلاحة والري، مما استنزف الفرشات المائية.

أجرى باحثون من شبكة “وورلد ويذر أتريبيوشن” – التي تضمّ مجموعة من العلماء الباحثين في مجال دراسة العلاقة السببية بين الظواهر الطبيعية المتطرّفة والتغيّر المناخي -، دراسة نشرت بداية أكتوبر الجاري، بينوا من خلالها أنّ التغيّر المناخي الناجم عن النشاط الإنساني يزيد نسبة 20 مرة على الأقلّ من احتمالات حدوث الجفاف في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وأكدت الدراسة احتمال وقوع جفاف التربة باستمرار وبشكل متكرر في ظل المناخ الحالي.

انعكاسات الجفاف في النصف الشمالي من الأرض، كان له أثر كبير على الاقتصاد العالمي، حيث قلت المحاصيل الزراعية بسبب جفاف الأنهار بفرنسا وأوربا وأمريكا والصين وروسيا، ونشبت حرائق كثيرة بالغابات، مما ينبئ بغلاء المواد الغذائية وتضرر الملايير من البشر، خصوصا في الدول التي لا تتوفر على الاكتفاء الذاتي من الغذاء وهو ما نسميه الأمن الغذائي.

فقد حصرت صحيفة نيكي اليابانية مؤخرا، حجم الخسائر العالمية، لنصف هذه السنة، الناجمة عن الجفاف الذي تعدى مبلغ 132 مليار دولار، حسب بيانات الشركة الدولية للتأمينات “أون”. ويرى خبراء أن موجة الجفاف التي تضرب الاتحاد الأوربي هي الأسوأ منذ قرابة 500 عام، الجفاف الذي يضرب بقوة أيضا غرب الولايات المتحدة وأنحاء كثيرة من الصين.

يقول سبحانه وتعالى “وجعلنا من الماء كل شيء حي”، فهل يتم تغيير سلوكيات البشر لتفادي الوقوع في الكارثة؟ أم يستمر الإنسان في استغلال الماء بطريقة فوضوية، لأن ما سنكون عليه غدا هو نتيجة حتمية لما نقوم به اليوم.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button