السعودية تغلب الاقتصاد على السياسة في إدارة ملف الطاقة
( حل أزمة الطاقة لا يأتي من دولة واحدة)
وفقا لبلومبرغ اعتبرت سياسات بايدن غلبة السياسة على الاقتصاد، وخطة الإنقاذ المفرطة فاقمتا التضخم تعمق جراح الاقتصاد الأمريكي، ما يعني أنها تبرئ النفط من التسبب في هذا التضخم، والتي أدت إلى زيادة حدة هذه المشكلات، مع خفض معدلات النمو في المستقبل، وجعل الاقتصاد الأمريكي أقل مرونة وتكافؤا.
ووفقا للمحللة الاقتصادية أليسون شارجر في تحليل نشرته وكالة بلومبرغ إن الرئيس لا يملك تأثيرا كبيرا على حالة الاقتصاد الراهنة، فهو لا يحدد أسعار الطاقة ولا أسعار الأصول، لكن إدارته تصبح مؤثرة بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بوضع السياسة الاقتصادية، وأغلب هذه السياسات كانت سيئة بالنسبة للاقتصاد، فالاقتصاد السليم هو الذي ينمو مع معدل تضخم منخفض أو مستقر ومرونة في مواجهة الصدمات وقدرة على خلق أو تبني التكنولوجيات الجديدة، لكن سياسة بايدن تدمر كل هذه السمات لتقود أكبر اقتصاد في العالم نحو كارثة إذا لم يتدارك الرئيس الأمر وإدارته، خصوصا بعد ارتفاع العجز التجاري في سبتمبر 2022 لأول مرة منذ ستة أشهر حيث زادت الواردات وتراجعت الصادرات وارتفع العجز نحو 5.7 في المائة إلى 92.2 مليار دولار، بعد أن تراجعت الصادرات الأمريكية 1.5 في المائة إلى 177.6 مليار دولار بينما زادت الواردات إلى 269.8 مليار دولار.
يؤكد بنك جي بي مورجان الأمريكي أنه قلق حاليا بشأن التوترات الجيوسياسية أكثر من شدة الركود المرتقب التي تسببت فيه إدارة بايدن، وكما أوضح الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوربية للطاقة إن مخاوف الركود تلقى بظلال قوية على توقعات نمو الاقتصاد العالمي خاصة أن معدلات النمو في الاتحاد الأوربي قد تكون في نمو أبطأ على المدى الطويل، وأشار إلى ان أوبك+ لديها رؤية ثاقبة لتطورات السوق النفطية ومدى احتياجاتها في كل مرحلة لتعزيز التوازن بين العرض والطلب.
من جانبه يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك زد أيه إف في كرواتيا إن شركات الطاقة الأميركية استفادت كثيرا من ارتفاع أسعار النفط الخام وهي تتمهل في إجراء زيادات إنتاجية جديدة، وتركز على تعزيز مراكزها المالية وتعويض المساهمين على الرغم من مطالبات الإدارة الأمريكية المستمرة لها بضرورة زيادة الإنتاج لتهدئة وتيرة أسعار الوقود التي ستؤثر كثيرا على موقف الإدارة في انتخابات التجديد النصفي المقبلة، وقد حصد منتجو النفط الأمريكيون وفق بيانات شركة دلويت زيادات بنحو 68 في المائة بنحو 1.4 تريليون دولار لهذا العام 2022.
هناك كثيرا من الدوائر التحليلية ترى صعوبة في الوثوق في خطة إعادة تعبئة احتياطي البترول الاستراتيجي الأمريكي عندما تصل أسعار النفط إلى 67-72 دولارا للبرميل، مؤكدة أنه من غير المرجح أن ترى السوق أن أسعار النفط يمكن أن تنخفض إلى هذا الحد قريبا.
في المقابل تؤكد السعودية حرصها على التوازن بما يدعم التكامل بين المنتجين والمستهلكين، بل حافظت على الأسعار ولم ترتفع كما ارتفعت أسعار الفحم الحجري ثلاثة أضعاف، وارتفعت أسعار الغاز أضعافا كثيرة،حيث وصل المليون وحدة حرارية في أمريكا 10 دولار، أي تزايد أربعة أضعاف، بينما السعودية تقود القرار النفطي العالمي باتجاه تعزيز استقرار الأسواق في مواجهة التقلبات، ورسخت مكانتها الاستراتيجية في خارطة القرار العالمي على مدى عقود مضت، فكانت صمام الأمان وقبلة العالم الباحث عن الحفاظ على مكتسباته الاقتصادية في مواجهة الأزمات والتقلبات الناتجة عن العوامل الجيوسياسية، ومعالجة الإشكاليات الرئيسية برؤية بعيدة المدى، حتى أصبحت السعودية صمام أمان الطاقة العالمية بسبب أنها لا تعتمد الحلول المتقطعة وقصيرة المدى التي لا تفي بالغرض المطلوب والتي لا تعالج الإشكاليات الكبرى في العالم، ما جعلها تمنح أسواق النفط عمقا استراتيجيا، لكون السعودية تملك فائض إنتاج يفوق 3 ملايين برميل يوميا، وقادرة على ضخها للأسواق عند حدوث زيادة في الطلب ونقص في العرض من قبل الدول الأخرى المنتجة.
لذلك حذر وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان الدول من استخدام احتياطيات الخام الاستراتيجية، وفي نفس الوقت من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي عقد في الرياض أوضح ان الحل بشأن أزمة الطاقة لا يأتي من دولة واحدة، بل يجب أن يكون الحل من مشاركات مختلفة، ويجب الاعتراف بالأزمة، وعدم وضع سياسات وزيادة تعقيدها، وأكد أن السعودية تتواصل مع حكومات أوروبا بشأن الأزمة الراهنة، وشدد على ان السعودية ستكون المورد لكل من لديه احتياج، وتشهد أوروبا مرحلة حرجة والعديد من الإشكاليات في سلاسل الإمداد والسعودية تعمل معها لضمان تلبية احتياجاتها.
السعودية قادرة على إعادة صياغة الموقف العالمي للتحالف من جديد بأطر تحقق مصالح جميع الدول والأطراف على قدم المساواة دون أي إملاءات من أطراف محددة خارجة عن السياق الاقتصادي.