رفع الدعم عن المواد الأساسية “مسألة وقت فقط”، في انتظار تنزيل السجل الاجتماعي الموحد، وهو نظام معلوماتي سيمكن من تقديم معطيات دقيقة حول الفئات الفقيرة في المغرب وإحصائياتها، وسيتم بناء على ذلك تحديد الأسر المعوزة التي ستستفيد من الدعم المباشر. ومن المستبعد أن يتم اعتماد هذا السجل العام المقبل، بل قد يطول إلى عام 2024 أو 2025 على أبعد تقدير.
وستواجه تحديات تنزيل هذا النظام المعلوماتي مع صعوبة تحديد الفئات الفقيرة عن غيرها. وتفيد المعطيات المعتمدة حاليا، بوجود حوالي 4 ملايين من الفئات المعوزة غير دقيقة، والدليل على ذلك التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط (رسمي) الذي جاء فيه أن أكثر من ثلاثة ملايين مغربي من الطبقة المتوسطة أصبحوا في وضعية فقر بسبب تداعيات جائحة كورونا.
ويبقى السؤال الأساسي، هو موقع أو نصيب الطبقة المتوسطة من هذه التحولات، حيث تعاني بدورها اليوم من مجموعة من الإكراهات الاقتصادية وارتفاع المصاريف مع غلاء الأسعار، وارتفاع ثمن غاز البوتان سيشكل ثقلا إضافيا على كاهلها.
وأثار توجه حكومة أخنوش إلى تعويض دعم المواد الأساسية، بدعم مالي مباشر للأسر الأكثر فقرا ابتداء من العام المقبل، مخاوف في أوساط عدد من المغاربة، بخصوص طريقة تطبيق المشروع وتأثيراته الاقتصادية المرتقبة على الأسر، خاصة غير المعنية بهذا الدعم.
وذكرت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، نادية فتاح العلوي، أن مشروع قانون المالية للعام المقبل، جاء بمجموعة من الآليات الجديدة لدعم الفئات الفقيرة مشددة على أن “هذه الأخيرة تحتاج عملا وبرامج اجتماعية خاصة، سيتم اعتمادها انطلاقا من بداية العام المقبل”.
وبينما أشارت الوزيرة خلال حديثها الاثنين على القناة التلفزية الأولى، إلى عمل الحكومة على تنزيل آليات الدعم المباشر، شددت على استمرار دعم مواد السكر والقمح والغاز في الفترة الحالية واستقرار أسعارها.
وجاءت توضيحات نادية فتاح العلوي على خلفية تداول عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، لأخبار اعتزام الحكومة رفع الدعم على غاز البوتان، ما سيؤدي وفقهم إلى ارتفاع سعر قنينة الغاز مثلا إلى 140 درهما عوض 40 درهما ثمنها الحالي.
وأوضح الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع من جانبه، عزم الحكومة الانتقال من دعم غاز البوتان إلى تقديم دعم مباشر في مواجهة ارتفاع الأسعار العالمية ولضمان فعالية الدعم العمومي.
وصرح لقجع خلال ندوة صحفية لتقديم مشروع قانون المالية، أنه ابتداء من عام 2023، ستخصص الحكومة 20 مليار درهم للدعم المباشر لفائدة الأسر في وضعية فقر، موضحا أن “دعم الغاز لا تستفيد منه، بشكل كبير، الأسر في وضعية هشاشة التي لا تستهلك أكثر من قارورة غاز واحدة شهريا”.
وكان إعلان تعويض دعم أسعار مواد الغاز والسكر والقمح بدعم مباشر، قد أثار ردودا متباينة، بين من رحب بالخطوة وأهميتها في استهداف الأسر الأكثر حاجة للدعم، وبين من عبروا عن تخوفهم من هذه الخطوة وتأثيراتها على جيوب فئات واسعة من المواطنين، الذين لا يدخلون ضمن من تعتبرهم الحكومة “فقراء”، بالإضافة إلى أسئلة عن كيفية تنزيل هذا الدعم.
وقال بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن جمعيات حماية المستهلك بالمغرب تدعم التوجه نحو رفع الدعم على المواد الأساسية في شقيه المتعلقين، بالسكر والدقيق فقط، لكن المساس بأسعار الغاز “خط أحمر”، لتأثيراته المرتقبة على القدرة الشرائية. وذكر بخصوص مادة السكر نحن مع تحريرها، لأن المستهلك المغربي يستهلك 33 كلغ سنويا، في حين لا يتجاوز المعدل الدولي 23 كلغ، بالتالي نرى أن هناك فائضا وتبذيرا في الاستهلاك، من الناحية الاقتصادية، شركات المشروبات الغازية وغيرها فقط من يستفيد، ونفس الأمر بالنسبة للقمح، حيث أن تأثير دعمه هزيل على الأسر. وأن خطوة اعتماد الدعم المباشر إيجابية جدا إذا تم تنزيله وتطبيقه بالشكل المطلوب، غير أنه يتساءل حول كيفية تحديد “الفقراء” عن غيرهم، مشيرا إلى أن الوضعية الاقتصادية لمجموعة من الأسر تأثرت بسبب الأزمة الاقتصادية الأخيرة. وأوضح أن رفض جامعة حماية المستهلك المساس بأسعار قنينات الغاز، يعود إلى ان آثاره ستشمل كل الفئات وليس فقط الفقيرة، حيث سترتفع أسعارها إلى أكثر من الضعف، ومع قرار التحرير قد ترتفع بشكل أكبر.