أخبارسياسة

هل انتهى زمن”النفط مقابل الأمن” بين السعودية وأمريكا

قال أيهم كامل، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة أوراسيا الاستشارية للمخاطر السياسية، لجريدة “وول ستريت جورنال”، في 24 من أكتوبر الماضي: أن مقولة “النفط مقابل الأمن ماتت، يبدو أن الجانبين يواجهان مشكلةً في قبول انتهاء تلك الصفقة القديمة”.

صحيح، في جانب منه، لأن السعودية وأمريكا حليفتين تاريخيا، ولا يمكن أن يتخليا عن هذا التحالف ببساطة، رغم ذهاب البعض للقول بأن أمريكا لم تعد بحاجة للنفط السعودي، وأن المملكة العربية لم تعد بحاجة للأمن الأمريكي. قد يكون الجزء الثاني هو الأقرب إلى الصواب، فيما يضل موقف الأمريكيين من النفط السعودي رهين بالسوق العالمية وتقلبات التحالفات وأوبك بلس، وجد متخوفون من سياسات المملكة في سوق الطاقة.

رغم أن الانفتاح الكبير الذي شهدته العربية السعودية في الآونة الأخيرة في عهد الأمير محمد بن سلمان، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا يوحي بأن السعودية صارت أقرب ليكون تحالفها مع الأمريكيين أقوى من ذي قبل، لكن حدث العكس، فما السبب إذن؟

لسبب بسيط، هي الخطة التي أطلقتها السعودية أي “رؤية 2030” والتي كان الهدف منها انفتاح المجتمع، وتشجيع السياحة، وتنويع مصادر الدخل، وصناعة الدفاعات المحلية، الشيء الذي لن يرضي الأمريكيين بالطبع، الذين يريدون دوما تلك التبعية العمياء والحاجة لهم. فهي إذن لم تعد تابعة، بل صارت تشكل منافسا مستقبليا، وقد تتجه لتنويع تحالفاتها في الشرق الأدنى والشمال الشرقي، الأمر الذي سيزعج الأمريكيين جدا.

وبعدما رفضت السعودية زيادة إنتاج النفط، صارت العلاقة جد متوترة بين الطرفين، حيث لا ثقة في الحليف القديم، وصارت العلاقة في أدنى مستوياتها. فقد تغيرت نظرة السعوديين كثيرا للحليف القديم، بعد توقيع الاتفاق النووي مع إيران عام 2015، ومما زاد الشكوك أكثر تخلي الأمريكيين عن الحلفاء الكلاسيكيين بعد ثورات الخراب العربي.

 فقد اعتبر قرار خفض إنتاج النفط من طرف أوبك بلس قرارا داعما للروس في مواجهة الحلف الغربي، الأمر الذي أغضب الأمريكيين وحلفائهم الغربيين. في الوقت ذاته، أعلن مجلس الأمن القومي الأمريكي، أن الولايات المتحدة بحاجة لإعادة تقييم علاقتها مع العربية السعودية بما فيها بيع الأسلحة، كما تعالت أصوات الديمقراطيين أيضا، في الكونكرس بضرورة سحب القوات الأمريكية ومنظومات الدفاع من المملكة السعودية.

يبدو الموقف السعودي قويا، وهو بالفعل قوي، وبحاجة لترميم البيت العربي المدمر منذ 2011، هناك دول أخرى تتخلى عن الحلفاء القدامى كالمغرب وخلافه مع فرنسا مثلا، ويحاول المغرب تنويع تحالفاته واستراتيجياته في العلاقات الدولية، السعودية بحاجة إلى جيران أقوياء وأيضا لاتحاد عربي قوي، لتتحول إلى قوة استراتيجية مضافة إلى الدول العربية الأخرى وهو ما يحتاج إلى مبادرة استراتيجية تجمع كل الدول العربية بشكل تكاملي اقتصاديا وعسكريا، لاحتواء المخاطر والأزمات والتهديدات الخارجية للبلدان العربية.

فالدول العربية بحاجة لبعضها البعض، كل التحالفات مع الغرب أو مع روسيا أو الصين أو الإتحاد الأوربي هي تحالفات هشة على المدى البعيد، البلاد العربية عليها التفكير مليا في أمنها الغذائي واستصلاح الأراضي الزراعية وتطوير صناعاتها الحربية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وتنويع مصادر الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز، وتحقيق تكتل اقتصادي مهم، في مستوى تطلعات الشعوب العربية.

مقالات ذات صلة

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button