نور من نور
هذه لفتة لطيفة للذين يتوضأون وهم يضحكون أو يتكلمون أو يغتابون ووقفة مع الوضوء وجمال فضله ومعناه.
يقول أحدهم سألني صاحبي وهو يحاورني: كيــف تتوضأ؟ قلت ببرود: كما يتوضأ الناس…!
فأخذته موجة من الصمت ثم قال مبتسماً: وكيف يتوضأ الناس..؟
إني لأجزم أن معظم الناس يتوضأون وهم يضحكون أو يتكلمون أو يغتابون..!
وأكمل أما أنا فأتوضأ وأنا في حالة خاشعة شفافة علمني إياها شيخي ، فأجد للوضوء متعة وحلاوة،تأمل كلمات النبوة الراقية فعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرج من يديه كل خطيئة كان بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب ” صحيح مسلم.
ثم حدق في وجهي وقال:
لو أنك تأملت هذا الحديث جيداً، فإنك ستجد للوضوء حلاوةً ومتعةً و ستشعر أن هذا الماء الذي تغسل به أعضاءك، ليس سوى نور تغسل به قلبك..!
وعليك أن تجمع قلبك أثناء عملية الوضوء
قلت: هذا إذن مدعاة لي للوضوء مع كل صلاة ، أجدد الوضوء حتى لو كنت على وضوء ..
نور على نور ..
قال وهو يبتسم،
بل هذا مدعاة لك أن تتوضأ كلما خرجت من بيتك لتواجه الحياة وأحداثها بقلبٍ مملوءٍ بهذه المعاني السماوية.
ثم قلت: والله اني أتوضأ منذ سنوات طويلة غير أني لم استشعر هذا المعنى
انما هي أعضاء اغسلها بالماء ثم انصرف.
…
يقول عُمَر بْنِ الخَطَّابِ رضي اللَّه عَنْهُ عنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ:«ما مِنْكُمْ مِنْ أَحدٍ يتوضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوفَيُسْبِغُ الوُضُوءَ ، ثُمَّ قَالَ: أَشْهدُ أَنْ لا إِله إِلاَّاللَّه وحْدَه لا شَريكَ لهُ، وأَشْهدُ أَنَّ مُحمَّدًا عبْدُهُ وَرسُولُه، إِلاَّ فُتِحَت لَهُ أَبْوابُ الجنَّةِ الثَّمَانِيَةُ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّها شاءَ» رواه مسلم.
وزاد الترمذي: «اللَّهُمَّ اجْعلْني من التَّوَّابِينَ واجْعلْني مِنَ المُتَطَهِّرِينَ»…أمين يارب العالمين
استشعروا هذه المعاني العظيمة وعلّموها لغيركم.
مـَـن أحـَـب الا يَنقَطِع عَمَلُه بَعدَ مَوتِه فَليَنشُر العِلم [ابن الجوزى]
{وَذَكِّرْ فإن الذِّكْرَى تنفع المؤمنين.}