باسم الفرنكفونية.. دولة تنهب قارة !
“الخيرات هنا والثراء هناك في شوارع الشانزيليزي، الجوع والفقر والعتمة هنا والنور هناك في عاصمة الأنوار.”
يحاول العديد من الشباب الأفارقة اليوم، في السنغال، في مالي أو في اتشاد .. توحيد جهودهم من أجل اعتماد الخروج من التبعية الفرنسية، فالجيل الجديد والكثير منه تعلم في جامعات فرنسية، أصبحوا يدركون أن بوجود فرنسا لا يمكن للقارة أن تستقل اقتصاديا ولا سياسيا ولن تحقق أي نهضة تنموية، لأنه ببساطة فرنسا في إفريقيا وخيرات إفريقيا في فرنسا.
فرنسا تعمل جاهدة ومنذ عقود، بحسب العديد من الخبراء الأفارقة، على سحق مطالب الاستقلال المالي والاقتصادي لبعض الدول الإفريقية التي لا تستطيع باريس العيش من دون خيراتها، لذلك تضغط فرنسا على إبقاء البلدان الأفريقية تستخدم نفس عملات الاستعمار.
بالإضافة إلى المشاكل النقدية فالدولة الفرنسية تستحوذ على حديد ويورانيوم ومعادن نفيسة تزخر به القارة السمراء، فالخيرات هنا والثراء هناك في شوارع الشانزيليزي، الجوع والفقر والعتمة هنا والنور هناك في عاصمة الأنوار.
النيجر في الظلام، أكثر من 80 بالمائة من النيجيريين بدون كهرباء ويورانيوم البلد يضيء مصابيح فرنسا. فرنسا الديمقراطية، لا يكفيها يورانيوم النيجر، ذهب مالي قريب ويسهُل استخراجه واستغلاله، ولنترك للماليين الفوضى والانقلابات، النفط في السنغال، والمعدن النفيس الكولتان، الأصل في صناعة التكنولوجيات الدقيقة اليوم يستغل من أراضي الكونغو الديمقراطية حيث الانقلابات والفيضانات ومتمردو ام 23 شرق البلاد وصراع الكونغو ورواندا حول الحدود التي صنعتها فرنسا.
النيجر دولة فقيرة تتوفر على مؤشر التنمية البشرية الأكثر انخفاضا في العالم، وذات نسب بطالة جد مرتفعة، مستويات تعليم جد متدنية، انتشار الأمية والجهل، بنيات تحتية شبه منعدمة، وعدم استقرار سياسي شبه دائم، لكن جوف الأرض النيجيرية غني باليورانيوم الذي تستحوذ عليه الشركات الفرنسية منذ أكثر من 40 عاما وعلى رأسها شركة أريفا. المحزن هو الآثار السلبية التي يتركها استخراج المعدن على الجوار والنتائج الكارثية على البيئة والساكنة القريبة حسب تقارير كرينبيس.
سنة 2009، استطاعت منظمة كرينبيس بالتعاون مع بعض المنظمات غير الحكومية إنجاز رصد علمي موجز لمنطقة المناجم، وقياس حجم الإشعاعات في المياه والهواء والتربة، فكانت النتائج فعلا كارثية. ولأن النيجر هي رابع دولة منتجة لليورانيوم ولأن فرنسا تأخذ كل شيء، فإن النيجر يتبقى لها الفقر والحرمان والأمراض التي تسببها الإشعاعات، والخير لفرنسا.
قال أحد وزراء المناجم في النيجر وهو يتحدث عن فرنسا “خلال 40 سنة، استغلت فرنسا النيجر دون أن تشيد ولو مدرسة على الأقل… ولا مستشفى” دون أن ننسى الظروف الغير إنسانية التي يشتغل فيه الناس هناك لاستخراج المعادن والأجور الهزيلة التي يتلقونها.
هذه هي فرنسا لمن لا يعرفها وهده هي إفريقيا لمن يجهل خيراتها، لمن لم يفهم بعد لماذا أرادوها متخلفة وجاهلة، ولماذا أتقنوا فن الانقلابات والإطاحات وتغيير أنظمة الحكم لتتماشى ومصالحهم.
هذه بعض المعطيات الصادمة عن قارة غنية وشعوب فقيرة، وفرنسا الديمقراطية الثرية:
80 بالمائة مما يستخرج من الموارد والثروات المعدنية في القارة، يُصدر إلى قارات أخرى.
يتم استخراج ثلث الفوسفاط واليورانيوم في العالم… من داخل القارة.
يتم استخراج أقل من ثلاثين بالمائة فقط من الماس في العالم… خارج القارة الإفريقية.
يتم استخراج أكثر من نصف المنغنيز والكروميت وخام الكوبالت في العالم… في إفريقيا.
أكثر من ثلاثة أرباع عمليات تعدين الذهب في العالم، تتم في القارة الإفريقية.
هذه فقط بعض المعطيات البسيطة لواقع إفريقي مؤلم، أجادت فيه فرنسا سياسة النفاق بشكل ممتاز، تنهب خيرات القارة وتقدم المساعدات لشعوبها، إنه الكرم المزيف بغطاء الغطرسة التاريخية والاستغلال البشع.