يقول الله عزوجل “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ” إذن التميز لآدم كان نتيجة للعلم الذى علمه الله عز وجل له وبالعلم اختاره أن يكون خليفة له في الأرض
فكيف يتكون العلم؟!
يقول الله عز وجل “قُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ”
وهذا يعني أن الله خلق آدم عليه السلام وخلق حواء ثم أهبطهما إلى الأرض وهما أصل الانسان يعنى رجل وامرأة يتعايشا معا في الأرض وهذا يعني وجود مصالح مشتركة ، وتنافس عليها ، وتوافق حولها ، وصراع ، وخلاف ، وتفاوض ، وتعاون ، وقبل هذا وبعده تدبير المعايش.
ومعنى هذا الكلام أنه يوجد سياسة واقتصاد وقوة صلبة وقوى ناعمة وهى الأسس التى تتعاظم بها القدرة وكل ذلك منذ نشأة الخليقة.
وهذا يدفعنا إلى السؤال الضرورى ألا يوجد مفكر واحد أو مؤرخ أو باحث على مر العصور التى تصل إلى آلاف السنين ليسجل لنا ملاحظاته وأبحاثه حول الادارة والسياسة والاقتصاد والعلوم والفنون؟!
يقول الله عز وجل :” واتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأ ابْنَيْ آدَمَ بِالحَقِّ إذْ قَرَّبا قُرْبانًا فَتُقُبِّلَ مِن أحَدِهِما ولَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قالَ لَأقْتُلَنَّكَ قالَ إنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِين َلئِنْ بَسَطْتَ إلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أنا بِباسِطٍ يَدِيَ إلَيْكَ لِأقْتُلَكَ إنِّي أخافُ اللَّهَ رَبَّ العالَمِينَ إنِّي أُرِيدُ أنْ تَبُوءَ بِإثْمِي وإثْمِكَ فَتَكُونَ مِن أصْحابِ النّارِ وذَلِكَ جَزاءُ الظّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأصْبَحَ مِنَ الخاسِرِينَفَبَعَثَ اللَّهُ غُرابًا يَبْحَثُ في الأرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأةَ أخِيهِ قالَ ياوَيْلَتا أعَجَزْتُ أنْ أكُونَ مِثْلَ هَذا الغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأةَ أخِي فَأصْبَحَ مِنَ النّادِمِينَ”.
تعلم ابن آدم من ملاحظاته للغراب .
وهذا يشير إلى أن العلوم تتولد من الملاحظة والتجربة ويمكن فهم ذلك من خلال توجيه الله تعالى بقوله:
” أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ”.
وهى دعوى لأن نرى ونسمع ونعقل ما يدور حولنا لتنمو معارفنا وتتعاظم قدراتناوهل العلوم إلا مجموعة المعارف والأنظمة التى تهتم بالعالم المادى وظواهره ومتابعة المعرفة التى تقود إلى الحقائق العامة أو القوانين الأساسية التى تنبني على أساس الملاحظات غير المنحازة والتجارب المنهجية.
والمنطق يسلم يقرر بوجود هذه العلوم من قديم ويؤكدها الواقع في الحضارات القديمة الفرعونية والبابلية والأشورية السومرية وحضارة وادى السند ، وحضارة المايا ، والحضارة الرومانية وحضارة الأزتك والحضارة الأغريقية ، وحضارة الأنكا والحضارة الفارسية والحضارة الصينية.
وأهم ما يمز الحضارة هو العلم والثقافة والقوة والاقتصاد والبحوث تكشف لنا عن التقدم الهائل في الطب على سبيل المثال في الحضارة الفرعونية
والسؤال يطرح نفسه أين هذه العلوم؟!
ربما يكون قد اندثرت هذه العلوم أو تم أخفاؤها بفعل فاعل إلا أن ما نؤكد عليه أنه ليس من المنطقي ألا يوجد ملاحظ أو باحث في كل هذه الحضارات حتى تخرج علينا بعض الدول الحديثة العهد بالعالم لتقرر أنها أصل العلوم في كل فروعه.
وتضغط على تصوراتنا بالميديا التى تمتلكها لترسخ ذلك في أذهاننا .
يقول الله غز وجل لنبيه صلي الله عليه وسلم:” أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْفَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ”والتذكرة تكون للتنويه بعلم سابق فما هو العلم السابق ؟!
إنه السنن والتوازن الذى خلقه الله في الكون يدركه الانسان ببصره وحواسه ويفطن إلى مدلولاته لتتولد من الملاحظات المتراكمة نظريات ومناهج تنفع الانسان فى خلافته في الأرض وعماراتها وتدل بالضرورة على أن لهذا الكون خالق واحد لا شريك له .
ولكن ما هي العلوم الذى أدركها الانسان؟
إذا كان العلم وليد الملاحظة والتجربة فإنه يمكن تقسيمه إلى قسمين كبيرين:
القسم الأول: العلوم الاجتماعية : وهي التى تتناول السلوك البشري في الجوانب الاجتماعية والثقافية
القسم الثانى : العلوم الطبيعية: وهي العلوم التى تهتم بدراسة الخواص الفيزيائية المادية غير البشرية لكافة الظواهر الموجودة على الأرض وكذلك النظم المعقدة والنجوم والكواكب بل ويشمل جميع النظم الخاصة بالتطور الفيزيائى أو البيولوجى والتى تشكل معا موضوعا متعدد التخصصات للتطور الكونى: وهذا يؤكد لك أنك انسان كأى انسان من حقك أن ترى وتسمع وتعقل لتبتكر وتساهم في عمارة الأرض ويؤكد وحدانية الله عز وجل وهيمنته على هذا الكون.
وصدق الله القائل في كتابه الكريم:
سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ””