الحدث الافريقي/ حنان الطيبي
(… هذا هو بيتك، والأرض هي الخيمة التي تجمعنا..)، هذه العبارة الملهمة هي مقتطف من الحديث الروحي والإنساني الذي دار بين غانم المفتاح والممثل الأمريكي العالمي مروغان فريمان في افتتاح كأس العالم بقطر.
لاشيء أجمل واروع من ذلك المشهد الراقي بامتياز، حيث ظهر غانم المفتاح المواطن القطري أمام الحضور ليحكي قصته بأدق التفاصيل، من دون تردد او خجل من إعاقته التي قال عنها إنها مصدر قوته وشغفه بالحياة.
غانم المفتاح هو ابن الدوحة يبلغ 19 سنة، ولد بدون رجلين، بسبب متلازمة التراجع الذيلي، وهي حالة نادرة تحدث مرة كل 25 ولادة حية عالميا.
هو رائد أعمال ولاعب كرة القدم ومتسلق لأعلى الجبال وغطاس، وهو أيضا طالب في شعبة العلوم السياسية ومؤثر قطري ويتابعه فقط على الأنستغرام حوالي مليوني شخص.
بكل ثقة في النفس ورباطة جأش، تقدم غانم القطري امام جمهور عريض وقنوات فضائية من كل بقاع العالم، ليلقي التحية ويرحب بمروغان فريمان، ثم ليحكي عن قصة ولادته وقرار أمه في منحه الحياة بعد ان خيرها الأطباء بين الإجهاض والاحتفاظ بالحمل فقررت تنفيذ مشيئة الله تعالى والسماح لغانم وهو جنينا بالحق في الحياة.
يقول غانم المفتاح بابتسامة ثابتة وقلب مليء بالحب: (إن جدتي كانت من بين من تمنوا لي الموت رحمة بي، وإن الأطفال الذين كنت أحب اللعب معهم كانوا يطلقون علي أسماء جارحة، مثل الحية والسمكة والضفدع.. ، وكل هذا الرفض كنت أقابله بالرضى، فطالما كانت تقول لي والدتي أنني من المستحيل ان اغير كل الناس، لكني استطيع تغيير نفسي..).
بهذا الموقف الصلب والصامد، استطاع غانم المفتاح خطف كل الأضواء نحوه، حتى من مورغان نفسه، الذي مد إليه يده في آخر الحديث التعايشي الذي دار بينهما، كناية على أن الروح أسمى من الجسد، وأن هذا الأخير ما هو إلا مادة فانية، أما الروح فلا تموت أبدا وهي الأكثر خلودا، وليس الإنسان شكلا ولا وسامة ولا هيأة، بل هو مضغة في فحواه، إذا صلحت صلح كل الجسد وإذا فسدت فسد كل الجسد، لذلك وجب ان يرقى العالم إلى التعايش الروحي قبل الأجساد والأجناس.
