نعيد اليوم كتابة رسالة جديدة، لعلها تجد آذانا صاغية في منطقتنا المغاربية، وبدون كلل نواصل رسالتنا الإعلامية الهادفة للمّ الصفوف، بين الأشقاء في دول المغرب الكبير، لعلها بادرة خير لجمع شمل الدول 22 المكونة لوطننا العربي، في زمن التكتلات والتحالفات الدولية.
فقد أدى صراع السياسة العمياء، وأفكار السياسيين العرجاء، إلى العديد من الأزمات بين الدول وبين الشعوب الشقيقة، صراع من أجل الفتنة وتشتيت ما تبقى من معاهدة سايس بيكو، وتفكيك المجتمع العربي أكثر. فقد تفاقمت مؤخرا حدة العداء بين الأشقاء على السوشيال ميديا، يغذيها إعلام بدون قيم ولا أخلاق، إعلاميون بلا مبادئ ينشرون الأكاذيب ويشعلون الفتن أكثر.
المغرب كبلد وشعب، لم ولن يعتدي يوما على أراضي الغير، بل من شيمه احترام الجيران وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لجيرانه. قدم يد المساعدة للثورة الجزائرية وآوى الثوار، ساعد نيلسون مانديلا واستقبله دفاعا عن الحقوق المشروعة. المغرب لم يكن معتدي يوما ورغم ذلك تعرض لطعنات وخيانة الأشقاء الذين قدم لهم المساعدة البارحة.
كان من المفروض أن يكون للشعب والنخبة المثقفة وأحرار الإعلام دور في ما يجري، لكن للأسف انساق الإعلام المأجور وراء أوهام الجنرالات الذين فعلوا كل شيء بأموال الشعب الجزائري إلا تنمية البلد وتوفير العيش الكريم لمواطنيه رغم الإمكانيات والثروات الطبيعية.
كان مفترضا أن تكون الأخوة وروابط الدم التي تجمع الشعبين حاجزا أمام تفاقم الأزمة وتمادي جنرالات قصر المرادية في الجري وراء السراب، لكن إعلامهم يواصل نشر الشائعات والأكاذيب التي تتناول القضية والعلاقة مع الجيران المغاربة، دون أدلة وبدون سبب مقنع لذلك.
منذ أكثر من خمسة وأربعين سنة ونظام العسكر يضخ الملايير لشراء اعتراف الدول بالجمهورية الوهمية، يسابقون الزمن لتشويه سمعة المغرب، وهاهي اليوم تتساقط كأوراق الخريف، بفضل دبلوماسية حكيمة ودفاعا عن الحق ولأن الحق يعلو ولا يعلى عليه.
ما هي المكاسب التي حققها قطاع الطرق منذ أكثر من أربعة عقود من وجودهم فوق التراب الجزائري سوى استنزاف خيرات البلد التي من المفروض أن تخصص للتنمية والبلد أولى، وماذا ربح الجنرالات من ذلك سوى تبذير الأموال. والسؤال الجوهري والأعمق، ماذا استفاد الشعب الجزائري الشقيق من كل هذا؟
فقد عاد المغرب للإتحاد الإفريقي، العودة التي أظهرت ضعف النظام الجزائري في أعين أولئك الذين اشتراهم بالأمس بأموال الشعب. حيث واصل المغرب خطاباته، المفعمة بالود والأخوة ونضج وسلوك راقي ونبل الشرفاء، في كل مناسبة مطالبا بفتح الحدود وطي صفحة الماضي وتحقيق التكامل الاقتصادي المأمول خدمة لشعوب المنطقة وحلم اتحاد دول المغرب الكبير، إنه الدرس الأخلاقي الذي يجب أن يفهمه حكام المرادية ويستوعبوه.
مؤسف أن نرى فقط بعين واحدة، مؤسف أن لا نقف لنساءل الذات والواقع والتاريخ والجغرافيا عن ما يحصل، لا يمكن أن نستمر في تعاملنا مع ما يحدث بسياسة النعامة ووضع الرأس في الرمل، التحالفات والتكتلات والأخطار الخارجية لا ترحم ونحن لا زلنا نصارع الزمن ونتصارع فيما بيننا من أجل مخلفات الاستعمار ومن أجل رغبات فنتازية لجنرالات قصر المرادية.
نتأسف على ضياع فرص النجاح التي كان من الممكن استثمارها، وتأجيل تحقيق التكامل الاقتصادي المغاربي الذي يخدم مصلحة الشعب المغاربي، لكن نحمل الكثير من الآمال والثقة في المستقبل وفي الشعب الشقيق الذي أصبح يرى الواقع جليا أمامه، ثقتنا كبيرة في النخبة المثقفة والإعلام الحر الصادق والحراك الشعبي في طي صفحة الماضي وإنهاء ما بدأه النظام العسكري منذ انقلب بومدين على الشرعية الثورية في ما سمي البيان رقم واحد الذي أصدره بومدين بتاريخ 15 يوليوز 1961 على الحكومة المؤقتة برئاسة يوسف بن خدة ومنذ ذلك الحين توارث العسكر حكم قصر المرادية وتداولوا السلط بينهم.
لقد تغير العالم أيها الأشقاء، تغيرت المفاهيم والقناعات إلا عقول الجنرالات وحقدهم للجيران الذي أورثوه لأجيالهم، فقد تمادى الجنرالات كثيرا، ليصل بهم الأمر حد منع الباحثين والمثقفين من المشاركة في لقاءات وندوات مع المغاربة، أي خزي وعار حين تصل وقاحة السياسة إلى حدود الثقافة.
أظن حان الوقت ليقول الشعب والنخب المثقفة كلمتهم، وتفتح الحدود ونطوي الخلافات للأبد، ونبني غدا أفضل لنا ولأجيالنا القادمة في محيط مغاربي كبير، غني بالتنوع الثقافي واللغوي والحضاري ويزخر بكل الإمكانيات الطبيعية والبشرية لتحقيق نهضة حقيقية.
إنها دعوة للحوار والسجال من أجل مستقبل أفضل لنا ولأجيالنا القادمة، حتى لا تحاسبنا أجيال الغد بما عجزنا اليوم عن نقاشه … ولكم الكلمة …