أثناء جلوسي بنادي المشاهدة ومتابعة مباراة المغرب وإسبانيا وجريا على عادتي في الملاحظات والتأمل . كنت أستفسر نفسي ما الذي يجعل الأنفاس تعلو وتهبط بهذا القلق العاصف . والحماس الذي مرات يكاد ان يقاسم الفريق الأحمر المغربي ركلاته !
1
ما السبب الذي يجعل عمال بناء وصنايعية ورجال شرطة واصحاب متاجر وسابلة وطبيب وصحفي ومهندس تتكتم انفاسهم وترهق اللحظات أعصابهم . الكل كان كانه في طنجة او مراكش . الكل لسبب غريب تعالت بداخله رغبة مجمرة لخسارة أسبانيا ! صحيح ان الإنتماء الجغرافي والتقسيم المناطقي يبرر ذلك لكن لأمر ما فهمته شعرت برغبة البعض في خسارة مذلة للأسبان . رغم ان ذات النادي لا يتابع رواده سوى الدوري الأسباني لدرجة انهم يعرفون الكثير عن الفريق الابيض بما في ذلك الطاقم الفني.
2
مع كل هجمة مغربية يقف البعض يصيح . فإن ارتدت وطاشت صاح الناس بين نداء الحمد وشكر اللطف . وتصاعد هذا التوتر الجنوني مع دخول ازمان الوقت الإضافي . خشيت ان يستقبل مرمى (بونو) هدفا فيسقط قسم السيد ميتا ! قسم السيد دعوه . فكاتب السطور نفسه للحظة ما أحس انه قد يشل ! خاصة عندما رفع الحكم الخارجي قبل الوقت الإضافي زمن مستقطع بلغ تسع دقائق واضاف اليها ثلاثة في الاشواط الاضافية ! الشتم الذي طال التحكيم لحظتها كان شنيعا !
3
ضربات الترجيح شهدت فيها عجبا . خرج البعض يستغشي ثيابه على اذانه ! بائعة الشاي العجوز تسمرت . لا تعرف إسبانيا لكنها كانت كأم مغربية . الكل بلغ لحظة كرب عظيم . كلما اطاح الاسباني بركلة اختلطت الصيحات بالتكبير والاهتزاز الجنوني حتى إكتمل العسر نصرا . قامت حلقة مجنونة بشكل مدهش . جنون كحد الجنون . ضج الحي بابواق سيارات وصرخات وضجيج مدهش . كنت التقط كل هذه الخيوط .
سودانيون يدعمون أخ لهم من حواف المحيط . لكن لسبب ما لم أميزه تلمست شماتة وبغض يتغيظ لأسبانيا . كنت اعذر المغاربة وحرارة عزمهم فبينهم وما بعد مضيق جبل طارق حكايات ومرارات وتفاصيل . لكن ما بال هؤلاء السمر . شعرت بسخونة غضبهم على اسبانيا ! هل هي رمزية لرفض نفسي اما الذي يجري .
فقد لاحظت مثلا في فوز الكاميرون على البرازيل ان ذات الحضور فرح لكنه لم يشتط . ظللت منذ ساعات أتحسس أمشاج تغذت اليوم بنبض الأرحام رغم فواصل الزمان والمكان .
عدت لإستفهام قديم عند أهلي إن راقتهم الدنيا فبذلوا الثناء للارض شكرا قالوا (الديار تلاتة . مكة المكرمة . وتونس الخضراء والكلكلة عندك دي ) ينسجون في لحظة خطوط وعرض بين الحجاز وشمال أفريقيا وجنوب جنوب دارفور وبعضهم له من البقاع الثلاثة الكلكلة عيشا وممات !