أثارت صحيفة “لابانغوارديا” الإسبانية العديد من المشاعر السلبية في نفوس المغاربة، حين استبقت مباراة ثمن نهائي كأس العالم المقامة حاليا في قطر بين منتخبي “أسود الأطلس” و”لاروخا”، ووصف المغرب بفريق “الأمم المتحدة”، كِنَاية عن عدد اللاعبين الذين يحملون قميصه رغم أنهم ولدوا في بلدان أخرى، لكن التقرير أغفل في المقابل التطرق إلى كون المنتخب الإسباني صار أكثر اعتمادا على لاعبين من جنسيات أخرى.
وأشار التقرير إلى 14 لاعبا ولدوا خارج المغرب، من بينهم “اثنان ولدوا في إسبانيا”، أحدهما هو أشرف حكيمي اللاعب السابق لفريق ريال مدريد، والثاني، الأكثر إثارة للجدل، هو منير المحمدي الذي حرس سابقا مرمى فريقي نومانثيا ومالقا الإسبانيين قبل أن ينتقل إلى تركيا ثم السعودية، والمزداد بمدينة مليلية، وهي المدينة التي يطالب المغرب بالسيادة عليها، مشيرا إلى اللاعبين الذين ولدوا في دول مثل فرنسا وهولندا وبلجيكا وكندا وإيطاليا.
ونلاحظ بالعودة إلى اللائحة الحالية للمنتخب الإسباني، أنه وعكس المنتخب المغربي الذي بنسبة مائة في المائة يضم لاعبين من والدين مغربيين أو على الأقل من أب أو أم مزدادين في المغرب، فإن المدرب الحالي لويس إنريكي مستمر في اصطياد مواهب البلدان الأخرى، على غرار أنسو فاتي، لاعب برشلونة الصاعد البالغ من العمر 20 عاما، فالأمر يتعلق بشاب من مواليد غينيا بيساو، البلد الذي هاجر منه أبواه ليستقرا في إشبيلية، ووالده سبق أن احترف في أحد أندية الدرجة الثانية في البرتغال.
وبشكل أوضح برز اعتماد إسبانيا على المواهب الإفريقية بشكل “براغماتي” في حالة اللاعب نيكو ويليامز، ذو الأصل الغاني، فهذا النجم الصاعد المزداد في بامبلونا شمال إسبانيا، والذي يلعب لفريق أتليتيكو بيلباو، كان سيُمثل منتخب غانا في كأس العالم، على غرار القرار الذي اتخذه شقيقه الأكبر وزميله في الفريق الباسكي إينياكي ويليامز، لكن دعوة إنريكي له تسببت في تغيير رأيه، ليخلق إحدى الحالات الفريدة في مونديال قطر، حيث يلعب شقيقان لمنتخبين مختلفين.
ويبرز في قائمة إسبانيا المونديالية إسم آخر، مجنس بشكل صريح هذه المرة، ويتعلق الأمر بإيمريك لابورت، المزداد في مدينة “آجن” في جنوب غرب فرنسا، فهذا اللاعب البالغ من العمر 28 عاما بدأ مساره في الأندية الفرنسية قبل أن ينتقل إلى أتليتيكو بيلباو الإسباني الذي ترتكز سياسته على استقدام اللاعبين المتحدرين من منطقة الباسك بشقيها الفرنسي والإسباني، وقد لعب مدافع مانشستر سيتي حاليا لمختلف الفئات السنية لفرنسا، قبل أن يُغير جنسيته عام 2021 للمشاركة مع المنتخب الإسباني في كأس أمم أوروبا ثم حاليا في المونديال.
ورغم أن المنتخب الإسباني تاريخيا اعتمد على عدة لاعبين مجنسين، أشهرهم الأرجنتيني ألفريدو دي ستيفانو والمجري فرينتس بوشكاش، إلا أن إسبانيا أضحت تعتمد على اللاعبين المجنسين بشكل مستمر منذ كأس العالم 2006، حين ضمت قائمتها اللاعب البرازيلي الأصل ماركوس سينا، المزداد في ساو باولو والذي قضى خمسة أعوام من مشواره الكروي في أندية البرازيل قبل أن يحترف في “الليغا”، ولكنه لم يتلقَ دعوة للمشاركة مع منتخب “السيليساو” ليقبل بتمثيل “الماتدور” الذي فاز معه بكأس أمم أوروبا عام 2008.
واستمرت هذه السياسة بعد ذلك مع لاعبين مثل تياغو ألكانتارا، لاعب برشلونة وبايرن ميونيخ سابقا وليفربول حاليا، وهو لاعب من أصل برازيلي مزداد بمدينة سان بييترو فيرنوتيكو بإيطاليا، وشقيقه رافينيا ألكانتارا سبق أن مثل منتخب البرازيل، ثم مع دييغو كوسطا، لاعب أتليتيكو مدريد السابق ووولفرهامبتون الإنجليزي حاليا، الذي مثل بالفعل البرازيل في مبارتين وديتين قبل أن تُجنسه إسبانيا، ورودريغو مورينو، المولود في ريو دي جانيرو، الذي جُنِّس خلال فترة لعبه لفالينسيا، وجميعهم شاركوا مع إسبانيا في مونديال روسيا 2018 التي واجهت فيه المغرب، وحينها سجل رودريغو تحديدا الهدف الثاني للإسبان.