(يامن تعب يامن شكه يامن على الحاضر لكه ). مثل شعبي وأغنية للراحلة زكية جورج (١٨٧٩-١٩٦٦)، توالى على غنائها مطربون آخرون.
ومعناها ان هناك من يتعب ويشقى ويسهر الليالي ويذرف الدموع ويضحي بالغالي والنفيس حتى يشتد عود الابن او الابنة أو الحبيب، ثم يأتي من يتلقفه على الحاضر دون عناء وجهد، وانفاق وقلق.
أبيات شعر الدارمي تقول :
آه العواذل آه بالقهر ذبوني
اخذوا حبيب الروح من عندي وآذوني
يامن تعب يامن شكه
يامن على الحاضر لكه
خلاني بالحسرات ياخلك محبوبي
ذاب القلب من غاب منيتي ومطلوبي
يامن تعب يامن شكه
يامن على الحاضر لكه
آنه التعبت وياك وآنه اللي باريتك
لكن تود للغير ياولفي مدريتك
يامن تعب يامن شكه
يامن على الحاضر لكه
حافظتك من الناس بالكلب ضميتك
لوادري بيه تخون ياولفي مهويتك
يامن تعب يامن شكه
يامن على الحاضر لكه
توقفت عند ذلك وانا اتابع المسلسل العراقي (الحيرة)، الذي جعلني في حيرة من أمري، وهو يعرض على عدة قنوات منها الـ (أم بي سي عراق). راعني وآلمني طريقة تعامل الابن(كمال) مع والده (عدنان) ، وان كان الأخير قد ظلم نفسه وغيره ، لكن لامجال للافساد والخروج عن المألوف. من ذلك المفردات التي وجهها لوالده ومنها (ماعندك عقل..أستحي اكول انت أبويه .. بأي حق انت تجي لهنا) . وفي أحد المشاهد يطرده من بيت خطيبته وهو ينظر اليه شزرا. وفي آخر يمسك يد والده حينما رفعها للتخويف بضربه، أو سكوته أمام خطيبته وهي توبخ والده، وغيرها من مهاوي التردي والانحدار الأخلاقي. وهذا يناقض دور شقيقه (جمال) الذي يدعو فيه الى النزاهة والعفة والفضيلة.
عجبي من المشرفين ولجان الرقابة، كيف مرروا ذلك؟، وكيف سمحوا بالتثقيف على تشجيع الشباب على التمرد وعدم احترام والديهم؟!، وكيف يوحون اليهم بالجحود والعقوق ونكران الجميل؟، وهل هذه تتوافق مع التربية الاعلامية التي يجب ان يتحلى بها المسؤول المعني و القائم بالاتصال المفترض بهما الأمانة والحفاظ على الأخلاق الحسنة والقيم العالية، وهم يقومون باعداد خطاباتهم الاعلامية، وتصميم رسائلهم الاتصالية نحو المتلقي ، ايا كانت ثقافته أوديانته أو تباين مركزه الاجتماعي او الاقتصادي، وتحقيق تفاعلية ايجابية ذات رجع صدى ايجابي.
هذا الحال أثر بي كثيرا دون غيره، ليس كوني أب وجد، ولكن كاستاذ اعلام أعلم ان التربية الاعلامية إضافة لماذكرت تعني: “إعداد الإعلاميين لأداء العملية التربويّة، أو المساهمة فيها بكلّ أبعادها، سواءً كانت قيماً وثوابتاً مكتوبةً، أو متعارفاً عليها، ولا بدَّ في هذا المجال من تكامل الأدوار بين الإعلاميين والتربويين لتحقيق هذه الغاية، ولا سيَّما أنّنا في زمن كثرت فيه المشاكل الناتجة عن الانحراف الذي تعدّدت مبرراته ومسوغاته، فالإعلام المتوازن والهادف والمسؤول يجب أن يأخذ دوره الإيجابيّ في إحداث التربية المنشودة، تعزيزاً وترسيخاً، وتغييراً، وتعديلاً”*.
ولاأريد التعليق على قضايا أقل خطورة وأهمية، مثل منح دور تمثيلي في هذا المسلسل الدرامي لاحدى البطلات الشابات دون استحقاق أو ملائمة، ويبدو ان (الواسطات) تغلغلت الى الفن (والجمهور مش عايزة كدة)!!.
أيها السادة: احذروا الاعلام فانه ذو حدين. واتقوا الله بدينكم وعاداتكم وتقاليدكم وأبناءكم، ولاتسيئوا للوالدين، ولاتحرضوا أبناءهم ان يقولوا لهم أف أو ينهروهما. واعلموا ان الدنيا (دوّارة) وعلى الباغي تدور الدوائر.
(ويامن تعب يامن شكه يامن على الحاضر لكه)!!.
*مفهوم التربية الاعلامية، ابراهيم العبيدي، موضوع ، ١٧-أغسطس٢٠١٨